حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في الخيار بين تقديم الكفارة وتأخيرها

عن زهدم قال: كنا عند أبي موسى. فدعا بمائدته وعليها لحم دجاج. فدخل رجل من بني تميم الله، أحمر، شبيه بالموالي. فقال له: هلم! فتلكّأ فقال: هلمّ! فإني قد رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه. فقال الرجل: إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته. فحلفت أن لا أطعمه. فقال: هلم! أحدثك عن ذلك. إني أتيت رسول الله ﷺ في رهط من الأشعريين نستحمله. فقال: «والله! لا أحملكم. وما عندي ما أحملكم عليه» فلبثنا ما شاء الله. فأتي رسول الله ﷺ بنهب إبل. فدعا بنا. فأمر لنا بخمس ذود غرّ الذّرى. قال: فلما انطلقنا، قال بعضنا لبعض: أغفلنا رسول الله ﷺ عن يمينه. لا يبارك لنا. فرجعنا إليه. فقلنا: يا رسول الله! إنا أتيناك نستحملك. وإنك حلفت أن لا تحملنا. ثم حملتنا. أفنسيت؟ يا رسول الله؟ قال: «إني، والله! إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها. إلا أتيت الذي هو خير. وتحلّلْتها فانطلقوا. فإنما حملكم الله عز وجل».

متفق عليه: رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٣٣) ومسلم في الأيمان (٩: ١٦٤٩) كلاهما من حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، وعن القاسم بن عاصم، عن زهدم الجرْمي.

عن زهدم قال: كنا عند أبي موسى. فدعا بمائدته وعليها لحم دجاج. فدخل رجل من بني تميم الله، أحمر، شبيه بالموالي. فقال له: هلم! فتلكّأ فقال: هلمّ! فإني قد رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه. فقال الرجل: إني رأيته يأكل شيئًا فقذرته. فحلفت أن لا أطعمه. فقال: هلم! أحدثك عن ذلك. إني أتيت رسول الله ﷺ في رهط من الأشعريين نستحمله. فقال: «والله! لا أحملكم. وما عندي ما أحملكم عليه» فلبثنا ما شاء الله. فأتي رسول الله ﷺ بنهب إبل. فدعا بنا. فأمر لنا بخمس ذود غرّ الذّرى. قال: فلما انطلقنا، قال بعضنا لبعض: أغفلنا رسول الله ﷺ عن يمينه. لا يبارك لنا. فرجعنا إليه. فقلنا: يا رسول الله! إنا أتيناك نستحملك. وإنك حلفت أن لا تحملنا. ثم حملتنا. أفنسيت؟ يا رسول الله؟ قال: «إني، والله! إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها. إلا أتيت الذي هو خير. وتحلّلْتها فانطلقوا. فإنما حملكم الله ﷿».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام البخاري في صحيحه، وهو حديث طويل مليء بالفوائد والعبر. سأقسم شرحه إلى أجزاء ليسهل فهمه، مع بيان المفردات والدروس المستفادة.

أولاً. شرح المفردات:


● فتلكأ: تردد وأبطأ في الإجابة والمجيء.
● الموالي: هنا يقصد بهم المعتقون أو غير العرب، وكان بعضهم ذوي بشرة حمراء.
● فقذرته: كرهته ونفرت منه.
● النهب: الغنيمة أو ما أُخذ من العدو في الحرب.
● ذود غر الذرى: الإبل القليلة (بين الثلاث إلى العشر) البيض التي لم يختلط بياضها بغيره، والذرى هي أعلى السنام.
● أغفلنا رسول الله ﷺ عن يمينه: خفنا أن نكون قد أغفلناه أو ألهيناه عن تذكر يمينه (حلفه) فلم يستثن.
● تحللتها: فعلت ما يحلّ بها من كفارة.

ثانياً. شرح الحديث:


يقسم الحديث إلى مشهدين:
المشهد الأول: دعوة أبي موسى الأشعري للطعام
كان الصحابي الجليل أبو موسى الأشعري رضي الله عنه جالساً مع أصحابه، فدعا بمائدته وكان عليها لحم دجاج. فدخل عليهم رجل من بني تميم (وهي قبيلة عربية معروفة) وكان أحمر اللون (أي في لون بشرته حمرة) فشبهه الراوي بالموالي (وهم المعتقون من العبيد، وكان بعضهم من أصول غير عربية). فدعاه أبو موسى للأكل، فتردد الرجل. فأكد عليه أبو موسى قائلاً: "هلم" (تعال) فإنني رأيت رسول الله ﷺ يأكل منه (أي من لحم الدجاج). فاعتذر الرجل قائلاً: إني رأيته (أي النبي ﷺ) يأكل شيئاً فكرهته (وقذرته) وحلفت أن لا آكله أبداً.
المشهد الثاني: قصة أبي موسى مع النبي ﷺ التي تبرر عدم وفاء اليمين أحياناً
رداً على امتناع الرجل عن الأكل بسبب يمينه، أراد أبو موسى أن يعلمه درساً في فقه الأيمان، فحكى له هذه القصة:
ذهب أبو موسى في مجموعة من قومه الأشعريين إلى النبي ﷺ يطلبون منه أن يخصص لهم رواحل (إبل) يحملون عليها في الغزو أو السفر. فحلف النبي ﷺ قائلاً: "والله لا أحملكم، وما عندي ما أحملكم عليه"، أي ليس لدي إبل لأعطيكم إياها.
فانتظروا فترة من الزمن، ثم جاءت النبي ﷺ غنيمة من الإبل (نهب إبل). فدعاهم النبي ﷺ وأعطاهم خمسة من هذه الإبل الجميلة البيض. فانطلقوا فرحين، ثم دار بينهم حديث فقال بعضهم لبعض: "أغفلنا رسول الله ﷺ عن يمينه"، أي خفنا أن نكون قد ألهيناه عن تذكر يمينه فلم يقل "إن شاء الله" فحلف أن لا يحملنا ثم حملنا، فربما لا يبارك لنا في هذا العطاء بسبب ذلك.
فرجعوا إلى النبي ﷺ وسألوه: يا رسول الله، إنا أتيناك نستحملك فحلفت أن لا تحملنا، ثم حملتنا، أفنسيت يمينك؟ فقال النبي ﷺ كلمات عظيمة: "إني، والله! إن شاء الله، لا أحلف على يمين فأرى غيرها خيرًا منها. إلا أتيت الذي هو خير. وتحللتها". أي: إذا حلفت على شيء ثم رأيت أن مخالفة اليمين وخلفها هو الخير والأفضل، فإنني أفعل الخير وأكفر عن يميني. ثم قال لهم: "انطلقوا، فإنما حملكم الله". أي أن الرزق والفضل هو من الله تعالى، وهو الذي أراد هذا الخير لكم.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- جواز أكل لحم الدجاج: فهو حلال، وكان النبي ﷺ يأكله، كما في هذا الحديث وغيره.
2- التقليل من الحلف بالأيمان: فلا ينبغي للمسلم أن يكثر من الحلف في الأمور العادية.
3- مشروعية الاستثناء في اليمين: يقول الفقهاء: من حلف على شيء فليستثنِ بقوله "إن شاء الله" فإنه إن حنث (أخلف يمينه) فلا كفارة عليه. وهذا من تيسير الإسلام.
4- إذا حلف الإنسان على ترك أمر مباح أو معروف، ثم رأى أن فعله خير، فليفعله وليكفر عن يمينه: هذه هي القاعدة العظيمة التي علمنا إياها النبي ﷺ في هذا الحديث. فلا يجوز الالتزام باليمين إذا كان في مخالفته خير وبر ومصلحة. بل يأتي الذي هو خير ويكفر عن يمينه. والكفارة هي كفارة اليمين (إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة، فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام).
5- التعليل بأن الخير والرزق من الله: قوله ﷺ "فإنما حملكم الله" تذكير بأن الرزق والنعم هي من فضل الله تعالى، وهو الذي ييسر الأسباب.
6- أدب الصحابة مع النبي ﷺ: حيث خافوا أن يكونوا قد سببوا له نسيان الاستثناء في يمينه، فعادوا ليسألوه ويطمئنوا، وهذا من أدبهم وحبهم للخير والبركة.
7- جواز كفارة اليمين لمن حنث فيها: وهي مشروعة ومطلوبة لمن حلف ثم رأى غير ذلك الخير
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في فرض الخمس (٣١٣٣) ومسلم في الأيمان (٩: ١٦٤٩) كلاهما من حديث حماد بن زيد، عن أيوب، عن أبي قلابة، وعن القاسم بن عاصم، عن زهدم الجرْمي. قال أيوب: وأنا لحديث القاسم أحفظ مني لحديث أبي قلابة، قال: فذكر الحديث.
وخالفه يحيى بن أبي كثير فرواه عن أبي قلابة، عن عمه، عن عمران بن الحصين قال: أتى أبو موسى الأشعري رسول الله ﷺ يستحمله لنفر من قومه فقال رسول الله ﷺ: فذكر الحديث. وجاء فيه: يا رسول الله! إنك كنت قد حلفت، قال: «وإن كنت حلفت».
رواه ابن حبان في صحيحه (٤٣٥١) من طريق الأوزاعي، عن يحيى بن أبي كثير به، وهذا شاذ من حيث الإسناد والمعنى.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 64 من أصل 103 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

  • 📜 حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رسول الله ﷺ يأكل من لحم الدجاج

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب