حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ذكر الأوعية التي نهي أن ينتبذ فيها

عن ميمونة زوج النبي ﷺ أنه لا قال: «لا تَنبذوا في الدياء، ولا في المزفت، ولا في الحنتم، ولا في النقير، ولا في الجرار، وكل مسكر حرام».

حسن: رواه أحمد (٢٦٨٢٣)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٤٣٩) من طريق زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن القاسم بن محمد، عن عائشة.

عن ميمونة زوج النبي ﷺ أنه لا قال: «لا تَنبذوا في الدياء، ولا في المزفت، ولا في الحنتم، ولا في النقير، ولا في الجرار، وكل مسكر حرام».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث العظيم رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أم المؤمنين ميمونة رضي الله عنها، عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يتناول تحريم آنية معينة لصنع النبيذ، ويؤكد على أصل عظيم وهو تحريم كل مسكر.

أولاً. شرح المفردات:


● تَنبذوا: النَّبْذ هو صب التمر أو الزبيب في الماء ليتخمر ويصير نبيذاً.
● الدّباء: (بكسر الدال وتشديد الباء) هي القرع الذي يُجفف ويُتخذ منه وعاءً.
● المُزَفَّت: (بضم الميم وفتح الزاي وتشديد الفاء) هو الوعاء الذي طُلي بالقار أو الزفت ليحفظ السائل من التسرب.
● الحنتم: جرار خضراء كانت تصنع من الفخار وتُستخدم لحفظ الخمر.
● النقير: هو وعاء يُنقر في جذع النخلة فيُتخذ وعاءً.
● الجرار: جمع جَرَّة، وهي الأواني الفخارية الكبيرة.
● مسكر: كل ما غطى العقل وأسكر من خمر أو غيرها.

ثانياً. شرح الحديث:


يأمر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بعدم صنع النبيذ (وهو ما يُتخذ من التمر أو الزبيب بالماء) في هذه الأوعية المذكورة (الدباء، المزفت، الحنتم، النقير، الجرار).
والحكمة من النهي عن الانتباذ في هذه الأوعية خاصة:
1- سرعة الإسكار: هذه الأوعية -وخاصة المسامية مثل الدباء والنقير أو التي تحتفظ بالحرارة مثل الجرار الفخارية- تُسرع في عملية تخمر العصير وتحوله إلى خمر مسكرة في وقت قليل، ربما في يوم أو يومين.
2- قطع الذريعة: هذه الأوعية كانت معروفة لدى العرب بأنها أوعية خاصة لصنع الخمر وحفظها. فنهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم سداً للذريعة، حتى لا يظن الظان أو يجرب الجاهل أن صنع النبيذ فيها جائز.
3- منع الالتباس: حتى لا يختلط الأمر على الناس، فيشربوا ما يُعتقد أنه نبيذ حلال (غير متخمر) وهو في الحقيقة قد تحول إلى خمر حرام بسبب سرعة تخمره في هذه الأوعية.
ثم ختم النبي صلى الله عليه وسلم الحديث بقاعدة كبرى شاملة تُزيل أي التباس أو جدل: "وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ". فهذه الجملة هي الأصل والأساس، وهي التي عليها المعول. فكل شراب أو طعام إذا غطى العقل وأسكر، فهو حرام بغض النظر عن أصله (تمر، شعير، عنب، عسل...) وبغض النظر عن الوعاء الذي صُنع فيه.

ثالثاً. الدروس المستفادة:


1- حكمة التشريع الإسلامي: النهي عن هذه الأوعية показывает حرص الشريعة على سد كل باب يؤدي إلى الحرام، وقطع الطريق على الشبهات.
2- تحريم كل ما أسكر: الحديث قاعدة عظيمة تحرم كل مسكر مهما كان نوعه أو لونه أو مصدره، صغيراً كان أم كبيراً، كثيراً أم قليلاً. فما أسكر كثيره فقليله حرام.
3- الوسائل لها أحكام المقاصد: نهى الشارع عن الوسيلة (صنع النبيذ في هذه الأوعية) التي تؤدي إلى المقصد المحرم (شرب الخمر).
4- التيسير ورفع الحرج: النهي عن هذه الأوعية خاصة يدل على أنه لو صُنع النبيذ في غيرها (كالأواني الزجاجية أو المعدنية الحديثة التي لا تُسرع التخمر) وكان المرء سيشربه قبل أن يتحول إلى مسكر، فإن ذلك جائز. وهذا من يسر الإسلام ورفعه للحرج.
5- التحذير من مواطن الشبهة: على المسلم أن يبتعد عن كل ما يشبه أفعال أهل المعاصي والفساد، حتى لا يُتُّهم أو يقع في المحظور.

رابعاً. معلومات إضافية:


- الحديث دليل على تحريم الخمر وتحريم كل ما يُذهب العقل.
- العلماء استنبطوا من هذا الحديث قاعدة فقهية مهمة، وهي "سد الذرائع"، أي منع الوسائل التي تؤدي إلى الحرام.
- المعاصرة: ينطبق هذا الحكم اليوم على كل وعاء يُعلم أو يُغلب على الظن أنه يُسرع في تخمر العصائر وتحولها إلى مسكرات، فيجب تجنبه.
- الخلاصة: أن الأصل هو تحريم كل مسكر، والنهي عن هذه الأوعية كان لسبب خاص، والحكمة العامة هي منع كل ما يؤدي إلى الإسكار.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٦٨٢٣)، والطبراني في الكبير (٢٣/ ٤٣٩) من طريق زهير بن محمد، عن عبد الله بن محمد بن عقيل، عن القاسم بن محمد، عن عائشة. وعن عطاء، عن ميمونة .. فذكرته.
ورواه أبو يعلى الموصلي (٧١٠٣) من هذا الوجه عن ميمونة وحدها، وإسناده حسن من أجل الخلاف في عبد الله بن محمد بن عقيل إلا أنه حسن الحديث ما لم يخالف. وعطاء هو ابن يسار مولى ميمونة. وتوبع ابن عقيل على إسناده من حديث عائشة فرواه النسائي (٥٥٩٠) من طريق عبد الله بن العلاء بن زير، عن القاسم بإسناده ورجاله ثقات.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 88 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

  • 📜 حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب