يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

عن أبي هريرة، قال: كنا نمشي مع رسول الله ﷺ، فمررنا على قبرين، فقام، فقمنا معه، فجعل لونه يتغير حتى رعد كُمُّ قميصه، فقلنا: ما لك يا نبي الله؟ قال: ما تسمعون ما أسمع؟ قلنا: وما ذاك يا نبي الله؟ قال: «هذان رجلان يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ» قلنا: مِمَّ ذلك يا نبيَّ الله؟ قال: «كان أحدهما لا يستنزه من البول، وكان الآخر يؤذي الناس بلسانه، ويمشي بينهم بالنميمة» فدعا بجريدَتَيْن من جرائد النخل، فجعل في كل قبر واحدة، قلنا: وهل ينفعهما ذلك يا رسول الله؟ قال: نعم يخفف عنهما ما داما رَطْبَتَيْن».

صحيح: رواه ابن حبان (٨٢٤) قال: أخبرنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي أُنْيْسة، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة فذكر الحديث.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا جميعاً بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحديث الذي طلبت شرحه: حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه (216) ومسلم في صحيحه (292)، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
وهذا شرحه وافياً على النحو المطلوب:

1. شرح المفردات:

* رعد كُمُّ قميصه: اضطرب واهتز طرف كم ثوبه من شدة الخوف والرهبة مما يراه ويسمعه.
* يستنزه من البول: يتنزه ويتحرى النظافة والتطهر منه، أي لا يتحرز من نضحه وقطره.
* يؤذي الناس بلسانه: يقول الكلام المؤذي من سب أو شتم أو غيبة أو غيرها.
* يمشي بينهم بالنميمة: ينقل الكلام بين الناس على وجه الإفساد وإيقاع العداوة.
* بجريدتين: غصنين أخضرين من سعف النخل.
* رَطْبَتَيْن: طريتين، لم يجفا بعد.

2. المعنى الإجمالي للحديث:

يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يسيرون مع النبي صلى الله عليه وسلم، فمرّوا على قبرين حديثي الدفن. فوقف النبي صلى الله عليه وسلم وقام الصحابة وقوفاً معه تأدباً واحتراماً. فإذا بالنبي صلى الله عليه وسلم يظهر عليه أثر الخوف الشديد والرهبة حتى أن طرف ثوبه اهتز من شدة ذلك. فسأله الصحابة عن سبب هذا التغير، فأخبرهم أنه يسمع عذاب الرجلين في قبريهما عذاباً شديداً بسبب ذنبين يعتبرهما الناس هيّنين ولا يهتمان بهما. وعند سؤالهم عن هذين الذنبين، بيّن صلى الله عليه وسلم أنهما:
* عدم التنزه من البول: وهو إهمال الطهارة من نجاسة البول وعدم الاهتمام بتنظيف الثوب والبدن منه.
* إيذاء الناس باللسان والنميمة: وهو التسبب في إيذاء المسلمين بكلامه، بنقل الكلام للإفساد بينهم أو بالسب والشتم وغير ذلك.
ثم طلب النبي صلى الله عليه وسلم غصنين رطبين من النخل، ووضعهما على القبرين، موضحاً للصحابة أن هذا سيكون سبباً في تخفيف العذاب عن صاحبيهما طالما بقيا رطبين لم يجفا.

3. الدروس المستفادة منه:

هذا الحديث العظيم يحوي كنوزاً من الدروس والعبر، منها:
* حقيقة عذاب القبر: الحديث دليل صريح على ثبوت عذاب القبر، وهو من أمور الغيب التي يجب الإيمان بها.
* خطورة الذنوب "الصغيرة": يحذر الحديث من الاستهانة بالذنوب واعتبارها صغيرة، فالعبرة بعظم من عصي (وهو الله تعالى) وليس بصغر المعصية. فذنب إهمال الطهارة وذنب النميمة قد أوجبا عذاباً شديداً.
* الاهتمام بالطهارة والنظافة: يُظهر الحديث أهمية العناية الفائقة بالطهارة من النجاسات، خاصة البول الذي يستهين به الكثيرون، وجعل ذلك من أسباب عذاب القبر.
* خطر اللسان: الحديث تحذير شديد من آفات اللسان، خاصة النميمة وإيذاء المسلمين بالكلام، وجعل ذلك من الكبائر التي توجب العذاب الشديد.
* شفقة النبي صلى الله عليه وسلم: موقف النبي صلى الله عليه وسلم يدل على شفقته العظيمة على أمته، حتى على من مات وهو يعذب، حيث سعى في تخفيف العذاب عنهما بما تيسر.
* بركة عمل الصالحات للموتى: فعل النبي صلى الله عليه وسلم بالجريدتين دليل على أن الميت ينتفع بدعاء الحيِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِِ

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه ابن حبان (٨٢٤) قال: أخبرنا أبو عروبة، قال: حدثنا محمد بن وهب بن أبي كريمة، قال: حدثنا محمد بن سلمة، عن أبي عبد الرحيم، قال: حدثني زيد بن أبي أُنْيْسة، عن المنهال بن عمرو، عن عبد الله بن الحارث، عن أبي هريرة فذكر الحديث.
ورجاله ثقات. أبو عروبة هو الحسين بن محمد بن أبي معشر الحراني حافظ مترجَم في «تذكرة الحفاظ» (٢/ ٧٧٤) وأبو عبد الرحيم هو: خالد بن يزيد، ويقال: ابن أبي يزيد الأموي مولاهم الحراني، ثقة من رجال مسلم.
وللحديث إسناد آخر رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٣٧٦) وأحمد (٩٦٨٦) من طريق محمد بن عبيد، حدثنا يزيد بن كيسان، عن أبي حازم، عن أبي هريرة قال: مر رسول الله ﷺ على قبر فوقف عليه، فقال: «إيتوني بجريدتين، فجعل أحداهما عند رأسه، والأخرى عند رجليه، فقيل له: يا رسول الله! أينفعه ذلك؟ فقال: «لعله يخفف عنه بعض عذاب القبر ما بقيت فيه ندوة».
وإسناده حسن لأجل يزيد بن كيسان فإنه مختلف فيه، والخلاصة أنه حسن الحديث. وهو من رجال مسلم. ولذا قال الهيثمي في: المجمع (٣/ ٥٧) رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح».
قال الأعظمي: ليس فيه ذكر السبب العذاب، فيحتمل أنه يعذب بسبب البول كما في الرواية السابقة، ويحتمل أن يكون السبب آخر، ولذا ذكروه في كتاب الجنائز، ولم يذكروه في كتاب الطهارة. وسأذكر بقية أحاديث عذاب القبر في كتاب الجنائز.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 101 من أصل 119 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

📜 حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: يعذبان في قبورهما عذابًا شديدًا في ذنبٍ هينٍ

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية