لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

عن أم حبيبة زوج النبي ﷺ حدثتها أنها قالت لرسول الله ﷺ: يا رسول الله! انكح أختي عزّة. فقال رسول الله ﷺ: «أتحبين ذلك؟». فقالت: نعم، يا رسول الله! لست لك بمُخْلِية. وأحب من شركني في خير أختي! فقال رسول الله ﷺ: «فإن ذلك لا يحل لي» قالت: فقلت: يا رسول الله! فإنا نتحدث أنك تريد أن تنكح درة بنت أبي سلمة. قال: «بنت أبي سلمة؟» قالت: نعم. قال رسول الله ﷺ: «لو أنها لم تكن ربيبتي في حجري ما حلت لي. إنها ابنة أخي من الرضاعة، أرضعتني وأبا سلمة ثويبة. فلا تعرضنَّ عليَّ بناتكنَّ ولا أخواتكنَّ».

متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥١٠٧) ومسلم في الرضاعة (١٦: ١٤٤٩) كلاهما من طريق محمد بن شهاب الزهري، أن عروة أخبره أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة قالت: فذكرته.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس ونفهم من سنة نبيه الكريم.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما عن أم المؤمنين أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنها، وفيه دروس عظيمة وفوائد جليلة.

أولاً. شرح المفردات:

● انكح أختي عزّة: أي تزوج أختي التي اسمها عزة.
● لست لك بمُخْلِية: أي لست أريد أن أخلو بك وحدي، بل أريد مشاركة أختي في الخير.
● شركني في خير: أي شاركتني في هذا الخير وهو الزواج منك.
● درة بنت أبي سلمة: هي ربيبة النبي ﷺ، لأن أمها أم سلمة رضي الله عنها كانت زوجة لأبي سلمة ثم تزوجها النبي بعد وفاته.
● ربيبتي في حجري: أي التي تربت في بيتي وحضانتي.
● ثويبة: هي جارية أبي لهب، وأعتقها حين بشرته بميلاد النبي ﷺ، وقد أرضعت النبي ﷺ وأبا سلمة وغيرهم.

ثانياً. شرح الحديث:

تخبرنا أم حبيبة رضي الله عنها أنها اقترحت على النبي ﷺ أن يتزوج أختها (عزة) حتى تشترك معها في شرف المصاهرة والنبوة، وكانت نيَّتها حسنة في ذلك، حيث قالت: "وأحب من شركني في خير أختي".
فأجابها النبي ﷺ بسؤال بلاغي: "أتحبين ذلك؟" ليبين لها الحكم الشرعي، فأكدت رغبتها، فبيَّن لها النبي أن هذا لا يحل له، لأن أختها من الرضاعة، حيث أن ثويبة أرضعته وأبا سلمة (والد درة) فأصبحت أختها من الرضاع، والرضاع يحرم ما يحرم النسب، فلا يجوز للرجل أن يجمع بين الأختين في الزواج، سواء كانتا شقيقتين أو من الرضاع.
ثم انتقلت أم حبيبة إلى سؤال آخر عن حديث كان يتردد أن النبي يريد الزواج من درة بنت أبي سلمة (ربيبة النبي)، فأكد النبي ﷺ أن هذا أيضاً لا يحل له، وبيَّن أن سبب التحريم هو أنها ربيته (أي تربت في بيته وحضانته)، وقد جاء في القرآن تحريم نكاح الربيبات في قوله تعالى: {وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ} [النساء: 23].
ثم بين النبي سبباً آخر للتحريم وهو أن أبا سلمة أخوه من الرضاعة، وبالتالي فإن ابنته كابنته من الرضاع، فلا يحل له الزواج بها.
وفي النهاية نهى النبي ﷺ عن أن يعرض عليه الناس بناتهم أو أخواتهم للزواج، لأنه قد يحرمهن بسبب النسب أو الرضاع دون أن يعلموا.

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:

1- حرمة الجمع بين الأختين في الزواج: سواء كانتا شقيقتين بالدم أو من الرضاع، وهذا من محاسن الإسلام وصيانته للأرحام والعلاقات الأسرية.
2- تحريم زواج الرجل من ربيبته: وهي من تربت في بيته تحت حضانته، وهذا من رحمة الإسلام وحفظه للأعراض.
3- الرضاع يحرم ما يحرم النسب: وهذا دليل على عظم شأن الرضاع وتأثيره في الأحكام الشرعية.
4- النبي ﷺ قدوة في تطبيق الشرع: حيث إنه يمتثل لأمر الله حتى في ما تتجه إليه نفسه أو ترغب فيه أزواجه.
5- نهي الصحابة عن عرض بناتهم على النبي ﷺ: خوفاً من أن يكون بينهما رضاع أو سبب تحريم لا يعلمونه.
6- حسن النية لا يبيح الحرام: فنيَّة أم حبيبة كانت حسنة في مشاركة أختها الخير، لكن الشرع يبقى هو الحاكم.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

● ثويبة: هي أول من أرضعت النبي ﷺ، وكانت مولاة لأبي لهب، وقد أعتقها لما بشرته بميلاد النبي.
● الربيبة: هي بنت الزوجة من زوج سابق، فإذا تزوج الرجل امرأة ولها بنت من زوج سابق، فإن هذه البنت تصبح ربيبة له، ولا يحل له الزواج بها.
● الحديث يدل على علم النبي ﷺ بأنساب الرضاع: وهذا من حفظ الله لرسوله حتى لا يقع في محظور.
أسأل الله أن يفقهنا في السنة، وأن يجعلنا من المتبعين لرسوله ﷺ، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في النكاح (٥١٠٧) ومسلم في الرضاعة (١٦: ١٤٤٩) كلاهما من طريق محمد بن شهاب الزهري، أن عروة أخبره أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة قالت: فذكرته. وفي الآثار الأخرى أن حمزة أيضا ممن أرضعنه ثويبة.
فصار النبي ﷺ وأبو سلمة وحمزة إخوة من الرضاعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 265 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

📜 حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تعرضن علي بناتكن ولا أخواتكن

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية