نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

عن عبد الله بن واقد أنه قال: نهى رسول الله ﷺ عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام، قَال عبد الله بْن أَبي بكْر: فذكرت ذلك لِعَمْرة بِنْت عبد الرحمن فقالتْ: صَدَقَ. سمعت عَائشة زوج النَّبِيّ ﷺ تَقُولُ دَفَّ نَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْبَادِيَةِ حَضْرَةَ الْأَضْحَى فِي زَمَانِ رَسولِ الله ﷺ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «ادَّخِرُوا لِثَلَاثٍ. وَتَصَدَّقُوا بِمَا بَقِيَ». قالت: فلمّا كانَ بعد ذلِك قيل لرسول الله ﷺ: لقد كان النَّاسُ يَنْتَفِعُونَ بِضَحَايَاهُمْ، وَيَجْمُلُونَ مِنْهَا الْوَدَكَ، وَيَتَّخِذُونَ مِنْهَا الْأَسْقِيَةَ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «وَمَا ذَاكَ»؟ أَوْ كَمَا قَالَ. قَالُوا: نَهَيْتَ عَنْ لُحُومِ الضَّحَايَا بَعْدَ ثَلَاثٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ مِنْ أَجْلِ الدَّافَّةِ الَّتِي دَفَّتْ عَلَيْكُمْ. فَكُلُوا، وَتَصَدَّقُوا وَادَّخِرُوا».

صحيح: رواه مالك في الضحايا (٧) عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن واقد فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.
أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام مسلم في صحيحه وغيره من أئمة الحديث:

أولاً. شرح المفردات:

● لحوم الضحايا: هي الذبائح التي تذبح في عيد الأضحى تقربًا إلى الله تعالى.
● بعد ثلاثة أيام: أي بعد انقضاء اليوم الثالث من أيام العيد (أي بعد يوم العيد ويومين بعده).
● دف ناس من أهل البادية: أي أقبلوا مسرعين وجاءوا بكثرة.
● حضرة الأضحى: وقت عيد الأضحى.
● ادَّخِرُوا لِثَلَاثٍ: احتفظوا بلحوم الأضاحي لمدة ثلاثة أيام.
● ينتفعون بضحاياهم: يستفيدون من لحوم أضاحيهم.
● يجملون منها الودك: يأخذون الشحم ويذيبونه لاستخدامه.
● يتخذون منها الأسقية: يصنعون منها أوعية لحفظ السوائل (من الجلود).
● الدافة: الجماعة التي تأتي دفعة واحدة بكثرة.

ثانيًا. شرح الحديث:

هذا الحديث يروي لنا قصة تشريع مهم يتعلق بالأضاحي، وبيان حكمة النبي ﷺ في التدرج في التشريع وفقًا للظروف.
في البداية، نَهَى رسول الله ﷺ عن ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام، وأمر بأن ما زاد عن ثلاثة أيام يتصدق به. وكان سبب هذا النهي أن بعض أهل البادية قدموا إلى المدينة في وقت العيد محتاجين، فأراد النبي ﷺ أن يكفي هؤلاء الضيوف حاجتهم، ويوسع على الفقراء في هذه الأيام المباركة.
ولكن بعد ذلك، حدث تغير في الظروف، فلم يعد هناك ذلك العدد الكبير من المحتاجين القادمين، فاشتكى الناس إلى النبي ﷺ أن هذا النهي يحرمهم من الانتفاع الكامل بأضاحيهم، حيث كانوا يحفظون اللحم لأكثر من ثلاثة أيام، ويستخرجون الشحم، ويصنعون من الجلود أوعية ونحوها.
فأوضح النبي ﷺ أن النهي السابق كان مؤقتًا وليس دائمًا، بل كان من أجل "الدافة" - أي الجماعة التي جاءت بكثرة وحاجة - حتى يُوسع على الفقراء في تلك السنة بالذات. ثم أباح ﷺ بعد ذلك الأكل والادخار والتصدق من لحوم الأضاحي بدون تقييد بثلاثة أيام.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- مرونة التشريع الإسلامي: حيث يراعي النبي ﷺ ظروف الناس وحاجاتهم، فيشرع الأحكام المؤقتة حسب المصلحة، ثم ينسخها أو يعدلها عند زوال السبب.
2- رحمة الإسلام بالفقير: حرص النبي ﷺ على سد حاجة المحتاجين الوافدين بتوجيه المسلمين للتصدق بلحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام.
3- رفع الحرج عن الأمة: عندما زال سبب النهي، أباح النبي ﷺ الادخار والانتفاع الكامل بالأضاحي، تخفيفًا على الناس ورفعًا للحرج عنهم.
4- الحكمة من النسخ في الأحكام: بيان أن بعض الأحكام الشرعية قد تكون مؤقتة لظروف معينة، ولا يعني ذلك ثبوتها دائمًا.
5- مشروعية الانتفاع بلحوم الأضاحي: بما في ذلك الأكل والادخار والتصدق واستخراج الشحم واستخدام الجلود، وهذا هو الحكم الثابت بعد رفع النهي.

رابعًا. معلومات إضافية:

● الحكم النهائي: الجمهور من العلماء على أنه يجوز ادخار لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام بدون كراهة، وهذا هو مذهب الجمهور استنادًا إلى هذا الحديث.
● الترجيح بين الروايات: هذا الحديث ينسخ النهي الوارد في بعض الأحاديث عن الادخار بعد ثلاثة أيام، ويبين أن النهي كان مؤقتًا لعارض.
● الفقه العملي: يستحب للمضحي أن يأكل من أضحيته ويهدي ويتصدق، ولكن لا حرج في أن يدخر منها ما يشاء بعد زوال العذر.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الضحايا (٧) عن عبد الله بن أبي بكر، عن عبد الله بن واقد فذكره.
ورواه مسلم في الأضاحي (٢٨: ١٩٧١) من طريق مالك به مثله.
وقولها: «دف الناس» الدف: سير سريع يقارب فيه بين الخطو وأرادت أن أهل البادية أقدمتهم المجاعة إلى المدينة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 67 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

📜 حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله عن أكل لحوم الضحايا بعد ثلاثة أيام

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية