حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في ذكر الأوعية التي نهي أن ينتبذ فيها

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: أنه نهى عن المزفت والحنتم والنقير، قال: قيل: لأبي هريرة: ما الحنتم؟ قال: الجِرار الخُضر.
وزاد في رواية: «الدباء».

صحيح: رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٣: ٣٢) عن محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا وهيب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال .

عن أبي هريرة عن النبي ﷺ: أنه نهى عن المزفت والحنتم والنقير، قال: قيل: لأبي هريرة: ما الحنتم؟ قال: الجِرار الخُضر.
وزاد في رواية: «الدباء».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً، مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة.

نص الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: "أنه نهى عن المزفت والحنتم والنقير"، قال: قيل لأبي هريرة: ما الحنتم؟ قال: الجرار الخضر. وزاد في رواية: «الدباء».


1. شرح المفردات:


* نهى: أي حَرَّمَ أو منع من الانتباذ (وهو نقع التمر أو الزبيب في الماء ليتخمر ويصير نبيذاً) والاستعمال فيها للشرب؛ لما يترتب على ذلك من مفاسد.
* المُزَفَّت: هو الوعاء الذي طلي داخله بالقار (الزفت) لمنع تسرب السوائل. وسُمي مزفتاً لاستعمال الزفت فيه.
* الحنتم: جمع حنتمة، وهي كما فسرها الراوي أبو هريرة رضي الله نفسه: الجِرار الخُضر. وهي جرار خضراء كانت تصنع من الفخار وتُحرق حتى تخضر، وكانت شائعة الاستخدام عند العرب.
* النقير: هو وعاء بدائي يصنع من جذع النخلة، حيث ينقر (يُحفر) وسطه ليصبح كوعاء صغير.
* الدباء: (بضم الدال وتشديد الباء) جمع دباءة، وهي القرع أو اليقطين. والمقصود الأوعية المصنوعة من القرع المجفف بعد نزع لبه.


2. شرح الحديث:


نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الانتباذ (نقع التمر أو الزبيب ليتخمر) والشرخ في هذه الأوعية الأربعة: المزفت، والحنتم (الجرار الخضر)، والنقير، والدباء.
الحكمة من النهي:
أجمع شراح الحديث على أن النهي ليس للتحريم المطلق لذات هذه الأوعية، بل النهي عن اتخاذها آنية للخمر (النبيذ الذي يمكن أن يسكر). وبيان ذلك من وجهين:
1- سرعة تخمر النبيذ فيها: هذه الأوعية (خصوصاً الجرار الخضراء الفخارية والمطلية بالزفت) تحفظ السائل وتُسَرِّع عملية تخمره وتحوله إلى خمر مسكرة بوقت قصير، خوفاً من أن يشربها الشخص وهي قد أصبحت مسكرة وهو لا يدري.
2- سداً للذريعة: نهى عنها النبي صلى الله عليه وسلم سداً للذريعة المؤدية إلى شرب الخمر والوقوع في الإسكار، وهو أصل من أصول الشريعة. فإذا منع من الانتباذ في هذه الأوعية السريعة التخمر، فإنه يقطع الطريق على وجود الخمر أصلاً أو شربها في حالة السكر.
وقد جاءت نصوص أخرى تبين أن النهي ليس للتحريم الذاتي للإناء، بل لعلة التخمر. ففي صحيح مسلم عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الظروف، قيل له: أظروف من؟ قال: التي يُتخذ فيها الخمر".
هل النهي للتحريم أم للكراهة؟
ذهب جمهور العلماء إلى أن النهي للتحريم في حالة اتخاذها لصنع الخمر أو شربها، وذلك للعلة المذكورة. أما إذا استعملت هذه الأوعية لأغراض أخرى طاهرة (كحفظ الماء أو الطعام أو التمر الجاف) فلا حرج فيها، إذ العلة منتفية.


3. الدروس المستفادة منه:


1- حكمة الشريعة وسَعتها: يظهر من هذا الحديث حرص الشريعة الإسلامية على حفظ عقل الإنسان وصحته وماله، وسد كل باب يؤدي إلى الضرر، ولو كان ذلك الباب مباحاً في أصله.
2- سد الذرائع: هذا الحديث أصل من أصول "سد الذرائع" في الفقه الإسلامي، وهي أن ما يؤدي إلى الحرام فهو حرام. فاستعمال هذه الأوعية ذريعة قوية للوقوع في شرب الخمر، فمنعت.
3- التفقه في الدين: حرص الصحابة رضي الله عنهم على فهم دقائق الأمور، كما في سؤالهم لأبي هريرة عن معنى "الحنتم" ليتفقهوا في الدين ويعملوا به على بصيرة.
4- بيان السنة للمجمل: قام أبو هريرة رضي الله عنه، وهو راوي الحديث، ببيان معنى كلمة "الحنتم" المجملة للمسلمين، مما يدل على دور العلماء والرواة في شرح وتبليغ العلم.
5- التدرج في التشريع: يُعتقد أن هذا النهي كان في مرحلة تحريم الخمر بشكل قاطع، لقطع كل الوسائل الموصلة إليها.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* الحكم الفقهي: ذهب جمهور الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة الانتباذ في هذه الأوعية المذكورة خوفاً من التخمر السريع. بينما ذهب الحنفية إلى جواز الانتباذ في كل وعاء إذا لم يخشَ وصوله إلى حد الإسكار.
* العلة المعاصرة: يمكن تطبيق الحكمة من هذا الحديث في زماننا على كل ما يساعد في تسريع إنتاج المسكرات أو تعاطيها، كبعض الأجهزة أو الأدوات الخاصة بتحضير الخمور والمخدرات، فيكون النهي عنها سداً للذريعة وحماية للمجتمع.
* الرواية المزيدة: زيادة "الدباء" في بعض الروايات لا تعارض، بل هي زيادة ثقة مقبولة تبين أن النهي شمل أيضاً الأوعية المصنوعة من القرع المجفف لنفس العلة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الأشربة (١٩٩٣: ٣٢) عن محمد بن حاتم، حدثنا بهز، حدثنا وهيب، عن سهيل، عن أبيه، عن أبي هريرة قال .. فذكره.
والرواية الأخرى للنسائي (٥٦٥٣) من طريق محمد بن زياد الدمشقي، عن أبي هريرة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 79 من أصل 147 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

  • 📜 حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب