حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء من الترهيب من المسألة

عن سمرة بن جندب، عن النبيّ ﷺ قال: «الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلا أَنْ يَسْأَلُ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا».

صحيح: رواه أبو داود (١٦٣٩)، والنسائي (٢٦٠٠)، والترمذيّ (٦٨١) كلّهم من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة الفزاريّ، عن سمرة بن جندب، فذكره.

عن سمرة بن جندب، عن النبيّ ﷺ قال: «الْمَسَائِلُ كُدُوحٌ يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ فَمَنْ شَاءَ أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَ، إِلا أَنْ يَسْأَلُ الرَّجُلُ ذَا سُلْطَانٍ أَوْ فِي أَمْرٍ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، و نسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا و أن ينفعنا بما علمنا و أن يزيدنا علما وفقها في الدين، وأن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويجعلنا هداة مهتدين.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام مسلم في صحيحه، والإمام الترمذي، والإمام النسائي، وغيرهم، عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

أولاً. شرح المفردات:


● الْمَسَائِلُ: هي سؤال الناس المال والحطام الدنيوي، وهي ما يُعرف بـ "مسألة الناس" أو التسول.
● كُدُوحٌ: جمع "كَدْحَة"، وهي الخدش والجرح. يُقال: كَدَحَ وجهَه يَكْدَحُه كَدْحًا: إذا خدشه وجرحه.
● يَكْدَحُ بِهَا الرَّجُلُ وَجْهَهُ: أي يصيب وجهه بالخدوش والجروح التي تُذهب ماء الوجه وحسنته، وهي كناية عن إذلال النفس وفقدان الكرامة.
● أَبْقَى عَلَى وَجْهِهِ: أي أبْقَى هذه الكدوح والخدوش على وجهه، فاستمر في ذله وهوانه.
● تَرَكَ: أي ترك المسألة فتترك تلك الكدوح، فيبقى وجهه نظيفاً من العيب، سالماً من الذل.
● ذَا سُلْطَانٍ: أي صاحب ولاية وقوة، كالحاكم أو القاضي أو الأمير، لرفع مظلمة أو استحقاق حق.
● أَوْ فِي أَمْرٍ لا يَجِدُ مِنْهُ بُدًّا: أي في حالة اضطرارية شديدة لا مفر له منها، كخوف الهلاك جوعاً أو عطشاً.

ثانياً. المعنى الإجمالي للحديث:


يصور النبي صلى الله عليه وسلم مسألة الناس للمال من غير حاجة ملجئة أو ضرورة قصوى بصورة مؤثرة جداً، حيث يشبهها بالخدوش والجروح التي تشوّه وجه الإنسان وتُذهب بهاءه وكرامته. فكلما سأل الإنسان غيره تذللاً للمال، كأنه يخدش وجهه بيده، فيُبقيه معيباً مشوهاً بالذل والمهانة.
ثم يخير النبي صلى الله عليه وسلم الإنسان بين خيارين:
1- أن يستمر في المسألة، فيُبقي على تلك "الكدوح" والندوب في سمعته وكرامته.
2- أو أن يتوقف عن المسألة ويتعفف، فيترك وجهه نقيًا أبيضَ من أدران الذل والمسكنة.
ثم يستثني النبي صلى الله عليه وسلم حالتين لا تدخلان في هذا الذم:
● أن يسأل ذا سلطان في أمر من الأمور العامة أو لرفع ظلم، فهذا ليس سؤال تذلل للمال، بل سؤال إنصاف.
● أن يكون في أمر لا بد منه، أي حالة ضرورة قصوى تهدد حياته أو كرامته، كأن لا يجد قوتاً يقيم به صلبه، فيسأل حتى يسد جوعته ثم يستغني.

ثالثاً. الدروس المستفادة والفَوائد:


1- ذم مسألة الناس والتذلل لهم: يحذر الحديث من خطورة التسول على كرامة الإنسان ومعنوياته، فهو يجرح كبرياءه ويفسد نفسه.
2- الحث على العفة والكرم والاستغناء عن الناس: خير للإنسان أن يعف نفسه ويصبر على قلة الدنيا من أن يذل وجهه بسؤال الناس. وقد ورد في حديث آخر: «اليد العليا خير من اليد السفلى».
3- الفرق بين السؤال المحمود والسؤال المذموم: ليس كل سؤال مذموماً، بل الذم مقصور على سؤال التذلل للمال من غير ضرورة. أما سؤال العلم، أو سؤال ذي السلطان لإنصاف مظلوم، أو السؤال في حال الضرورة القصوى، فكل ذلك خارج عن نطاق الذم.
4- تقدير قيمة الكرامة والعزة: يربّي الإسلام أتباعه على العزة والكرامة، وأن يحافظ المسلم على هذه القيمة حتى في أحلك الظروف، فلا يبيع كرامته بدنيا زائلة.
5- رخصة السؤال في حال الضرورة: الشرع الحكيم لم يأمر بالتشدد حتى يهلك الإنسان، فإذا بلغ به الحال إلى حد الخوف على حياته من جوع أو عطش، فقد رخص له أن يسأل حتى يقيم أوده، ثم يعود إلى عفته واستغنائه.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث استخدم صورة بلاغية شديدة التأثير (تشبيه المسألة بالكدوح في الوجه) ليوصل المعنى بأقصر عبارة وأبلغها.
- يستدل به العلماء على تحريم السؤال من غير حاجة، وأنه من الكبائر التي تُذهب ماء الوجه و honor الإنسان.
- ينبغي للمسلم أن يجتهد في الكسب الحلال، ويعمل بيده، ويتعفف عن سؤال الناس، فإن الله سيجعل له فرجاً ومخرجاً من حيث لا يحتسب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (١٦٣٩)، والنسائي (٢٦٠٠)، والترمذيّ (٦٨١) كلّهم من حديث شعبة، عن عبد الملك بن عمير، عن زيد بن عقبة الفزاريّ، عن سمرة بن جندب، فذكره.
إلّا أن الترمذي فقد رواه من حديث سفيان، عن عبد الملك بن عمير، وقال: «حديث حسن صحيح».
وصحّحه أيضًا ابن حبان (٣٣٩٧) من طريق شعبة، ومن طريق آخر (٣٣٨٦) كلاهما عن عبد
الملك بن عمير، بإسناده مثله.
وفي رواية: «يسأل الرجل سلطانا» أي الذي بيده بيت المال، فيعطه منه إن كان مستحقًا.
وفي لفظ للترمذيّ: «كدٌّ يكدّ بها الرجل وجهه» والكَدّ -بفتح الكاف، وتشديد الدال- وهو الشّدة في العمل، وطلب الكَسْب، فيحصل منه التّعب والنّصب في الوجه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 327 من أصل 379 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

  • 📜 حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, December 17, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب