حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ذكاة الجنين ذكاة أمه

عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله ﷺ قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه».

حسن: رواه أبو داود (٢٨٢٨) عن محمد بن يحيى بن فارس، حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، حَدَّثَنَا عتاب بن بشير، حَدَّثَنَا عبيد الله بن أبي زياد القداح المكيّ، عن أبي الزُّبير، عن جابر فذكره.

عن جابر بن عبد الله، عن رسول الله ﷺ قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تفضلت بطلبه هو حديث عظيم في بابه، وهو من الأحاديث التي تُبيّن سماحة الشريعة الإسلامية ويسرها، وإليك شرحه الوافي على النحو التالي:


1. شرح المفردات:


● ذكاة: الذكاة في اللغة: التربية والزيادة. وفي الشرع: إزالة حياة الحيوان المأكول اللحم بطريقة مخصوصة شرعاً (أي بالذبح أو النحر) مما يجعل لحمه حلالاً طاهراً.
● الجنين: هو الولد الذي في بطن أمه، وهنا يُقصد به جنين animal (البهيمة) الذي يوجد ميتاً في بطن أمها بعد ذبحها.
● أمه: المقصود بها البهيمة الحامل التي تم ذبحها بالطريقة الشرعية.
فالمعنى الإجمالي للمفردات: أن ذَكاة (تذكية/ذبح) الجنين الذي في بطن أمه تُحلّل لحمه، تكون بذبح أمه ذبحاً شرعياً.


2. شرح الحديث:


يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بحكم مهم من أحكام الذبائح، وهو:
إذا ذُبحت بهيمة (كشاة أو بقرة أو ناقة) وهي حامل، ووجد في بطنها بعد ذبحها جنين ميت، فإن هذا الجنين يكون حلالاً للأكل دون الحاجة إلى ذبحه على حدة، ويكتفي بذكاة أمه (أي ذبحها) لتذكيته.
العلة والحكمة:
العلة أن الجنين تابع لأمه، فهو جزء منها أو في حكم الجزء منها، فإذا ذُكيت الأم (أي ذُبحت شرعاً) وشُرّعت بالذبح، فإن ذلك يشمل ما في بطنها من جنين. وهذا من رحمة الشريعة ويسرها، حيث يعسر في العادة إخراج الجنين حياً ثم ذبحه على حدة.
شروط العمل بالحديث:
اشترط الفقهاء لصحة هذا الحكم شرطين أساسيين:
1- أن تكون الأم مذكاةً ذكاةً شرعيةً كاملة (أي تم ذبحها أو نحرها بالتسمية واستقبال القبلة إن أمكن، وقطع الحلقوم والمريء والودجين).
2- أن يكون الجنين ميتاً عند خروجه من بطن أمه. فإن خرج حياً ثم مات دون أن يُذكى على حدة، فإنه يكون ميتةً ولا يحل أكله.


3. الدروس المستفادة منه:


1- يسر الشريعة وسماحتها: تُظهر الشريعة الإسلامية مراعاتها للظروف والصعوبات، فرفعت الحرج عن المسلمين في مثل هذه الحالات التي يصعب فيها تذكية الجنين على انفراده.
2- الشريعة جاءت لمصالح العباد: هذا الحكم تحقيق لمصلحة الإنسان، حيث أبحت له الانتفاع بلحم الجنين بدلاً من إضاعته وإلقائه.
3- الاعتماد على المصادر الصحيحة: الحديث دليل على أهمية الرجوع إلى السنة النبوية لفهم الأحكام الشرعية، فهو يرد على من might يتحرج من أكل الجنين بلا ذبح مباشر.
4- دقة الفقه الإسلامي: حيث إن الفقهاء قيدوا الحكم بشرط خروج الجنين ميتاً، مما يبين الدقة في التطبيق ومراعاة الضوابط الشرعية.


4. معلومات إضافية مفيدة:


● مصدر الحديث: حديث صحيح رواه الإمام مالك في "الموطأ"، والإمام أحمد في "مسنده"، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه. وصححه العديد من أهل العلم منهم الترمذي وابن حبان.
● الخلاف فيه: ذهب جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة إلى العمل بهذا الحديث. بينما اشترط الحنفية تذكية الجنين على انفراده إذا خرج حياً، وهو قول مرجوح أمام قوة الحديث.
● التطبيق المعاصر: هذا الحكم مطبق في مجازر الدواجن والمواشي اليوم، حيث إذا وجد في بطن الدجاجة أو الشاة بيض مكتمل أو جنين، فإنه يكون حلالاً بطهارة الأم وذكاتها.
أسأل الله تعالى أن يكون في هذا الشرح الفائدة والتبيان، وأن يرزقنا العلم النافع والعمل الصالح. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٨٢٨) عن محمد بن يحيى بن فارس، حَدَّثَنِي إسحاق بن إبراهيم بن راهويه، حَدَّثَنَا عتاب بن بشير، حَدَّثَنَا عبيد الله بن أبي زياد القداح المكيّ، عن أبي الزُّبير، عن جابر فذكره.
ورواه الحاكم (٤/ ١١٤) من هذا الوجه، وصحّحه على شرط مسلم.
وهو ليس كما قال؛ فإن عتابا وابن أبي زياد لم يرو لهما مسلم شيئًا، وعتّاب روى له البخاريّ متابعة ومقرونا، وقد تُكلِّم في حفظهما لكنهما توبعا، فرواه الحاكم من طريق الحسن بن بشر بن سَلْم، ثنا زهير، عن أبي الزُّبير، به مثله.
وزهير بن معاوية أبو خيثمة الجعفيّ، ثقة مشهور، وأمّا الحسن بن بشر فمختلف فيه غير أنه لا بأس به في المتابعات.
وفي معناه ما رُوي عن ابن عمر قال: قال رسول الله ﷺ: «ذكاة الجنين إذا أشعر ذكاة أمه، ولكنه يذبح حتَّى ينصاب ما فيه من الدم».
رواه الحاكم (٤/ ١١٤) عن أبي الوليد، ثنا الحسين (كذا والصواب: الحسن) ابن سفيان، ثنا وهب بن بقية، ثنا محمد بن الحسن الواسطيّ، عن محمد بن إسحاق، عن نافع، عن ابن عمر، فذكره.
ورجاله ثقات حاشا محمد بن إسحاق فإنه مدلِّس وقد عنعن، وأبو الوليد شيخ الحاكم هو حسان بن محمد الفقيه ترجمه الذّهبيّ في السير (١٥/ ٤٩٢) وأثنى عليه بقوله: الإمام الأوحد الحافظ المفتي شيخ خراسان ....».
وقد خالف ابن إسحاق من هو أوثق منه فرووه عن نافع موقوفًا على ابن عمر، رواه مالك في الذبائح (٨) عن نافع، عن عبد الله بن عمر أنه كان يقول: إذا نُحرت الناقةُ، فذكاة ما في بطنها في ذكاتها إذا كان قد تمَّ خَلْقُه ونبت شعرُه، فإذا خرج من بطن أمه ذُبِحَ حتَّى يخرج الدم من جوفه.
ورواه البيهقيّ (٩/ ٣٣٥) من طريق مالك وعبد الله بن عمر (هو العمري) وغير واحد أن نافعا حدَّثهم أن عبد الله بن عمر كان يقول: فذكره.
وفيه: وإذا خرج من بطنها حيا ذُبح.
ثمّ قال البيهقيّ عقبه: «هذا هو الصَّحيح موقوف»، ثمّ رواه مرفوعًا من وجه آخر هو، والدارقطني (٤/ ٢٧١) من طريق عصام بن يوسف، ثنا المبارك بن مجاهد، عن عبد الله بن عمر،
أن رسول الله ﷺ قال في الجنين: «ذكاته ذكاة أمه أشعر أو لم يشعر«وزاد الدَّارقطنيّ: قال عبد الله: «ولكنه إذا خرج من بطن أمه يُؤمر بذبحه، حتَّى يخرج الدمُ من جوفه».
فقوله: «أو لم يشعر«مخالف لحديث ابن إسحاق السابق، وفي إسناده إضافة إلى علة الوقف المشار إليها، المبارك بن مجاهد وهو أبو الأزهر الخراساني المروزيّ، قال أبو حاتم - كما في الجرح والتعديل -: «ما أرى بحديثه بأسا، وكان قُتَيبة بن سعيد ضعَّفه جدًّا وقال: «كان قدريا» وذكره ابن حبَّان في المجروحين وقال: «منكر الحديث ممن ينفرد عن الثّقات بما لا يشبه حديث الأثبات، لا يجوز الاحتجاج به إذا انفرد» اهـ.
وقال أبو أحمد الحاكم: «ليس بالقوي عندهم» وذكره في جملة الضعفاء ابن الجارود، والدولابيّ، والعقيليّ، كما في لسان الميزان.
والصواب أنه موقوف على ابن عمر كما سبق.
مذاهب العلماء في ذكاة الجنين:
قال الترمذيّ عقب حديث أبي سعيد الخدريّ: «والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النَّبِيّ ﷺ وغيرهم وهو قول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق» انتهى.
وشرط مالك الإشعار لقول ابن عمر.
وقال أبو حنيفة: لا يحل أكل الجنين إِلَّا إذا خرج حيا وذكي كالأم. وقد فصّلتُ القول في هذه المسألة مع الأدلة في المنة الكبرى (٨/ ٣٣٣ - ٣٣٤).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 56 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

  • 📜 حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: حكم ذكاة الجنين في بطن الام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب