حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في نكاح المتعة وبيان نسخه

عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله ﷺ ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. ثم رخّص لنا أن ننْكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [سورة المائدة: ٨٧].

متفق عليه: رواه البخاري في النكاح (٥٠٧٥) ومسلم في النكاح (١١: ١٤٠٤) كلاهما من طريق إسماعيل (هو ابن أبي خالد)، عن قيس، قال: سمعت عبد الله يقول: فذكره.

عن عبد الله بن مسعود قال: كنا نغزو مع رسول الله ﷺ ليس لنا نساء، فقلنا: ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك. ثم رخّص لنا أن ننْكح المرأة بالثوب إلى أجل. ثم قرأ عبد الله ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [سورة المائدة: ٨٧].

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا، مستندًا إلى كلام أهل العلم من أهل السنة والجماعة:

الحديث:


عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ لَيْسَ لَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلَا نَسْتَخْصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ. ثُمَّ رَخَّصَ لَنَا أَنْ نَنْكِحَ الْمَرْأَةَ بِالثَّوْبِ إِلَى أَجَلٍ. ثُمَّ قَرَأَ عَبْدُ اللَّهِ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾ [المائدة: 87].


1. شرح المفردات:


● نغزو: أي نخرج للجهاد في سبيل الله.
● ليس لنا نساء: أي ليس معنا زوجاتنا في الغزو، فكنا نعاني من مشقة الشهوة وطول العزوبة.
● نستخصي: الخصاء هو قطع الذكر أو إزالته؛ والمقصود هنا طلب الإذن بالخصاء لتجنب الشهوة تمامًا.
● فنهانا عن ذلك: أي منعنا النبي ﷺ من ذلك.
● رخّص لنا: أباح لنا.
● أن ننكح المرأة بالثوب إلى أجل: أي عقد نكاح متعة (نكاح مؤقت بمدّة محددة ومهر معين). وقوله "بالثوب" كناية عن المهر القليل، كأن يعطيها ثوبًا ثمناً للعقد.
● ثم قرأ عبد الله: أي استشهد ابن مسعود رضي الله عنه بالآية الكريمة لتأييد المعنى.


2. شرح الحديث:


يصف الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه حال الصحابة في غزواتهم مع النبي ﷺ، حيث كانوا يبتعدون عن زوجاتهم فترات طويلة، مما سبب لهم معاناة شديدة من كبت الشهوة. فاقترح بعضهم الخصاء (تعطيل القدرة الجنسية) كحلّ جذري، لكن النبي ﷺ نهاهم عن ذلك؛ لأن في الخصاء تشويهًا للخلقة وتحريمًا لما أباح الله، وهو من الاعتداء على النفس.
ثم رخّص لهم النبي ﷺ – في أول الإسلام – بنكاح المتعة، وهو نكاح مؤقت بمدّة ومهر معينين، كحلّ مؤقت لتلك المشقة. ولكن يجب التنبيه هنا إلى أن نكاح المتعة كان مباحًا في أول الإسلام ثم نُسخ تحليله، كما ثبت في صحيح مسلم وغيره أن النبي ﷺ حرّمه لاحقاً، ثم جاء عمر رضي الله عنه فأكد تحريمه.
وقراءة ابن مسعود للآية ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾ توضح أن الخصاء تحريم للطيبات بغير حق، وأن الرخصة في النكاح المؤقت (قبل نسخه) كانت حلًا شرعيًّا وقت الحاجة.


3. الدروس المستفادة:


● تحريم الخصاء والتشويه للبدن: لأنه اعتداء على النفس وتغيير لخلق الله بغير حق.
● مراعاة الشريعة للظروف الطارئة: حيث رخّص النبي ﷺ بنكاح المتعة وقت الحاجة، ثم نسخه حين زالت الظروف.
● تحريم نكاح المتعة بعد نسخه: فهو حرام بإجماع أهل السنة، وكانت رخصته منسوخة، كما بين ذلك الإمامان البخاري ومسلم.
● الاستشهاد بالقرآن لتأييد السنة: كما فعل ابن مسعود رضي الله عنه، مما يدل على تلازم القرآن والسنة.
● التيسير ورفع الحرج: فالشريعة لا تأتي بما يشق على الناس، ولكن within الحدود الشرعية.


4. معلومات إضافية:


- نكاح المتعة كان مباحًا في أول الإسلام ثم نُسخ، كما في صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "إن رسول الله ﷺ نهى عن متعة النساء يوم خيبر، وعن أكل لحوم الحمر الإنسية".
- الإجماع منعقد على تحريم نكاح المتعة بعد النسخ، وخالف في ذلك بعض الشيعة، ولكن دليلهم ضعيف ومخالف للأحاديث الصحيحة.
- الخصاء محرّم لأنه من التعدي على البدن، وقد قال النبي ﷺ: "لا ضَرَرَ ولا ضِرَارَ".

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يوفقنا لاتباع سنة نبيه ﷺ، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في النكاح (٥٠٧٥) ومسلم في النكاح (١١: ١٤٠٤) كلاهما من طريق إسماعيل (هو ابن أبي خالد)، عن قيس، قال: سمعت عبد الله يقول: فذكره. واللفظ لمسلم.
ولفظ البخاري نحوه غير أنه لم يقل: «إلى أجل».
وقيس هو ابن أبي حازم.
ومعنى الآية: إن المتعة كانت مباحة مشروعة في صدر الإسلام للسبب الذي ذكره ابن مسعود. ولكن أشار الترمذي (١١٢٢) إلى سبب آخر وهو ما رواه عن محمد بن غيلان، حدثنا سفيان بن عقبة أخر قبيصة بن عقبة، حدثنا سفيان الثوري، عن موسى بن عُبيدة، عن محمد بن كعب، عن ابن عباس قال: إنما كانت المتعة في أول الإسلام، كان الرجل يقدم البلدة، ليس له بها معرفة، فيتزوج المرأة بقدر ما يرى أنه يُقيم، فتحفظ له متاعه وتُصلح له شيئه حتى إذا نزلت الآية: ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المعارج: ٣٠] قال ابن عباس: «فكل فرج سوى هذين فهو حرام». انتهى.
ورواه البيهقي (٧/ ٢٠٥) من طريق موسى بن عبيدة بإسناده وجاء فيه: وتُصلح له شأنه حتى نزلت هذه الآية: ﴿حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ﴾ [النساء: ٢٣] إلى آخر الآية. فنسخ الله عز وجل الأولى، فحُرمت المتعة. وتصديقها من القرآن ﴿إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ﴾ [المعارج: ٣٠] وما سوى ذلك من الفرج فهو حرام، ولكن إسناده ضعيف من أجل موسى بن عبيدة وهو الرَبذي ضعّفه جمهور أهل العلم.
وقال الترمذي: «إنما روي عن ابن عباس شيء من الرخصة في المتعة، ثم رجع عن قوله حيث أُخبرَ عن النبي ﷺ.
وفيه دليل على أن ابن عباس رجع إلى قول الجمهور.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 269 من أصل 360 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

  • 📜 حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى النبي عن الاستخصاء

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب