اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

عن محيصة أنه سأل النبي ﷺ عن كسب حجام له، فنهاه عنه. فلم يزل به يكلمه حتى قال: «اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك».

صحيح: رواه أحمد (٢٣٦٩٣)، والشافعي في المسند (٢/ ١٦٦)، والحميدي (٨٧٨)، والبيهقي (٩/ ٣٣٧)، كلهم من حديث سفيان، عن الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه، عن محيصة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن محيصة أنه سأل النبي ﷺ عن كسب حجام له، فنهاه عنه. فلم يزل به يكلمه حتى قال: «اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح الحديث الشريف:

الحديث:

عن محيصة أنه سأل النبي ﷺ عن كسب حجام له، فنهاه عنه. فلم يزل به يكلمه حتى قال: «اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك».

شرح المفردات:

● محيصة: هو محيصة بن مسعود الأنصاري، صحابي جليل.
● كسب حجام: الكسب هنا يعني الأجرة أو المال الذي يأخذه الحجَّام (الذي يمص الدماء بالحجامة).
● نهاه عنه: أي نهى النبي ﷺ محيصة عن أخذ هذا الكسب.
● فلم يزل به يكلمه: أي استمر محيصة يسأل النبي ﷺ ويُلحُّ عليه في السؤال.
● ناضحك: الناضح هو البعير أو الدابة التي يُستقى عليها الماء للزراعة وغيرها.
● رقيقك: الرقيق هم الخدم أو العبيد.

شرح الحديث:

جاء محيصة بن مسعود الأنصاري رضي الله عنه إلى النبي ﷺ يسأله عن حلالية الكسب الذي يأخذه حجَّام كان يعمل عنده، فأجابه النبي ﷺ بالنهي عن هذا الكسب في البداية، وذلك لأن أجر الحجامة كان في الجاهلية يعتبر من الكسب الخبيث؛ إذ كان الحجَّام يأخذ أجرًا على مص الدماء، وهو أمر قذر ومكروه. لكن محيصة أصر على السؤال وألحَّ على النبي ﷺ ليعطيه حكمًا أو حلًا آخر، فلم يزل به – أي استمر يكرر السؤال – حتى أجابه النبي ﷺ بقوله: «اعلفه ناضحك، وأطعمه رقيقك»، أي أن هذا المال لا تأكله أنت مباشرة، ولكن يمكن أن تستفيد منه في إطعام دوابك أو خدمك، حيث إنه لا يصلح للاستهلاك الشخصي لكراهته، لكن يمكن صرفه في مصالح أخرى غير الأكل الشخصي.

الدروس المستفادة:

1- تحريم كسب الحجامة: يدل الحديث على أن أجر الحجامة كان محرمًا أو مكروهًا في بداية الإسلام، وذلك لعلة القذارة والضرر، لكنه لاحقاً نُسخ أو خُفف الحكم فيه في روايات أخرى.
2- التدرج في التشريع: النبي ﷺ بدأ بالنهي ثم أجاز الصرف في وجوه غير الأكل المباشر، مما يدل على مراعاة التدرج في تغيير العادات السيئة.
3- الإلحاح في السؤال: يجوز للإنسان أن يلح في السؤال ليفهم الحكم الشرعي بدقة، خاصة إذا كان الأمر يهمه في معيشته.
4- التفريق بين الاستعمال الشخصي وغيره: قد يكون شيء مكروهًا أو محرمًا للاستعمال الشخصي، لكن يجوز الانتفاع به في وجوه أخرى كإطعام الحيوانات أو الخدم.
5- حكمة النبي ﷺ: في إجابته بالتوجيه إلى وجه آخر للانتفاع بالمال الخبيث بدلًا من إضاعته.

معلومات إضافية:

- ورد في روايات أخرى أن النبي ﷺ لاحقاً أباح أجر الحجامة، كما في حديث ابن عباس: "أن النبي ﷺ احتجم وأعطى الحجام أجره"، مما يدل على نسخ النهي الأول.
- الحكمة من النهي الأول可能是 ما كان associated بالحجامة من superstitions أو practices جاهلية، فنهى عنها initially ثم أبيحت لاحقاً بعد زوال تلك العلل.
- الفقهاء استنبطوا من هذا الحديث أن المال الخبيث إذا ملكه الإنسان لا يأكله، لكن يصرفه في مصالح أخرى.
هذا والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٦٩٣)، والشافعي في المسند (٢/ ١٦٦)، والحميدي (٨٧٨)، والبيهقي (٩/ ٣٣٧)، كلهم من حديث سفيان، عن الزهري، عن حرام بن سعد بن محيصة، عن أبيه، عن محيصة فذكره.
وإسناده صحيح. وقد تابعه محمد بن إسحاق، عن الزهري، إلا أنه قال فيه: عن حرام بن
ساعدة بن محصة بن مسعود، عن أبيه (أي ساعدة) عن جده محيصة بن مسعود قال فذكر الحديث.
وهذا الإسناد يؤكد أن قول حرام بن سعد بن محيصة: «عن أبيه» يقصد به جده «محيصة» لأن الصحبة لجده محيصة لا لساعدة.
وهذان الإسنادان متصلان صحيحان وابن إسحاق وإن كان عنعن، فإنه توبع.
ورواه مالك في الاستئذان (٢٨) عن ابن شهاب، عن ابن محيصة الأنصاري، أحد بني حارثة أنه استأذن رسول اللَّه ﷺ في إجارة الحجام، فنهاه عنها. فلم يزل يسأله ويستأذنه حتى قال: «اعلفه نُضَّاحك». يعني رفيقك.
هذه رواية يحيى بن يحيى الليثي، وهو غلط لا إشكال فيه؛ فإنه ليس لسعد بن محيصة صحبة، فكيف لابنه حرام، كما قال ابن عبد البر.
وقد رواه أبو داود (٣٤٢٢) عن عبد اللَّه بن مسلمة القعنبي، والترمذي (١٢٧٧) عن قتيبة، كلاهما عن مالك، عن ابن شهاب، عن ابن محيصة، عن أبيه أنه استأذن رسول اللَّه ﷺ فذكره.
وقال الترمذي: عن ابن شهاب، عن ابن محيصة أخي بني حارثة، عن أبيه أنه استأذن رسول اللَّه ﷺ فذكره.
ورواه ابن ماجه (٢١٦٦) من طريق ابن أبي ذئب، عن الزهري، عن حرام بن محيصة، عن أبيه أنه سأل رسول اللَّه ﷺ فذكره. وقوله: عن أبيه أي محيصة.
وهذه روايات تقوي ما رواه ابن إسحاق بأن القصة وقعت لمحيصة -بضم الميم، وفتح المهملة، وتشديد التحتانية- ابن مسعود الخزرجي أبو سعيد المدني، وقيل أوسي، وأنه كان أصغر من أخيه حويصة، وأسلم قبله. ومن قال غير ذلك فقد أخطأ.
ومحيصة ليس هو الحجام، وإنما الحجام هو غلامه، كما في الحديث الثاني.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 434 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

📜 حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية