حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في المسح على الجوربين والنعلين

عن ثوبان قال: بعث رسول الله ﷺ سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله ﷺ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتّساخين.

حسن: رواه أبو داود (١٤٦) عن أحمد بن محمد بن حنبل، ثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، فذكره.

عن ثوبان قال: بعث رسول الله ﷺ سرية فأصابهم البرد، فلما قدموا على رسول الله ﷺ أمرهم أن يمسحوا على العصائب والتّساخين.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث صحيح رواه الإمام أبو داود في سننه، والإمام أحمد في مسنده، وغيرهما، عن الصحابي الجليل ثوبان مولى رسول الله ﷺ.
شرح المفردات:
* سرية: مجموعة من الجنود المسلمين تُبعث لغزو أو استكشاف، وعددها أقل من الجيش الكبير.
* أصابهم البرد: تعرضوا لشدة البرد القارس.
* العصائب: (مفردها: عِصَابة) هي ما يُعصَب به الرأس، أي ما يلف عليه كالعمامة ونحوها. والمقصود هنا: العمائم التي كانت على رؤوسهم.
* التّساخين: (مفردها: تَسْخِين) هي ما يُسَخَّن به، أي الخفاف (جمع خُفّ) التي يلبسها المسافر على قدميه لتدفئتها وحمايتها. والخُفّ هو ما يصنع من الجلد ويغطي القدم إلى الكعبين.
المعنى الإجمالي للحديث:
أن النبي ﷺ أرسل مجموعة من الصحابة في مهمة عسكرية (سرية)، فتعرضوا خلال سفرهم لطقس بارد جداً. وعندما عادوا إلى المدينة وشكوا له من شدة البرد وما لحقهم من مشقة، أمرهم النبي ﷺ أن يمسحوا على عمائمهم (العصائب) وعلى خفافهم (التساخين) عند الوضوء، بدلاً من خلعها وغسل الرجلين أو مسح الرأس كاملاً، تيسيراً عليهم ورفعاً للحرج والمشقة عنهم.
الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- رفع الحرج ودفع المشقة: هذا الحديث من أعظم الأدلة على سماحة الإسلام ويسره، ومراعاة أحوال المكلفين وظروفهم. فالشريعة الإسلامية جاءت لتيسير العبادة على العباد وليس لتتعبدهم بالمشاق. قال تعالى: {وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ}.
2- مشروعية المسح على الخفاف: وهو أمر مجمع عليه بين أهل العلم بشروطه المعروفة. وهذا الحديث يبين أحد هذه الشروط أو الأسباب، وهو وجود المشقة من البرد أو نحوه، مما يجعله عذراً مبيحاً للمسح.
3- مشروعية المسح على العمامة (العصائب): وهذا من الخصائص التي تسمى "مسح العمائم". وذهب جمهور العلماء (من الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى جواز المسح على العمامة بدلاً من مسح الرأس في الوضوء، بشروط منها:
* أن تكون العمامة قد غطت كل الرأس أو معظمه (بحيث لو مسح عليها لتحقق معنى مسح الرأس).
* أن تكون قد وُضِعَت على طهارة كاملة.
* أن تكون مشدودة وغير مرخاة.
* أن تكون هناك حاجة أو عذر كالسفر أو البرد، كما في هذا الحديث.
4- حكمة النبي ﷺ وشفقته على أمته: فقد رأى النبي ﷺ ما أصاب أصحابه من مشقة، فلم يكتف بالتعاطف معهم، بل قدم لهم حلاً عملياً شرعياً يرفع عنهم المشقة ويحافظ على طهارتهم وصلاتهم.
5- التيسير في العبادات عند وجود الأعذار: يُستفاد من الحديث أن الأحكام الشرعية مرنة وقابلة للتغيير عند تغير الظروف والأحوال، كوجود مرض أو سفر أو برد شديد، مما يدل على أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان.
خاتمة:
هذا الحديث الشريف يظهر لنا جانبا من رحمة النبي ﷺ بأمته وحرصه على تيسير أمور دينهم ودنياهم. وهو درس للمسلمين في الرفق بأنفسهم وعدم تحميلها ما لا تطيق، وللدعاة والعلماء في مراعاة أحوال الناس وعدم تشديدهم عليهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٤٦) عن أحمد بن محمد بن حنبل، ثنا يحيى بن سعيد، عن ثور، عن راشد بن سعد، عن ثوبان، فذكره. وهو في مسند الإمام أحمد (٢٢٣٨٣).
وإسناده حسن كما سبق في المسح على الخفين والعمامة.
و«التساخين»: كلّ ما يُسخن به القدم من خُفٍّ وجورب وغير ذلك.
قال الترمذي: وهو قول غير واحد من أهل العلم، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق، قالوا: يمسح على الجوربين وإن لم تكن نعلين إذا كانا ثخينين. قال: وفي الباب عن أبي موسى. وقال: وسمعت صالح بن محمد الترمذي قال: سمعتُ أبا مقاتل السمرقندي يقول: دخلت على أبي حنيفة في مرضه الذي مات فيه، فدعا بماء فتوضأ وعليه جوربان، فمسح عليهما، ثم قال: فعلت اليوم شيئًا لم أكن أفعله؛ مسحت على الجوربين وهما غير منعَّلين. انتهى.
قال شيخ الإسلام في فتاويه: «يجوز المسحُ على الجوربين، إذا كان يمشي فيهما، سواء كانت مجلدة، أو لم تكن، في أصحِّ قولي العلماء. ففي السنن: أنَّ النبيَّ ﷺ مسح على جوربيه ونعليه. وهذا الحديث إذا لم يثبت فالقياس يقتضي ذلك. فإنَّ الفرق بين الجوربين والنعلين إنَّما هو كون هذا من صوفٍ، وهذا من جلودٍ. ومعلوم أنَّ مثل هذا الفرق غير مؤثِّرٍ في الشريعة، فلا فرق بين أن يكون جلودًا أو قطنًا، أو كتَّانًا، أو صوفًا، كما لم يُفرق بين سواد اللباس في الإحرام وبياضه، وغايته أنَّ الجلد أبقى من الصوف، فهذا لا تأثير له، كما لا تأثير لكون الجلد قويًّا، بل يجوز المسح على ما يبقى وما لا يبقى.
وأيضًا فمن المعلوم أن الحاجة إلى المسح على هذا الحاجة إلى المسح على هذا سواء. ومع التساوي في الحكمة والحاجة يكون التفريق بينهما تفريقًا بين المتماثلين. وهذا خلاف العدل والاعتبار الصحيح الذي جاء به الكتاب والسنة، وما أنزل الله به من كتبه، وأرسل به رسله.
ومن فرَّق بكون هذا ينفذ الماء منه، وهذا لا ينفذ منه فقد ذكر فرقًا طرديًّا عديم التأثير. ولو قال قائل: يصل الماء إلى الصوف أكثر من الجلد، فيكون المسح عليه أولى للصوق الطَّهور به أكثر، كان هذا الوصف أولى بالاعتبار من ذلك الوصف، وأقرب إلى الأوصاف المؤثِّرةِ. وذلك أقرب إلى الأوصاف الطردية، وكلاهما باطلٌ». انتهى.
وفي الباب حديث أبي موسى الذي أشار إليه أبو داود والترمذي رواه ابن ماجه (٥٦٠) أن النبي ﷺ توضأ ومسح على الجوربين والنعلين. رواه عن محمد بن يحيى، ثنا مُعلَّى بن منصور وبشر بن آدم قالا: ثنا عيسى بن يونس، عن عيسى بن سِنان، عن الضحاك بن عبد الرحمن بن عَرْزَب، عن أبي موسى الأشعري، فذكر الحديث.
وفيه علتان كما قال أبو داود:
الأُولى: ليس بمتصل؛ لأن الضحاك بن عبد الرحمن لم يدرك أبا موسى الأشعري.
والثانية: ليس بالقوي؛ لأن عيسى بن سنان الراوي عن الضحاك ضعيف؛ ضعَّفه أحمد وابن معين وأبو زرعة والنسائي وغيرهم.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 152 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

  • 📜 حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مسح العصائب والتساخين عند البرد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب