الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

عن ابن عباس قال: أهدى رجل لرسول اللَّه ﷺ راوية خمر، فقال له رسول اللَّه ﷺ: «أما علمت أن اللَّه حرمها» قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له ﷺ: «بم ساررته؟» فقال: أمرته أن يبيعها. فقال له رسول اللَّه ﷺ: «إنّ الذي حرم شربها حرم بيعها». ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.

صحيح: رواه مالك في الأشربة (١٢) عن زيد بن أسلم، عن ابن وَعْلة المصري، أنه سأل عبد اللَّه بن عباس عما يُعصر من العنب، فقال ابن عباس فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

الحديث:

عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أهدى رجل لرسول الله ﷺ راوية خمر، فقال له رسول الله ﷺ: «أما علمت أن الله حرمها» قال: لا، فساره رجل إلى جنبه، فقال له ﷺ: «بم ساررته؟» فقال: أمرته أن يبيعها. فقال له رسول الله ﷺ: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها». ففتح الرجل المزادتين حتى ذهب ما فيهما.

شرح المفردات:

● راوية: وعاء كبير من الجلد يُخزن فيه السوائل مثل الخمر والماء.
● خمر: كل ما خامر العقل وغطاه من المسكرات.
● ساره: أي كلمه بكلام خفي وسري.
● المزادتين: جمع مزادة، وهي القربة الكبيرة التي تُحمل على الدابة.

شرح الحديث:

1- الموقف الأول: قدم رجل هدية لرسول الله ﷺ وهي وعاء مملوء بالخمر، ظنًا منه أن هذه هدية مقبولة.
2- التعليم النبوي: بيّن النبي ﷺ لهذا الرجل أن الله تعالى قد حرّم الخمر، وسأله إن كان يعلم هذا الحكم.
3- الجهل بالحكم: أجاب الرجل بأنه لا يعلم تحريم الخمر، مما يدل على أن التحريم كان حديثًا أو أن الخبر لم يصل إليه.
4- الهمس الخاطئ: حاول أحد الجالسين مساعدة الرجل همسًا بإخباره أن يبيع الخمر ليستفيد من ثمنها.
5- الاستفسار النبوي: لاحظ النبي ﷺ هذا الهمس فسأل الرجل عن مضمونه.
6- الحكم الشامل: أوضح النبي ﷺ قاعدة شرعية كبرى وهي أن ما حرم الله استعماله حرم أيضًا الاتجار به وبيعه، فقال: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها».
7- الاستجابة الفورية: فهم الرجل الحكم فقام فورًا بإتلاف الخمر بإفراغها على الأرض تطبيقًا لأمر الله ورسوله.

الدروس المستفادة:

1- تحريم الخمر بجميع أنواعها وهو إجماع من أهل العلم، وهي من الكبائر.
2- تحريم بيع الخمر والاتجار بها لأن بيعها إعانة على المعصية وتسهيل للوصول إليها.
3- القاعدة الشرعية: "ما حرم استعماله حرم بيعه" وتنطبق على جميع المحرمات كالمخدرات والخنزير وآلات اللهو المحرمة.
4- التنبيه على الخطأ بلطف كما فعل النبي ﷺ حيث لم يعنف الرجل بل علمه برفق.
5- الاستجابة السريعة لأحكام الشرع كما فعل الرجل عندما أدرك الحكم لم يتردد في إتلاف الخمر.
6- عدم جواز الهدية في المحرمات فلا تصح هدية ما حرم الله.
7- الحكمة من التحريم حفظ العقول والأديان والأموال والأعراض.

معلومات إضافية:

- الخمر محرمة بنص القرآن الكريم في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} [المائدة: 90]
- هذا الحديث أخرجه الإمام أحمد في مسنده، وهو حديث صحيح.
- العلماء استدلوا بهذا الحديث على بطلان بيع كل ما حرم الله استعماله.
أسأل الله أن يفقهنا في ديننا وأن يبصرنا بشرعه، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الأشربة (١٢) عن زيد بن أسلم، عن ابن وَعْلة المصري، أنه سأل عبد اللَّه بن عباس عما يُعصر من العنب، فقال ابن عباس فذكره. ورواه مسلم في المساقاة (١٥٧٩) من
طريق مالك وغيره، عن زيد بن أسلم به.
وابن وعلة اسمه عبد الرحمن بن وعلة السبئي، أصله من مصر، ثم انتقل إلى المدينة، وسكنها.
ورواه ابن حبان (٤٩٤٤) من وجه آخر عن أبي خيثمة قال: حدثنا ربعي بن إبراهيم أخو إسماعيل ابن علية قال: حدثنا عبد الرحمن بن إسحاق قال: حدثنا زيد بن أسلم، عن ابن وعلة، عن ابن عباس: أن رجلًا خرج والخمر حلال، فأهدى لرسول اللَّه ﷺ راوية خمر، فأقبل بها على بعير، حتى وجد رسول اللَّه ﷺ جالسًا، فقال: ما هذا معك؟ قال: راوية من خمر أهديتها لك. قال: «هل علمت أن اللَّه -جل وعلا- حرمها؟» قال: لا. قال: «فإن اللَّه قد حرمها» فالتفت الرجل إلى قائد البعير، فكلمه بشيء فيما بينه وبينه، فقام، فقال ﷺ: «ماذا قلت له؟» قال: أمرته ببيعها. قال: «إن الذي حرم شربها حرم بيعها». قال: فأمر بعزالي المزادة، ففتحت، فخرجت في التراب فنظرت إليها في البطحاء ما فيها شيء.
ورواه أحمد (٢٠٤١)، وأبو يعلى (٢٤٦٨)، والدارمي (٢٦١٣) من حديث ابن إسحاق، عن القعقاع بن حكيم، عن عبد الرحمن بن وعلة. وفيه أن الذي أهدى هو صديق النبي ﷺ من ثقيف أو دوس، وذلك يوم الفتح، ثم ذكر الحديث. ومحمد بن إسحاق لا بأس به في المتابعات.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 376 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

📜 حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: الذي حرم شرب الخمر حرم بيعها

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية