حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن فضل الماء

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ».

متفق عليه: رواه مالك في الأقضية (٢٥) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة أن رسول اللَّه ﷺ قال: «لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم وخُصَّ ببدائع الحكم. وها هو شرحه على النحو التالي:

### أولاً. نص الحديث ومصدره
● النص: عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لَا يَمْنَعُ فَضْلَ الْمَاءِ لِيُمْنَعَ بِهِ الْكَلَأُ».
● المصدر: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب المساقاة، باب لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ)، ومسلم في صحيحه (كتاب المساقاة، باب تحريم منع فضل الماء)، وغيرهما.

### ثانياً. شرح المفردات
● يَمْنَعُ: يحبس ويحجز.
● فَضْلَ الْمَاءِ: الماء الزائد عن حاجتك وحاجة دوابك. وهو ما لا تحتاجه للشرب أو السقي.
● الْكَلَأَ: (بفتح الكاف ومد اللام) وهو كل ما ترعاه الدواب من نبات الأرض، كالعشب والحشيش والشجر.
فالمعنى الإجمالي للحديث: لا يحل للإنسان أن يمنع الماء الفائض عن حاجته، لأن منع هذا الماء سيؤدي حتماً إلى منع الكلأ (المرعى) من النمو، وبالتالي يحرم الناس والبهائم من الانتفاع به.

### ثالثاً. شرح الحديث
يُرشدنا هذا الحديث إلى حكم شرعي عظيم يتعلق بحقوق المجتمع والبيئة، ويضع ضوابط للملكية الفردية فيما يتعلق بالمصادر الطبيعية المشتركة.
● المقصود بـ "منع فضل الماء": أن يكون للإنسان بئر أو عين ماء، فيأخذ حاجته وحاجة دوابه منها، ثم يمنع الباقي -وهو الفضل- عن جيرانه أو المارة، فلا يسقيهم ولا يسمح لهم بأخذه.
● العلة في النهي: أن منع الماء الزائد سيؤدي إلى منع الكلأ تبعاً لذلك، لأن الكلأ لا ينبت بدون الماء. فإذا مُنع الماء، جف النبات ومات الكلأ، فَيُضَرُّ الجيران والمسافرون وبهائمهم، التي تحتاج إلى الماء والمرعى.
● الحكمة التشريعية: جاء النهي لتحقيق مقاصد عديدة، منها:
1- التكافل الاجتماعي: إزالة الضرر عن المسلمين ودفع الحاجة عنهم.
2- العدل: منع الاحتكار والاستئثار بخيرات الأرض التي جعلها الله للناس جميعاً.
3- الحفاظ على الموارد: حماية البيئة ومواردها الطبيعية من التلف والاستنزاف الأناني.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه المستنبط
1- تحريم احتكار الماء والكلأ: الماء والمرعى من الأساسيات التي لا تستقيم الحياة بدونها، فمنع فضلها إضرار بالخلق ومعصية للخالق.
2- الملكية الفردية مقيدة بالمصلحة العامة: للإنسان حق التصرف في ملكه، ولكن هذا الحق ليس مطلقاً؛ فهو مقيد بعدم الإضرار بالآخرين. فمالك البئر له حق الأولوية في استعمالها، ولكن ليس له حق منع فضلها.
3- سد الذرائع: نهى الشارع عن شيء (منع فضل الماء) لأنه ذريعة وسبب يؤدي إلى مفسدة أكبر (منع الكلأ وإضرار الخلق). وهذا أصل عظيم في الشريعة.
4- الرحمة بالحيوان: من الدروس المستفادة الرحمة بالبهائم والدواب، وعدم تعريضها للهلاك والعطش بمنع الماء والمرعى عنها.
5- الفقه الواسع: يستدل الفقهاء بهذا الحديث على أحكام أخرى، مثل:
- تحريم احتكار جميع الأقوات والضروريات التي يحتاجها الناس (كالأطعمة والأدوية) إذا أدى الاحتكار إلى ضررهم.
- وجوب بذل المعروف وإزالة الضرر عن الطريق.


خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- هذا الحديث من الأحاديث التي عليها مدار أبواب كثيرة في الفقه، خاصة في كتاب "المساقاة" و"الشرب" و"إحياء الموات".
- ذهب جمهور العلماء (الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى وجوب بذل فضل الماء وعدم جواز منعه، واستثنوا من ذلك الماء الذي في الآنية والأواني المحفوظة داخل البيوت.
- العلة التي ذكرها النبي صلى الله عليه وسلم (لمنع الكلأ) هي العلة الغالبة، ف أي 使 لم يكن هناك كلأ، يبقى منع فضل الماء محرماً لذاته، لأنه إضرار بالمسلمين بلا حق.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الأقضية (٢٥) عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة فذكره. ورواه البخاري في المساقاة (٢٣٥٣)، ومسلم في المساقاة (١٥٦٦: ٣٦) كلاهما من طريق مالك به مثله.
ورواه مسلم (٣٨) من طريق أبي سلمة بن عبد الرحمن (هو ابن عوف)، عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ: «لا يباع فضل الماء ليباع به الكلأ».
«والكلأ» هو النبات سواء كان رطبا أو يابسا.
وفي معناه ما روي عنه مرفوعًا: «لا تمنعوا فضل الماء، ولا تمنعوا الكلأ فيهزل المال ويجوع العيال».
رواه أحمد (٩٤٥٨) وابن حبان (٤٩٥٦) كلاهما من حديث ابن وهب، قال: سمعت حيوة، يقول: حدثني حميد بن هانئ الخولاني، عن أبي سعيد مولى غفار، قال: سمعت أبا هريرة، قال: فذكره.
وأبو سعيد مولى غفار لم يوثّقه غير ابن حبان (٥/ ٥٧٣) فهو يحتاج إلى متابعة، ولم أجدها.
فقوله: «يهزل المال ويجوع العيال» فيه شذوذ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 421 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

  • 📜 حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب