حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء من الترهيب من المسألة
قَالَ يَحْيَى بن آدم: فَقَالَ عبد الله بْنُ عُثْمَانَ لِسُفْيَانَ: حِفْظِي أَنَّ شُعْبَةَ لا يَرْوْي عَنْ حَكِيمِ بْنِ جُبَيْرٍ؟ فَقَالَ سُفْيَانُ: حَدَّثَنَاهُ زُبَيْدٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عبد الرحمن بْنِ يَزِيدَ.
صحيح: رواه أبو داود (١٦٢٦) -واللّفظ له-، والترمذيّ (٦٥٠)، والنسائي (٢٥٩٣)، وابن ماجه (١٨٤٠) كلّهم من طريق يحيى بن آدم، حدّثنا سفيان، عن حكيم بن جبير، عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه، عن عبد الله، فذكره إلّا أنّ الترمذي فقد رواه من وجه آخر عن شريك، عن حكيم بن جبير بإسناده، وقال: «حديث حسن، وقد تكلّم شعبة في حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث».

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله خاتم النبيين وإمام المتقين.أما بعد، فإليكم شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد في مسنده، والترمذي في سننه، وغيرهما من أئمة الحديث:
الحديث:
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: «مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ خُمُوشٌ أَوْ خُدُوشٌ أَوْ كُدُوحٌ فِي وَجْهِهِ». فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَا الْغِنَى؟ قَال: «خَمْسُونَ دِرْهَمًا أَوْ قِيمَتُهَا مِن الذَّهَبِ».
1. شرح المفردات:
● سَأَلَ: طلب المال أو العطية من الناس مع القدرة على الاستغناء عن ذلك.
● مَا يُغْنِيهِ: ما يكفيه لحاجته ويجعله غنياً عن سؤال الناس.
● خُمُوشٌ: جمع خَمْش، وهو أثر خفيف من الجرح أو الخدش.
● خُدُوشٌ: جمع خَدْش، وهو أثر أعمق من الخُمُوش.
● كُدُوحٌ: جمع كَدْح، وهو الجرح البليغ أو الشق في الوجه.
● الْغِنَى: الكفاية والاستغناء عن سؤال الناس.
● دِرْهَمًا: العملة الفضية المتداولة في ذلك الزمان.
2. المعنى الإجمالي للحديث:
يخبر النبي ﷺ أن من يسأل الناس المال وهو يملك ما يكفيه ويغنيه عن السؤال، فإنه سيأتي يوم القيامة وفي وجهه آثار الخدوش والجروح التي تكون علامة على ذله وسؤاله الناس مع غناه. وعندما سأل الصحابة عن مقدار الغنى الذي يجعل السؤال حراماً، بين النبي ﷺ أن ذلك هو امتلاك خمسين درهماً من الفضة أو ما يعادلها من الذهب.
3. الدروس المستفادة منه:
● تحريم سؤال الناس مع الغنى: السؤال مع القدرة على الكسب والاستغناء محرم لأنه إذلال للنفس وتعرض للمذلة، وفي الحديث وعيد شديد لمن فعل ذلك.
● الحث على الكرامة والعفة: الإسلام يحث المسلم على حفظ كرامته وعفته، وأن يكون محتسباً صابراً على ضيق الحال بدلاً من أن يذل نفسه بسؤال الناس.
● التحديد الشرعي للغنى: بين النبي ﷺ مقداراً معيناً للغنى الذي يحرم معه السؤال، مما يدل على أن الشريعة جاءت بالتوازن بين الاحتياج الحقيقي والاستغناء.
● الوعيد الشديد: ما ذكر من الخدوش والجروح في الوجه يوم القيامة يدل على عظم هذا الذنب، وأنه من الأفعال التي تُشَهِّر صاحبها يوم القيامة وتفضحه.
● تفصيل المسائل الشرعية: حرص الصحابة رضي الله عنهم على فهم مقادير الأمور وحدودها، وسؤالهم عن مقدار الغنى يدل على ذلك.
4. معلومات إضافية مفيدة:
- الخمسون درهماً من الفضة تساوي تقريباً (142.5) جراماً من الفضة، وقيمتها من الذهب بحسب وزنها الشرعي.
- هذا الحديث يدخل في باب "تحريم المسألة" وهو من أبواب الزكاة والصدقات.
- العلماء يستدلون بهذا الحديث على أن السؤال محرم إذا كان لدى الإنسان ما يكفيه لمؤنته وحاجته الأساسية.
- من كان قادراً على الكسب وجب عليه أن يعمل ويكتسب، ولا ينتظر الصدقات ولا يعتمد على سؤال الناس.
أسأل الله تعالى أن يعيننا على حفظ ألسنتنا من السؤال، وأن يغنينا بحلاله عن حرامه، وبفضله عمن سواه. وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
ثم رواه أيضًا (٦٥١) من طريق يحيي بن آدم، بإسناده، مثله.
ومن هذا الوجه رواه الحاكم (١/ ٤٠٧) إلا أنه سكت عليه.
ورواه أحمد (٣٦٧٥) عن وكيع، عن سفيان، عن حكيم بن جبير، بإسناده.
وإسناده صحيح من طريق زبيد وهو ابن الحارث الياميّ وهو ثقة ثبت من رجال الشيخين.
وأما حكيم بن جبير فهو ضعيف جدًّا، ضعّفه ابن معين وأحمد، وغيرهما، وقال الدارقطني: «متروك».
فكأنّ الحديث عند سفيان كان على وجهين: أحدهما عن حكيم بن جبير، والثاني عن زيد بن الحارث، كلاهما عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، عن أبيه.
ومحمد وأبوه عبد الرحمن بن يزيد بن قيس النخعيّ كلاهما ثقة، وأبوه من رجال الشيخين، فلا وجه لكلام شعبة على حكيم بن جبير من أجل هذا الحديث، وهو وإن كان ضعيفًا في محمد بن عبد الرحمن، فالحديث صحيح من وجه آخر.
قال الترمذي: «والعمل على هذا عند بعض أصحابنا، وبه يقول الثوريّ، وعبد الله بن المبارك، وأحمد، وإسحاق، قالوا: إذا كان عند الرجل خمسون درهمًا لم تحل له الصدقة».
وقال: «ولم يذهب بعض أهل العلم إلى حديث حكيم بن جبير ووسّعوا في هذا، وقالوا: إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج، فله أن يأخذ من الزكاة وهو قول الشافعي وغيره من أهل الفقه والعلم».
وقوله: «خموش» هو مثل «خدوش» وزنًا ومعنى.
و«الكدوح»: آثار الخدوش، وكلّ أثر من خدش أو عضّ أو نحوه فهو كدوح، ومنه يقال
للحمار الوحشي: مكدَّح؛ لأنّ الحمر تعضضُه.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 326 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 301 المال خضرة حلوة من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه
- 302 مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ فَلْيَقْبَلْهُ
- 303 مَنْ آتاهُ اللهُ مالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ فَلْيَقْبَلْهُ
- 304 ليس المسكين الذي يطوف على الناس
- 305 لَيْسَ المِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 306 المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي أو لا يسأل الناس...
- 307 لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 308 لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من...
- 309 من يسأل الناس معطى أو ممنوعًا
- 310 خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه
- 311 لا تَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا
- 312 مَنْ أَنْزَلَ فَاقَتَهُ بِاللهِ أَوْشَكَ اللهُ لَهُ بِالْغِنَى
- 313 جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
- 314 إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
- 315 يأبون إلا ذلك ويأبى الله لي البخل
- 316 ردوا المسكين ولو بظلف محرق
- 317 رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور...
- 318 مَن اسْتَعَاذَكُمْ بِاللهِ فَأَعِيذُوهُ
- 319 من سألكم بالله فأعطوه
- 320 من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه
- 321 ألا تبايعون رسول الله على عبادة الله وإقام الصلاة وعدم...
- 322 مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
- 323 المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة
- 324 الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ
- 325 مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
- 326 مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
- 327 المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه
- 328 من يسأل ويعطى ويحمل في حضنه النار
- 329 من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينًا في وجهه
- 330 من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار
- 331 إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ
- 332 لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي
- 333 تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم
- 334 لا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ
- 335 من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر
- 336 كيفتان أو ثلاث
- 337 عبد أسود مات وترك دينارين فقال النبي كيتان
- 338 عن رجل من أهل الصفة توفي وترك دينارا فقال رسول...
- 339 إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا
- 340 لا يأتي رجل مولاه يسأله من فضل عنده فيمنعه
- 341 تصدقوا عليه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك
- 342 ثلاثة لا تحل لهم المسألة إلا في حالات محددة
- 343 جويرية بنت الحارث تطلب من النبي فكاك نفسها
- 344 لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة
- 345 يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ
- 346 لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها
- 347 أجد التمرة ساقطة فأرفعها لأكلها ثم أخشى أن تكون صدقة
- 348 ارْمِ بِهَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ
- 349 رسول الله ﷺ يقول: آل محمد لا يأكلون الصدقة
- 350 دع ما يريبك إلى ما لا يريبك
معلومات عن حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
📜 حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








