حديث: لا فرعة ولا عتيرة

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في النهي عن الفرع والعتيرة

عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «لا فرعةً ولا عتيرةً».

صحيح: رواه ابن ماجه (٣١٦٩) عن محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر فذكره.

عن ابن عمر أن النبي ﷺ قال: «لا فرعةً ولا عتيرةً».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحًا وافيًا مستندًا إلى مصادر أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لَا فَرْعَةَ وَلَا عَتِيرَةَ».
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)


١. شرح المفردات:


* الفرعة (بفتح الفاء والراء): في اللغة: هي أول النتاج (أول ولد) كانوا يذبحونه في الجاهلية لآلهتهم. وقيل: هي أن يذبحوا أول ما يولد لهم من الإبل أو الغنم، ثم يغمزون (يعلقون) على ظهور بيوتهم من جلودها أو صوفها أو وبرها، تعظيمًا لأصنامهم.
* العَتِيرَة (بفتح العين وكسر التاء): هي ذبيحة كانوا يذبحونها في أول شهر رجب، ويتقربون بها لأصنامهم. وكانوا يسمونها أيضًا "الرجبية" لذبحها في رجب.


٢. شرح الحديث:


هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يقع في سياق إبطال العادات والتقاليد الجاهلية التي كانت مخالفة لشرع الله تعالى.
* المعنى الإجمالي: ينهى النبي صلى الله عليه وسلم عن عادتين من عادات الجاهلية في الذبح، وهما: الفرعة والعَتِيرَة، ويُحكم بإبطالهما وعدم مشروعيتهما في الإسلام.
* السياق والحكمة: في الجاهلية، كان العرب يتقربون بهاتين الذبيحتين لآلهتهم الباطلة. فجاء الإسلام ليطهر العقيدة من كل شرك، وينقّي العبادات من كل ما علق بها من أوضار الجاهلية. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن هاتين العبادتين لارتباطهما الوثيق بعبادة غير الله، ولأنهما من ابتداع الجاهلية وليسا من شرع الله الذي جاء به الأنبياء.
* هل النهي للتحريم أم للكراهة؟
ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية) إلى أن النهي هنا للتحريم، وأن هذين النوعين من الذبح محرمان؛ لأنهما من شعائر الكفار وتقليد لهم في عباداتهم الباطلة. وهذا هو الراجح.
* ما الفرق بينهما وبين العقيقة؟
من المهم التفريق بين العتيرة والفرعة المحرمتين، وبين العقيقة المشروعة التي تذبح للمولود. فالعقيقة سنة مؤكدة عن النبي صلى الله عليه وسلم، تذبح شكرًا لله تعالى على المولود، وتتصدق بها، ولا علاقة لها بتقليد الجاهلية أو التعظيم لغير الله. فالشكل الظاهري واحد (ذبح حيوان) لكن النية والمقصد完全不同، وهذا هو محل الاعتبار في الشريعة.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- تنقية التوحيد: من أهم مقاصد الشريعة تطهير العقيدة من كل شكل من أشكال الشرك، صغيره وكبيره، ظاهره وباطنه. فالنهي عن الفرعة والعتيرة جاء للحفاظ على صفاء التوحيد وقطع الصلة بمعتقدات الجاهلية.
2- النهي عن التشبه بالكفار: ينهى الإسلام عن تقليد الكفار في عباداتهم وأعيادهم وعاداتهم الخاصة بهم، خاصة إذا كانت مرتبطة بعقيدتهم الفاسدة.
3- الاعتماد على الشرع: ليس كل ما كان يفعله الناس في السابق يكون صحيحًا أو مشروعًا. المرجعية هي ما جاء به الشرع الإسلامي، فما أقره فهو حق، وما أبطله فهو باطل.
4- الأعمال بالنيات: يظهر من هذا الحديث أهمية النية ومقصد التعبد في تمييز العبادة عن العادة، وتمييز العمل المشروع عن العمل المبتدع أو المحرم. فذبح العقيقة لله سنة، وذبح العتيرة لغير الله أو تقليدًا للجاهلية حرام.
5- منهج التدرج في تغيير المنكر: كان العرب يعظمون رجبًا ويعتبرون العتيرة من دينهم، فجاء الإسلام بإبطالها تدريجيًا، ثم حسم الأمر بالنهي القاطع، مما يدل على حكمة التشريع ومراعاة أحوال الناس.


٤. معلومات إضافية:


* وردت أحاديث أخرى تبين أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أمر بالعقيقة وأقرها، مما يؤكد الفرق الجوهري بينها وبين الفرعة المحرمة.
* بعض أهل العلم (كالإمام أحمد في رواية) رأى أن النهي عن العتيرة قد نُسخ، وأنه يجوز الذبح في رجب كذبح في أي شهر آخر إذا قصد به التقرب إلى الله تعالى بالأكل أو الصدقة، لا على أنها سنة أو عبادة خاصة برجب. ولكن القول الراجح عند الجمهور هو التحريم؛ للحديث الصحيح الصريح في النهي، ولئلا يكون ذريعة للعودة إلى عادات الجاهلية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن ماجه (٣١٦٩) عن محمد بن أبي عمر العدني، ثنا سفيان بن عيينة، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن ابن عمر فذكره. وقال ابن ماجه عقبه: «هذا من فرائد العدني».
قال الأعظمي: وإسناده صحيح، وابن أبي عمر العدني شيخ ابن ماجه صاحب المسند مشهور بالرواية عن سفيان بن عيينة.
وقال البوصيري في مصباح الزجاجة (٣/ ٥٩): «هذا إسناد صحيح رجاله ثقات».
فقه الحديث:
اختلف أهل العلم في الجمع بين هذين الحديثين والأحاديث التي قبلهما القاضية بجواز العتيرة أو الأمر بهما.
فجمع بعضهم بحمل الأحاديث المذكورة على الندب، وحديث أبي هريرة وابن عمر على عدم الوجوب، فقوله: «لا فرع ولا عتيرة«أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، وإليه ذهب إسحاق بن راهويه فقال عقب روايته حديث عائشة: أمر رسول الله ﷺ بالفرع من خمس واحدة» قال: «لا فرع ولا عتيرة» نقول: «لا واجب». اهـ.
وهو مذهب الشافعي وبعض أصحابه قال النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٣٧): «والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع والعتيرة، وأجابوا عن حديث»لا فرع ولا عتيرة«بثلاثة أوجه:
أحدها: جواب الشافعي السابق أن المراد نفي الوجوب.
والثاني: أن المراد نفي ما كانوا يذبحون لأصنامهم.
والثالث: أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب، أو في ثواب إراقة الدم، فأما تفرقة اللحم على المساكين فبر وصدقة، وقد نص الشافعي في سنن حرملة أنها إن تيسرت كل شهر كان حسنا هذا تلخيص حكمها في مذهبنا» اهـ.
وذهب جمهور العلماء إلى إبطال الفرع والعتيرة، وأن الأحاديث الواردة في مشروعيتها قد نسخت بحديث أبي هريرة في النهي عنهما، وإن لم يعلم التاريخ غير أن قواعد الترجيح تقتضي ذلك؛ لأن النهي لا يكون إلا عن شيء كان يفعل، ولم يقل أحد إنه نهى عنهما ثم أذن في فعلهما، وإنما كان آخر الأمرين النهي عن فعلهما. وقد حكى القاضي عياض عن جماهير العلماء نسخ الأمر بالفرع والعتيرة نقله عنه النووي في شرح مسلم (١٣/ ١٣٧).

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 81 من أصل 81 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا فرعة ولا عتيرة

  • 📜 حديث: لا فرعة ولا عتيرة

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا فرعة ولا عتيرة

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا فرعة ولا عتيرة

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا فرعة ولا عتيرة

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب