حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع ما لم يقبض

عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه».

متفق عليه: رواه مالك في البيوع (٤٠) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره.

عن عبد اللَّه بن عمر أن رسول اللَّه ﷺ قال: «من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث صحيح رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ».

أولاً. شرح المفردات:


● ابْتَاعَ: اشترى.
● طَعَامًا: يقصد به كل ما يؤكل ويقتات به، كالحنطة والشعير والتمر والزيتون وغيرها من الأقوات. ويرى بعض العلماء أنه يعم كل مكيل أو موزون.
● يَسْتَوْفِيَهُ: أي يقبضه ويستلمه قبضاً تاماً يحوزه في ملكه وينقله إلى مكانه.
فالمعنى الإجمالي: من اشترى طعاماً (مكيلاً أو موزوناً) فلا يحل له أن يبيعه مرة أخرى لأي شخص (حتى للبائع نفسه) قبل أن يقبضه قبضاً حقيقياً كاملاً.

ثانياً. شرح الحديث:


هذا الحديث النبوي الشريف يضع قاعدة ذهبية في معاملات البيع، وخاصة بيع الطعام، وهو من الأحاديث التي تحفظ نظام السوق وتقي من الغرر والجهالة والربا.
● الحكمة من النهي: النهي هنا عن بيع الطعام قبل قبضه يحقق عدة مقاصد شرعية عظيمة:
1- سدُّ ذريعة الربا: لأن بيع الطعام قبل قبضه يشبه بيع الدين بالدين، وهو محرم لأنه قد يؤدي إلى الربا. فإذا اشترى شخص طعاماً بمئة ثم باعه قبل قبضه بمئة وعشرين، فهذه زيادة في الدين مقابل الأجل، وهي من صميم ربا النسيئة.
2- منع الغرر والجهالة: الطعام الذي لم يقبض بعد هو في حكم المجهول؛ فقد يهلك أو يتلف أو يتأخر تسليمه، فبيعه قبل استلامه بيعة فيها غرر كبير ومخاطرة، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر.
3- منع الاحتكار والتلاعب بأسعار السوق: هذا النهي يمنع التلاعب في السلع حيث يصبح الطعام الواحد يُباع ويُشترى عدة مرات بين التجار وهو لا يزال في مستودعات البائع الأصلي، مما يتسبب في ارتفاع أسعاره artificially دون فائدة حقيقية للمستهلك.
● ما المقصود بالقبض (الاستيفاء)؟
القبض يختلف بحاختلاف أنواع السلع والعادات. فقبض الطعام الذي في مكان بعيد يختلف عن الطعام الحاضر. والقبض المعتبر هو أن يخرجه البائع من مخزنه ويسلمه للمشتري، أو ينقله المشتري إلى مكانه، أو ما جرت العادة بأنه قبض كالتخلية بين المشتري والسلعة.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحكمة التشريعية: في هذا الحديث دليل على سعة حكمة الشريعة الإسلامية، فهي لم تمنع بيع الطعام بل نظمته بطريقة تمنع الظلم والربا والغرر، وتحقق العدل والشفافية في المعاملات.
2- التحذير من التلاعب في أسواق المسلمين: النهي عن بيع الطعام قبل قبضه يحفظ أسواق المسلمين من المضاربات الوهمية التي تضر بالجميع، وتؤدي إلى غلاء الأسعار بغير حق.
3- الأمانة في البيع والشراء: الحديث يؤكد على أهمية الأمانة والوضوح في المعاملات المالية، وأن على المسلم أن يتحرى الحلال ويبتعد عن شبهات الحرام.
4- أن الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد النهي: البيع بعد القبض حلال ومباح، والنهي مقيد بحالة ما قبل القبض فقط.

رابعاً. معلومات إضافية:


● حكم من باع طعاماً قبل قبضه: البيع باطل غير صحيح، لأنه مخالف للنص الصريح.
● هل الحكم خاص بالطعام؟
الجمهور على أن الحكم خاص بالطعام المكيل والموزون (أي الذي يكال أو يوزن عادة). أما غير الطعام من السلع، فبيعها قبل قبضها جائز إذا لم يكن فيها غرر، كبيع السيارة أو الآلة قبل استلامها إذا كانت موصوفة وصفاً يزيل الجهالة. ولكن الأحوط للمسلم ترك بيع أي سلعة حتى يقبضها قبضاً حقيقياً.
● الفرق بين هذا البيع والبيع بالتقسيط أو السلم:
هذا الحديث عن بيع سلعة موجودة لم تقبض بعد. أما بيع السلم (أو السلف) فهو عكس ذلك، وهو بيع سلعة موصوفة مؤجلة التسليم بثمن معجل. وهو جائز بشروطه المعروفة في الفقه. الفرق أن السلم فيه مصلحة للطرفين وتوافق، بينما بيع الطعام قبل قبضه يحقق مصلحة واحدة على حساب مخاطرة كبيرة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في البيوع (٤٠) عن نافع، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره. ورواه البخاري في البيوع (٢١٢٦)، ومسلم في البيوع (١٥٢٦) كلاهما من طريق مالك، به مثله.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 443 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

  • 📜 حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حكم بيع الطعام قبل قبضه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب