من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «قال اللَّه: ثلاثة أنا خَصْمُهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرًا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يُعط أجره».

صحيح: رواه البخاري في البيوع (٢٢٢٧) عن بشر بن مرحوم، حدثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو من أحاديث القدسي التي يرويها النبي صلى الله عليه وسلم عن ربه تبارك وتعالى. وإليك الشرح المفصل:

أولاً. شرح المفردات:

● خَصْمُهم: الخصم هو الخصيم والمحاجّ المعادي، أي أن الله تعالى سيكون خصيمهم يوم القيامة ويقوم بدعواهم عليهم.
● أعطى بي: أي أعطى عهداً وميثاقاً باسم الله أو بذمة الله.
● ثم غدر: نقض العهد وخان.
● باع حرًا: أي باع إنساناً حراً كأن يكون مختطفاً أو مختفياً، فبيعه وادعى أنه عبده.
● استأجر أجيراً: استخدم عاملاً بأجر.
● استوفى منه: أخذ العمل كاملاً منه وحقه.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل أنه ذكر ثلاثة أنواع من الناس سيكون خصيمهم يوم القيامة، وهم:
1- "رجل أعطى بي ثم غدر": وهو الذي يعطي عهداً أو أماناً أو عقداً باسم الله، ثم ينقض هذا العهد ويغدر. وهذا يدل على عظم شأن العهد الذي يُذكر فيه اسم الله، فإن نقضه ليس مجرد خيانة للبشر، بل هو استهانة بالله تعالى.
2- "رجل باع حرًا فأكل ثمنه": وهو الذي يبيع إنساناً حراً وهو يعلم أنه حر، كأن يختطف شخصاً أو يأخذه غصباً ثم يبيعه كعبد ويأكل ثمنه. وهذا من أعظم الظلم والعدوان على حقوق الإنسان وحريته.
3- "رجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعط أجره": وهو الذي يستخدم عاملاً أو موظفاً، فيأخذ منه العمل كاملاً، ثم يبخسه حقه أو يماطله في الأجر أو لا يعطيه إياه كاملاً. وهذا من الظلم الفادح الذي حذر منه الإسلام أشد التحذير.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم شأن الالتزام بالعهود والمواثيق في الإسلام، خاصة إذا اقترنت باسم الله تعالى.
2- تحريم الغدر والخيانة بجميع أنواعها، وأنها من الكبائر التي يعادي الله فاعلها.
3- حرمة الإنسان وكرامته، وأن الاعتداء على حريته ببيعه كعبد من أكبر الجرائم.
4- وجوب إعطاء الأجير حقه كاملاً دون نقصان أو مماطلة، وأن ذلك من حقوق العمال التي أكد عليها الإسلام.
5- بيان عدل الله تعالى حيث أنه تعالى ينتصر للمظلومين ويخاصم الظالمين يوم القيامة.
6- تحذير شديد من الظلم بشكل عام، وأن الله لا يرضى عن الظالمين.

رابعاً. معلومات إضافية:

- هذا الحديث يدل على أن حقوق العباد مبنية على المشاحة والمطالبة، بخلاف حقوق الله التي هي مبناها على المسامحة.
- ينبغي للمسلم أن يتحرى العدل في معاملاته ويخاف من يوم يقوم فيه الخصوم.
- وردت أحاديث أخرى تؤكد على إعطاء الأجير أجره قبل أن يجف عرقه، مما يدل على أهمية المبادرة إلى إعطاء الحقوق.
نسأل الله أن يجنبنا الظلم والغدر والخيانة، وأن يوفقنا للعدل والإحسان في جميع معاملاتنا.
والله تعالى أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢٢٢٧) عن بشر بن مرحوم، حدثنا يحيى بن سليم، عن إسماعيل بن أمية، عن سعيد بن أبي سعيد، عن أبي هريرة فذكره.
وزاد البعض بعد قوله: «أنا خَصْمُهم يوم القيامة» «ومن كنت خصمه خصمته». ذكره البيهقي (٦/ ١٤)، وعزاه للبخاري، وهو ليس بجيد؛ فإنه لم يذكر هذه الزيادة، وإنما ذكره ابن الجارود في المنتقى (٥٧٩) بعد أن رواه عن محمود بن آدم قال: حدثنا يحيى بن سليم بإسناده.
وقد تكلم بعض أهل العلم على هذا الحديث؛ لأن مداره على يحيى بن سليم، وهو القرشي الطائفي. وقد اختلف أهل العلم في توثيقه وتجريحه، فوثّقه ابن معين، وابن سعد، والعجلي. وقال النسائي: «ليس به بأس، وهو منكر الحديث عن عبيد اللَّه بن عمر». وقال الساجي: «صدوق يهم في الحديث، وأخطأ في أحاديث رواها عن عبيد اللَّه بن عمر العمري».
وفيه كلام غير هذا، وخلاصته أنه يخطئ في أحاديث يرويها عن عبيد اللَّه بن عمر العمري، والبخاري إنما تجنب من روايته عن عبيد اللَّه بن عمر، بل ليس في صحيحه غير هذا الحديث.
ثم كان الرجل عنده كتاب. قال يعقوب بن سفيان: كان رجلًا صالحًا، وكتابه لا بأس به، فإذا حدَّث من كتابه فحديثه حسن، وإذا حدَّث حفظًا فتعرف وتنكر.
فلا يبعد أن يكون حدَّث من هذا الكتاب، فسمع منه بشر بن مرحوم.
فإن النفيلي روى عنه، وزاد في الإسناد بعد قوله «سعيد»: «عن أبيه».
ورواه الجماعة منهم بشر بن مرحوم، وابن الطباع، ونعيم، وإبراهيم بن حمزة، ومحمود بن إبراهيم، كلهم عن يحيى بن سليم، ولم يذكروا فيه: «عن أبيه». ذكره ابن الجارود.
ورواية الجماعة أولى، وهو اعتماد البخاري، فلا ينبغي التجرؤ على فتح الباب في تضعيف أحاديث الصحيح لوجود اختلاف أهل العلم في راو من رواة الحديث، إن لم يكن متهما، وهيهات أن تأتي براو منهم في الصحيح. وأما اختلاف أهل العلم فلم يسلم منه إلا قليلًا.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 419 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

📜 حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من استأجر أجيرًا فاستوفى منه ولم يعطه أجره

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية