حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم بيع المحرمات من الخمر والخنزير والميتة والأصنام والدم؛ لأنها نجس عين

عن ابن عباس قال: بلغ عمر أن فلانًا باع خمرا، فقال: قاتل اللَّه فلانًا، ألم يعلم أن رسول اللَّه ﷺ قال: «قاتل اللَّه اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها».

متفق عليه: رواه البخاري في البيوع (٢٢٢٣)، ومسلم في المساقاة (١٥٨٢) من طريق سفيان ابن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني طاوس، أنه سمع ابن عباس يقول فذكره.

عن ابن عباس قال: بلغ عمر أن فلانًا باع خمرا، فقال: قاتل اللَّه فلانًا، ألم يعلم أن رسول اللَّه ﷺ قال: «قاتل اللَّه اليهود، حرمت عليهم الشحوم، فجملوها، فباعوها».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه ابن عباس رضي الله عنهما عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حديث عظيم، يحمل في طياته تحذيرًا شديدًا من التحايل على أحكام الله تعالى، وبيانًا لخطورة هذا الفعل.

نص الحديث:


عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: بلغ عمر أن فلانًا باع خمرًا، فقال: قاتل الله فلانًا، ألم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «قاتل الله اليهود، حُرِّمَت عليهم الشحوم، فجَمَلُوها، فباعوها».


1. شرح المفردات:


* بَلَغَ عُمَرَ: وصل إلى علم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
* فَلَانًا: يُقصد به شخص معين، والحديث يذكر القصة دون التصريح باسمه للعبرة لا للشخص.
* خَمْرًا: كل ما خامر العقل وغطاه من المسكرات.
* قَاتَلَ اللَّهُ: دعاء عليه بالهلاك واللعنة، وهو من باب الدعاء بالعقوبة على من يعصي الله ويتحايل على شرعه، ويبين غضب عمر الشديد من هذا الفعل.
* الشُّحُوم: دهون الحيوانات التي حرمها الله على اليهود، كما في قوله تعالى: {وَعَلَى الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا كُلَّ ذِي ظُفُرٍ وَمِنَ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إِلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا أَوِ الْحَوَايَا أَوْ مَا اخْتَلَطَ بِعَظْمٍ} [الأنعام: 146].
* فَجَمَلُوهَا: من "التجميل"، أي أذابوها وصهروها حتى أصبحت سائلًا (سمنًا أو دهنًا مذابًا) ليغيروا هيئتها ويتلاعبوا في حكمها، فكأنهم جمّلوها وغيّروا شكلها القبيح (شحم الخنزير أو المحرم) إلى شكل مقبول.


2. شرح الحديث:


* الموقف الأصلي: علم الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه – وهو الحريص على تطبيق شرع الله – أن رجلًا مسلمًا قد ارتكب معصية عظيمة وهي بيع الخمر، وهو أمر محرم بنص القرآن والسنة وإجماع الأمة.
* رد فعل عمر: استشاط عمر غضبًا لهذا الفعل، ودعا على هذا الرجل بقوله "قاتل الله فلانًا"، وهذا الدعاء ليس من باب الثأر الشخصي، بل هو غضب لله تعالى وانتصار لحرماته، وتنبيه للأمة على عظم هذه الجريمة.
* استدلال عمر بالحديث النبوي: لم يكتف عمر بالإنكار فقط، بل استدل على قبح هذا الفعل وشناعته بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يذكر فيه حال اليهود. فقد حرم الله عليهم الشحوم، فلم يمتثلوا لأمر الله مباشرة، بل لجأوا إلى حيلة محرمة، حيث أذابوا هذه الشحوم المحرمة وباعوها (أي باعوا عين المحرم بعد تغيير شكله)، فكأنهم استحلوا المحرم بالتحايل.
* القياس الشديد: شبه عمر بائع الخمر بهؤلاء اليهود، فالخمر محرمة بنص قاطع، فإذا جاء مسلم وباعها، فهو يشبه اليهود في تحايلهم على المحرم، لأنه يروج للمحرم ويبيعه ويجعله متداولًا بين الناس، وهذا من أعظم الإعانة على الإثم والعدوان.


3. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم بيع الخمر وكل المسكرات: وهذا مجمع عليه، ومن باعها فهو آثم، والمال المكتسب منها حرام وخبيث.
2- تحريم التحايل على المحرمات: الحديث أصل عظيم في ذم التحايل على الشرع. فالممنوع لا يصح بحيلة، فمن حرم الله أكل مال الغير، لا يصح أن يأخذه بهبة أو قرض لا يرده. ومن حرم الربا، لا يصح أن يحاول استحلاله بصور وحيل. فالمقصود هو روح الشريعة وحكمتها، لا مجرد النص واللفظ.
3- الغضب لله تعالى: يبين لنا الموقف غيرة عمر رضي الله عنه على دين الله، وغضبه عندما تنتهك حرمات الله، وهذا من صفات المؤمنين القوية.
4- الاستدلال بالقصص والعبر: استخدم عمر القصة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهود ليعظ المسلمين ويحذرهم من الوقوع في مثل فعلهم، فالحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها.
5- النهي عن الإعانة على المعصية: بيع الخمر إعانة للشاربين عليها وتسهيل لهم، وقد قال الله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].


4. معلومات إضافية:


* الحديث في الصحيحين: هذا الحديث رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما، مما يؤكد على صحته وقوته.
* الفرق بين التغيير المباح والتحايل المحرم: ليس كل تغيير للصورة تحايلًا محرمًا. فمثلاً، تحويل العنب إلى خل مباح لأنه انتقل من حالة الإسكار إلى حالة الإطلاق. أما إذابة الشحوم المحرمة فهي لم تخرجها عن حقيقتها المحرمة، بل هي نفس العين المحرمة لكن بشكل آخر. فالعبر
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢٢٢٣)، ومسلم في المساقاة (١٥٨٢) من طريق سفيان ابن عيينة، حدثنا عمرو بن دينار، أخبرني طاوس، أنه سمع ابن عباس يقول فذكره. واللفظ للبخاري، وجاء فلان مصرحا باسمه عند مسلم أنه سمرة بن جندب رضي الله عنه.
وقد اختلف أهل العلم في كيفية بيع سمرة للخمر على ثلاثة أقوال، حكاها الحافظ في الفتح (٤/ ٤١٥) عن ابن الجوزي، والقرطبي، وغيرهما:
أحدها: أنه أخذها من أهل الكتاب عن قيمة الجزية، فباعها معتقدا جواز ذلك.
والثاني: يجوز أن يكون باع العصير ممن يتخذها خمرا.
والثالث: أن يكون خلّل الخمر، وباعها معتقدا جواز ذلك، وكان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها، كما هو قول أكثر العلماء.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 374 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

  • 📜 حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: تحريم بيع المحرمات وذم التحايل عليها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب