ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

عن أبي هريرة، عن النبي ﷺ قال: «ثلاثة لا يكلمهم اللَّه يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل ماء، فيقول اللَّه: اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك».

صحيح: رواه البخاري في المساقاة (٢٣٦٩)، وفي التوحيد (٧٤٤٦) عن عبد اللَّه بن محمد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فأقدم لكم شرحًا وافيًا لهذا الحديث النبوي الشريف، معتمدًا على كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.
الحديث:
عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم: رجل حلف على سلعة لقد أعطى بها أكثر مما أعطى وهو كاذب، ورجل حلف على يمين كاذبة بعد العصر ليقتطع بها مال رجل مسلم، ورجل منع فضل ماء، فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك».

1. شرح المفردات:

● لا يكلمهم الله: أي لا يكلمهم كلام رحمة ورضوان، بل يعاملهم بإهانة وإعراض.
● ولا ينظر إليهم: أي لا ينظر إليهم نظر رحمة واعتناء، بل ينظر إليهم نظر غضب وعقاب.
● حلف على سلعة: أقسم على بضاعة أو سلعة يعرضها للبيع.
● ليقتطع بها مال رجل مسلم: ليأخذ مال غيره ظلمًا وعدوانًا بحلفه الكاذب.
● فضل ماء: الماء الزائد عن حاجته.
● فضل ما لم تعمل يداك: النعم التي منحها الله إياه دون جهد منه، كالمطر والأنهار.

2. شرح الحديث:

يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ثلاثة أصناف من الناس يُعرض الله عنهم يوم القيامة ويحرمهم من رحمته وكلامه، وهم:
الصنف الأول: التاجر الكاذب الحالف كذبًا
وهو الذي يحلف بالله كذبًا ليُغرر بالمشتري، فيزعم أنه اشترى السلعة بسعر أعلى مما اشتراها به حقًا، ليوهمه بأنه يبيعها بربح قليل، فينخدع المشتري ويشتريها. وهذا يجمع بين الكذب والحلف الكاذب والغش والخداع، وهي من كبائر الذنوب.
الصنف الثاني: الحالف كذبًا لأخذ مال غيره
وهو الذي يحلف يمينًا كاذبة بعد صلاة العصر (وقت إقبال الناس على بيوعهم وأعمالهم) ليأخذ مال غيره ظلمًا، كأن يدعي دينًا على شخص أو حقًا ليس له فيأخذه بحلفه الكاذب. وهذا من أكل أموال الناس بالباطل، وهو من الكبائر العظيمة.
الصنف الثالث: المانع لفضل الماء
وهو الذي يمنع الماء الزائد عن حاجته عن الآخرين، مع حاجتهم إليه، سواء كان لسقي الحيوان أو الشرب. وهذا منعٌ للخير وظلمٌ للخلق، خاصة في المواضع التي يكون الماء فيها شحيحًا.
وفي الجزء الأخير من الحديث: «فيقول الله: اليوم أمنعك فضلي، كما منعت فضل ما لم تعمل يداك»، وهذا وعيد شديد، حيث يعاقبه الله بحرمانه من رحمته وفضله يوم القيامة، كما منع هو فضل الماء الذي لم يكن له جهد في إيجاده.

3. الدروس المستفادة منه:

1- تحريم الحلف الكاذب في البيع والشراء، وأنه من الكبائر التي توجب الحرمان من رحمة الله.
2- تحريم أكل أموال الناس بالباطل، سواء بالحلف الكاذب أو بالغش أو بالسرقة أو غير ذلك.
3- وجوب المساعدة وإغاثة المحتاج، خاصة في الأمور الأساسية كالماء والطعام.
4- التخويف من عاقبة البخل ومنع الخير عن الناس، وأن الجزاء من جنس العمل.
5- بيان شدة عقوبة هؤلاء الثلاثة، حيث حُرموا من كلام الله ونظره يوم القيامة، وهذا يدل على عظم جرمهم.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- الحديث رواه الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما، مما يدل على صحته وتواتره.
- ذكر العلماء أن "لا يكلمهم الله" يعني لا يكلمهم كلام رحمة، وأما كلام العدل والعقاب فسيخاطبهم به.
● "لا ينظر إليهم" يعني لا ينظر إليهم نظر رحمة ورضا، بل نظر غضب وعقاب.
- هذا الحديث يُعد من أحاديث الوعيد، التي تهدف إلى زجر الناس عن ارتكاب المعاصي والكبائر.
- ينبغي للمسلم أن يتحرى الصدق في جميع معاملاته، وأن يكون مُعِينًا لإخوانه المحتاجين، فلا يبخل عليهم بما فضل من ماله أو طعامه أو شرابه.
أسأل الله أن يجنبنا هذه الذنوب، وأن يرزقنا الصدق والإخلاص في القول والعمل.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في المساقاة (٢٣٦٩)، وفي التوحيد (٧٤٤٦) عن عبد اللَّه بن محمد، حدثنا سفيان، عن عمرو، عن أبي صالح السمان، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
وروي أيضًا عن عبد اللَّه بن عمرو، عن النبي ﷺ قال: «من منع فضل مائه، أو فضل كلأه، منعه اللَّه فضله يوم القيامة».
رواه أحمد (٦٦٧٣)، عن إسماعيل، عن ليث، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره. وليث هو ابن سليم، وفيه كلام معروف.
ورواه أيضًا (٦٧٢٢) بإسناد آخر عن محمد بن راشد، عن سليمان بن موسى، أن عبد اللَّه بن عمرو كتب إلى عامل له على أرض له: أن لا تمنع فضل مائك؛ فإني سمعت رسول اللَّه ﷺ يقول: «من منع فضل الماء ليمنع به فضل الكلأ، منعه اللَّه يوم القيامة فضله».
ومحمد بن راشد هو الخزاعي الدمشقي، نزيل البصرة، مختلف فيه، فوثّقه أحمد، وابن معين، والنسائي، وغيرهم. وتكلم فيه ابن حبان، فقال: «كان من أهل الورع والنسك، ولم يكن الحديث من صنعته، وكثر المناكير في روايته؛ فاستحق الترك». وبه أعله الهيثمي في «المجمع» (٤/ ١٢٤).
وسليمان بن موسى هو الأشدق، لم يدرك عبد اللَّه بن عمرو؛ فروايته عنه منقطعة.
وللحديث أسانيد أخرى، هذه أصلحها.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 426 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

📜 حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: ثلاث فئات لا يكلمهم الله يوم القيامة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية