حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب غسل الرجلين في النعلين وأنَّه لا يمسح عليهما

عن عبيد بن جريج، أنَّه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها. قال: وما هُنَّ يا ابن جريج؟ فذكر من الأربع: رأيتك تلبس النِّعال السِّبْتِيَّة. فقال: وأمَّا النعال السِّبْتِيَّة؛ فإني رأيت رسول الله ﷺ يلبس النعال التي ليس فيها شعرٌ، ويتوضَّأ فيها. فأنا أُحبُّ أن ألبسها.

متفق عليه: رواه مالك في الحجِّ (٣١) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج .

عن عبيد بن جريج، أنَّه قال لعبد الله بن عمر: يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها. قال: وما هُنَّ يا ابن جريج؟ فذكر من الأربع: رأيتك تلبس النِّعال السِّبْتِيَّة. فقال: وأمَّا النعال السِّبْتِيَّة؛ فإني رأيت رسول الله ﷺ يلبس النعال التي ليس فيها شعرٌ، ويتوضَّأ فيها. فأنا أُحبُّ أن ألبسها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: "يا أبا عبد الرحمن! رأيتك تصنع أربعًا لم أر أحدًا من أصحابك يصنعها..."، وتضمن سؤاله عن لبس النعال السبتية.

أولاً. شرح المفردات:


● عبيد بن جريج: تابعي ثقة، من رواة الحديث.
● عبد الله بن عمر: هو ابن الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنهما، أحد كبار الصحابة وأعلمهم بالسنة النبوية.
● النعال السبتية: هي نوع من النعال المصنوعة من الجلد المدبوغ الخالي من الشعر، سميت بذلك لأنها تُصنع بطريقة خاصة تسمى "السبت" أي الدباغة والتجهيز.

ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:


يخبر عبيد بن جريج أنه لاحظ على عبد الله بن عمر أربع خصال لم يرها في غيره من الصحابة، ومنها لبسه للنعال السبتية (الجلدية الخالية من الشعر). فسأله عن سبب ذلك، فأجابه ابن عمر بأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يلبس هذا النوع من النعال ويتوضأ فيه، فأحب أن يقتدي به في ذلك.

ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- الحرص على الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل صغيرة وكبيرة: فقد بين ابن عمر رضي الله عنه أن سبب لبسه لهذه النعال هو رؤيته للنبي صلى الله عليه وسلم يلبسها، مما يدل على حرص الصحابة على متابعة هديه في جميع الأمور.
2- جواز لبس النعال الجلدية الخالية من الشعر: وهي طاهرة يجوز الوضوء فيها كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
3- استحباب اتخاذ ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الهيئات واللباس: إذا لم يكن هناك دليل على النسخ أو الخصوصية.
4- تواضع العلماء وجاهزيتهم للإجابة: حيث أجاب ابن عمر رضي الله عنه بسعة صدر ووضح السبب الشرعي لفعله.
5- دقة ملاحظة التابعين وسؤالهم عن أسباب أفعال العلماء: مما يدل على حرصهم على فهم السنة والعمل بها.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- النعال السبتية كانت معروفة في ذلك الوقت بمتانتها وملاءمتها للحياة اليومية، واختيار النبي صلى الله عليه وسلم لها يدل على ملاءمة الإسلام للفطرة والحياة العملية.
- الوضوء في النعال جائز بشروط، منها أن تكون طاهرة وأن يكون القدم طاهرًا عند لبسها.
- هذا الحديث من الأدلة على حرص ابن عمر رضي الله عنه على التمسك بالسنة، حتى في الأمور التي قد يظنها البعض هيئات عادية لا أهمية لها.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المقتدين برسوله صلى الله عليه وسلم في القول والعمل والهدي الظاهر والباطن، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحجِّ (٣١) عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن عبيد بن جريج .. فذكر الحديث.
ورواه البخاري في الوضوء (١٦٦)، وفي اللباس (٥٨٠٥)، عن عبد الله بن يوسف، ومسلمٌ في الحجِّ (١١٨٧)، عن يحيى بن يحيى - كلاهما عن مالك به. وسيأتي الحديث كاملًا في الحجِّ.
وبوَّب عليه البخاري بقوله: غسل الرجلين في النعلين، ولا يمسح على النعلين.
ومطابقة الحديث للترجمة في قوله: «ويتوضَّأُ فيها»، فإنَّ ظاهره: كان ﷺ يغسل رجليه وهما في نعلين، ولو أراد المسيح لقال: «عليهما».
ولكن رواه سفيان، عن محمد بن عجلان، عن المقبري، فزاد فيه: «ومسح عليهما». هكذا رواه ابن خزيمة (١٩٩) ومن طريقه البيهقي (١/ ٢٨٧) وقال: «وهذه الزيادة إن كانت محفوظة فلا تنافي غسلهما، فقد يغسلهما في النعل ويمسح عليهما كما مسح بناصيته وعلى عمامته». انتهى.
وقوله: «السِّبْتِيَّة» بكسر المهملة. هي التي لا شعر فيها، مشتقَّة من السبت، وهو الحلق، أو
لأنّها سبتت بالدِّباغِ، أي لانت.
وأمَّا ما رُوي عن يعلى بن عطاء، عن أبيه، قال: أخبرني أوس بن أبي أوس الثقفي، أنَّه رأى رسول الله ﷺ، أتي كِظَام قومٍ - وفي لفظٍ: رأيت رسول الله ﷺ أتى كِظامةَ. يعني - ميضأة - فتوضّأ ومسح على نعليه وقدميه. فهو حديثٌ معلولٌ رواه أبو داود (١٦٠) قال: حدَّثنا مسدد، وعباد بن موسى، قالا: حدَّثنا هُشيم، عن يعلى بن عطاء، عن أبيه.
ورجاله ثقات، غير عطاء - والد يعلى، وهو العامري -، فهو مجهولٌ كما قال ابن القطَّان، وفي»التقريب«»مقبول، أي إن توبع، وحيث لم نجد له متابعًا فهو ليِّن الحديث، مع اختلاف فيه؛ فقد رواه أحمد (١٦١٥٨) من حديث شعبة، قال: حدَّثني يعلى، عن أبيه، ولفظه: «رأيت رسول الله ﷺ توضَّأ ومسح على نعليه، ثمَّ قام إلى الصلاة».
وخالفه حمَّاد بن سلمة؛ فلم يقل: (عن أيه)، وإنَّما رواه عن يعلى بن عطاء، عن أوس بن أبي أوس، قال: «رأيت أبي توضَّأ فمسح على نعليه، فقلت: أتمسح على النعلين؟ فقال: رأيت رسول الله ﷺ يمسح عليهما».
ومن هذا الوجه رواه الإمام أحمد (١٦١٦٥) وابن حبَّان (١٣٣٩).
قال البيهقي: «فيه انقطاع، وهذا إسناد غير قوي».
قال الأعظمي: وهو يشير إلى الانقطاع بين يعلى بن عطاء، وبين أوس بن أبي أوس، وقوله: غير قوي - إشارة إلى مخالفة حمَّاد بن سلمة لهشيم وشعبة، وفي إسنادهما والد يعلى، وهو مجهولٌ كما سبق.
والخلاصة فيه كما قال الحازمي (٦٢ - ٦٣): «لا يُعرف هذا الحديث مجوَّدًا متَّصلًا إلَّا من حديث يعلى بن عطاء، وفيه اختلافٌ أيضًا، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه». وقال أيضًا: «ومع هذا الاضطراب لا يمكن المصير إليه، ولو ثبت كان منسوخًا كما قاله هشيم».
وأمَّا تعقيب ابن التركماني على البيهقي، بأنَّه أخرجه ابن حبَّان في صحيحه، فالاحتجاج به كافٍ .. فالصواب أنَّه ليس بكافٍ؛ لأنَّ فيه والد يعلى وهو مجهولٌ كما سبق، وابن حبَّان اشتهر بتوثيق المجاهيل كما هو معروف.
كذلك ما رُوي عن ابن عباس، أنَّه رأى رسول الله ﷺ توضَّأ مرَّة مرَّة، ومسح على نعليه. فلا يصحُّ.
رواه البيهقي (١/ ٢٨٦) وقال: هكذا رواه رواد بن الجراح، وهو ينفرد عن الثوري بمناكير، وهذا أحدها، والثقات رووه عن الثوري، دون هذه اللفظة، وروي عن زيد بن الحباب، عن الثوري هكذا، وليس بمحفوظ. انتهى.
وكذلك لا يصحُّ ما رُويَ عن علي بن أبي طالب، أنَّه دعا بِكُوز من ماءٍ، ثمَّ توضَّأ وضوءًا خفيفًا، ثمَّ مسح على نعليه، ثمَّ قال: هكذا وضوء النبيّ ﷺ، للطاهرِ ما لم يُحِدث. رواه ابن خزيمة (٢٠٠) والبيهقي (١/ ٧٥). فإنَّ في إسناده إبراهيم بن أبي الليثِ، وهو متروك الحديث كما
قال الذهبي في «الميزان».
وعلى فرض صحَّته عن علي بن أبي طالب، فذكر البيهقي عدَّة تأويلات منها: أنَّه توضَّأ وضوءًا متطوَّعًا به، لا وضوءًا واجبًا عليه، وإليه أشار علي بن أبي طالبٍ في قوله: «هذا وضوء من لم يُحِدث» رواه ابن حبان (١٣٤٠) بإسناد صحيح، موقوفًا عليه، أو أراد غسل الرجلين في النعلين كما قال البخاري، أو أراد به المسح على الجوربين؛ لأنَّ الثابت عنه أنَّه غسل الرجلين، وهو الثابت عن النبيِّ ﷺ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 153 من أصل 155 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

  • 📜 حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: رسول الله يلبس النعال السبتية التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب