حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب الاستثناء في اليمين
صحيح: رواه أبو داود (٣٢٦١، ٣٢٦٢) والترمذي (١٥٣١) والنسائي (٣٨٢٩) وابن ماجه (٢١٠٥) وصحَّحه ابن حبان (٤٣٣٩) والحاكم (٤/ ٣٠٣) كلهم من حديث أيوب، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام الترمذي وغيره عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ حَلَفَ فَقَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ، فَقَدِ اسْتَثْنَى، فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ».
أولاً. شرح المفردات:
● حلف: أي أقسم وحلف بيمين.
● إن شاء الله: أي قال هذه الكلمة مقرونة باليمين.
● استثنى: أي أخرج يمينه من الإلزام بالحنث إذا خالف ما حلف عليه.
● حنث: أي الإثم والكفارة الواجبة بسبب عدم الوفاء باليمين.
ثانياً. شرح الحديث:
يبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث أن المسلم إذا حلف على شيء مستقبلي - مثل أن يقول: "والله لأفعلن كذا" - ثم يقرن يمينه بقوله "إن شاء الله"، فإن هذا الاستثناء يجعله في حماية من الحنث إذا لم يفعل ما حلف عليه، وذلك لأن المشيئة لله تعالى، والإنسان لا يعلم ما سيحدث في المستقبل.
فالاستثناء بمشيئة الله يعتبر احترامًا لإرادة الله تعالى وتقديرًا لقدرته، وهو من الأدب مع الله سبحانه، حيث لا يجزم الإنسان بفعل شيء في المستقبل دون أن يربطه بمشيئة الله.
ثالثاً. الدروس المستفادة:
1- التوكل على الله والأدب معه: ينبغي للمسلم أن لا يجزم بفعل شيء في المستقبل دون أن يستثني بمشيئة الله، تعظيمًا لله وإقرارًا بقدرته.
2- التيسير ورفع الحرج: الشرع الإسلامي ييسر على الناس ويرفع عنهم الحرج، فمن استثنى بمشيئة الله ثم لم يفعل ما حلف عليه فلا إثم عليه ولا كفارة.
3- الحث على ذكر الله: الاستثناء بـ "إن شاء الله" من الذكر الطيب الذي يحبه الله ويرضاه.
رابعاً. معلومات إضافية:
- هذا الحديث يدل على مشروعية الاستثناء بمشيئة الله في الأيمان، وهو من الأمور المستحبة.
- إذا نوى الاستثناء بقلبه ولم يلفظ به، فهل يعتبر مستثنيًا؟
- الجمهور على أن الاستثناء لا يعتبر إلا باللفظ، وهو الأحوط.
- من حلف دون أن يستثني ثم لم يفعل ما حلف عليه، وجبت عليه كفارة اليمين إذا كان الحلف على أمر مستقبلي، وهي: إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فإن لم يستطع فصيام ثلاثة أيام.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
قال الترمذي: «حديث حسن».
وقال الحاكم: «صحيح على شرط البخاري».
وتابعه كثير بن فرقد فرواه عن نافع هكذا مرفوعا.
ومن طريقه رواه النسائي (٣٨٢٨) والحاكم.
وكثير بن فرقد ثقة، وثقه ابن معين، وقال أبو حاتم: صالح. وهو من رجال البخاري. وكذلك تابعه أيضا أيوب بن موسى عن نافع، ومن طريقه رواه ابن حبان (٤٣٤٠). وأيوب بن موسى هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص المكي الأموي ثقة حافظ من رواة الجماعة.
ولكنه أعله الترمذي بقوله: «وقد رواه عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع، عن ابن عمر موقوفًا» وهكذا رُوي عن سالم عن ابن عمر موقوفًا ولا نعلم أحدًا رفعه غير أيوب السختياني، وقال إسماعيل بن إبراهيم: «وكان أيوب أحيانا يرفعه، وأحيانا لا يرفعه».
وقال البيهقي (١٠/ ٤٦) بعد أن نقل الكلام في أيوب بأنه كان يرفع هذا الحديث ثم تركه: وقد رُوي أيضا عن موسى بن عقبة وعبد الله بن عمر، وحسان بن عطية، وكثير بن فرقد، عن نافع، عن ابن عمر، عن النبي ﷺ. ولا يكاد يصح رفعه إلا من جهة أيوب السختياني. وأيوب شك فيه أيضا. ورواية الجماعة من أوجه صحيحة عن نافع، عن ابن عمر من قوله غير مرفوع».
قال الأعظمي: الأصل في هذا الحديث أن يكون مرفوعًا، لأنه ليس في مجال الاجتهاد، فإذا زاد الثقة ورفعوه فالقول قولهم.
وأما ما رُوي عن ابن عباس قال: قال رسول الله ﷺ: «والله لأغزونّ قريشًا، والله لأغزون قريشًا، والله لأغزون قريشا، ثم سكت فقال: إن شاء الله» فهو ضعيف. رواه سماك، عن عكرمة، عن ابن عباس.
ورواه أبو يعلى (٢٦٧٥) - وعنه ابن حبان (٤٣٤٣) - من طريق علي بن مسهر، عن مسعر بن كدام، عن سماك بن حرب به مرفوعا، وسماك مضطرب في عكرمة.
ورواه أبو داود (٣٢٨٥) ومن طريقه البيهقي (١٠/ ٤٧ - ٤٨) عن قتيبة بن سعيد، حدثنا شريك، عن سماك، عن عكرمة، أن رسول الله ﷺ قال: فذكر نحوه. قال أبو داود: «وقد أسند هذا الحديث غير واحد عن شريك، عن عكرمة، عن ابن عباس أسنده عن النبي ﷺ قال الوليد بن مسلم عن شريك: ثم لم يغزهم».
وشريك سيء الحفظ ومدار الحديث عليه، والمرسل أصح منه، وهو الذي رجحه أيضا أبو حاتم كما في العلل (١/ ٤٤٠) وابن المنذر في الأوسط (١٢/ ١٦٠) ثم هذا الحديث لا يصح من حيث المعنى، فإن الوليد بن مسلم نقل عن شريك أن النبي ﷺ لم يغزهم - أي بعد الحلف، فإن كان حلقه قبل فتح مكة فإنه قد غزاهم، وإن كان بعد فتح مكة فلماذا يحلف على غزوهم وقد دخلوا في الإسلام. كما لا يصح أيضا من حيث الفقه.
قال الخطابي - بعد أن نقل قول ابن عباس: له استثناؤه بعد حين -»وعامة أهل العلم على خلاف قول ابن عباس وأصحابه. ولو كان الأمر على ما ذهبوا إليه لكان للحالف المخرج من يمينه حتى لا يلزمه كفارة بحال. وقد ثبت عن النبي ﷺ أنه قال: «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا فليأت الذي هو خير، وليكفر عن يمينه».
لم يختلف العلماء في أن الاستثناء إذا كان متصلا بيمنيه، فإنه لا يلزمه كفارة.
واختلفوا في الاستثناء إذا كان منفصلا عن اليمين فذهب أكثر أهل العلم إلى أنه لا يعمل إلا أن يكون بين اليمين والاستثناء سكته يسيرة، كسكتة الرجل للتذكر، أو للتنفس، فإن طال الفصل، أو اشتغل بكلام آخر بينها ثم استثنى فلا يصح.
لأن قوله ﷺ: «من حلف فاستثني» يقتضي كونه عقيبه، ولأن الاستثناء من تمام الكلام فاعتبر اتصاله به كالشرط وجوابه.
وقد رُوي عن ابن عباس أنه أجاز الاستثناء ولو بعد حين، وذهب أصحابه إلى جواز الاستثناء إلى السنين.
ورُوي عن الإمام أحمد: أنه يجوز الاستثناء إذا لم يُطل الفصل بينهما.
وفي رواية أخرى عنه: ولم يخلط كلامه بغيره نقل عنه إسماعيل بن سعيد مثل هذا. وزاد قال:
ولا أقول بقول هؤلاء - يعني من لم ير ذلك إلا متصلا. ذكره ابن قدامة في المغني (١٣/ ٤٨٥).
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 53 من أصل 103 حديثاً له شرح
- 28 ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة
- 29 المتألي على الله لا يفعل المعروف
- 30 أن رجلا قال: والله لا يغفر الله لفلان
- 31 تحريم اليمين في قطيعة الرحم
- 32 يُسْهَمُ بَيْنَهُمْ فِي الْيَمِينِ
- 33 من كان حالفًا فليحلف بالله أو ليصمت
- 34 من حلف بغير الله فقد أشرك
- 35 لا تحلفوا بالطواغي ولا بآبائكم
- 36 معنى إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم
- 37 إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم
- 38 لا تحلفوا بآبائكم
- 39 من حلف بالله فليصدق
- 40 لا تحلفوا بآبائكم ولا بأمهاتكم ولا بالأنداد
- 41 من حلف باللات والعزى فليقل لا إله إلا الله
- 42 قل: لا إله إلا الله وحده، ثلاثا، ثم انفث عن...
- 43 من قتل نفسه بشيء في الدنيا عذّب به يوم القيامة
- 44 من حلف بريء من الإسلام فهو كما قال
- 45 من حلف بالأمانة فليس منا
- 46 ما شاء الله ثم شئت
- 47 لا تحلفوا بالله إلا صادقين
- 48 من حلف على منبري تبوأ مقعده من النار
- 49 من يحلف عند المنبر على يمين آثمة وجبت له النار
- 50 من استلج في أهله بيمين فهو أعظم إثمًا
- 51 لأطوفن الليلة على سبعين امرأة
- 52 من حلف على يمين فقال إن شاء الله لم يحنث
- 53 من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
- 54 إعطاء زكاة رمضان بمد النبي ﷺ
- 55 لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها من غير مسألة أعنت...
- 56 من حلف بيمين فرأى غيرها خيرا منها فليكفر عن يمينه
- 57 أرب إبل أنت أو رب غنم؟
- 58 أفضل من اليمين إذا حلفت فرأيت غير ذلك
- 59 من حلف على يمين فرأى غيرها خيرًا منها فليأتها
- 60 لا أحلف على يمين فرأيت غيرها خيرا منها إلا أتيت...
- 61 من حلف على يمين ثم رأى أتقي الله منها فليأت...
- 62 من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت الذي...
- 63 من حملتكم بل الله حملكم
- 64 رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج
- 65 «والله لا أحملك فأنا أحلف لأحملنك»
- 66 إن بعدكم قوما ينذرون ولا يوفون
- 67 إن الشيطان ليخاف منك يا عمر
- 68 أوفي بنذرك
- 69 «أوفِ بنذرك»
- 70 نذر رجل أن ينحر إبلا ببوانة فأتى النبي
- 71 عنوان الحديث: "هل بها وثن قال لا قال أوف بنذرك"
- 72 ذرت في الجاهلية أن أعتكف ليلة في المسجد الحرام؟
- 73 اذهب فاعتكف يومًا
- 74 ما بال القِران؟
- 75 نهى النبي عن النذر وقال إنه لا يرد شيئًا
- 76 النذر لا يقدم شيئًا ولا يؤخره
- 77 النَّذْرُ لا يُقَرِّبُ مِن ابْنِ آدَمَ شَيْئًا لَمْ يَكُنْ اللَّهُ...
معلومات عن حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
📜 حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من حلف فقال إن شاء فقد استثنى فلا حنث عليه
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








