حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء من الترهيب من المسألة
صحيح: رواه مسلم في الزّكاة (١٠٤١) من طرق، عن ابن فضيل، عن عمارة بن القعقاع، عن أبي زرعة، عن أبي هريرة، فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه رواه الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا فَلْيَسْتَقِلَّ أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ».
وفي رواية أخرى: «... فليستقل أو ليستكثر».
أولاً. شرح المفردات:
● سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ: طلب من الناس أموالهم وهباتهم من غير حاجة ملجئة.
● تَكَثُّرًا: أي قصدًا للتكثر والزيادة، وجمع المال لذاته، لا للضرورة والحاجة.
● جَمْرًا: هو الفحم المتقد الذي يشوى به اللحم، وهو كناية عن شدة العذاب والإثم الذي يحصله السائل.
● فَلْيَسْتَقِلَّ: أي فليقلل من ما يسأله ويأخذه، وليكن قليلاً.
● أَوْ لِيَسْتَكْثِرْ: أي أو فليكثر منه، وهو على سبيل التهكم والوعيد، كأنه يقول: فليأخذ القليل من هذا الجمر أو الكثير، فكلاهما عذاب وآثام.
ثانيًا. المعنى الإجمالي للحديث:
يحذر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من آفة خطيرة، وهي سؤال الناس المال من غير حاجة حقيقية، بل بدافع الجشع والرغبة في زيادة الثروة وتكديس المال.
ويشبه صلى الله عليه وسلم ما يحصله هذا المتسول من أموال الناس بالجمر الحارق الذي يأكله في ناره وعذابه يوم القيامة، فهو وإن كان في صورة مالٍ في الدنيا، فإن حقيقته في الآخرة نارٌ وعذابٌ يحرق صاحبه.
ثم يختم الحديث بتحذير شديد، حيث يقول صلى الله عليه وسلم: فإما أن يقلل من هذا الجمر (أي الإثم) الذي يجمعه، أو يكثره، والنتيجة واحدة وهي الخسران، فالقليل من النار مؤذٍ، والكثير مهلك.
ثالثًا. الدروس المستفادة والفَوائد:
1- تحريم سؤال الناس من غير حاجة: السؤال لغير ضرورة من كبائر الذنوب، وهو منافٍ للكرامة والعفة التي يجب أن يتحلى بها المسلم.
2- التفريق بين المسكين والمتسول: المسكين هو المحتاج الذي قد يضطر لسؤال الناس، وأما المتسول المتكسب فهو الذي يجعل سؤال الناس حرفة له، وهذا هو الذي توعد بالنار.
3- ذم التكاثر بالمال: الحديث ذم صريح للرغبة في التكاثر الدنيوي والتطلع إلى زيادة المال من أي طريق، حتى لو كان عن طريق المسألة التي يظنها البعض سهلة.
4- حفظ كرامة المسلم: الإسلام يحث المسلم على حفظ ماء وجهه وكرامته بالاعتماد على نفسه وكسب يده، وعدم إذلال نفسه بسؤال الناس.
5- الوعيد الشديد: هذا الوعيد بالنار يدل على عظم جرم من يتخذ سؤال الناس مهنة له، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
6- الحث على القناعة: في الحديث تربية للمسلم على القناعة بما قسم الله له، وعدم الطمع فيما في أيدي الناس.
رابعًا. معلومات إضافية:
- هذا الحديث لا يعارض الأحاديث التي تبيح السؤال عند الضرورة القصوى والحاجة الملحة، كخوف الهلاك أو عدم القدرة على سداد دين، فذاك سؤال اضطرار، وهذا سؤال تكثر.
- من فضل الله تعالى أن جعل للعبد بابًا مفتوحًا للاستغناء عن سؤال الناس، وهو دعاء الله تعالى، ففي الحديث: «مَنْ يَسْتَغْنِ يُغْنِهِ اللَّهُ، وَمَنْ يَسْتَعْفِفْ يُعِفَّهُ اللَّهُ».
- ينبغي للمسلم أن يتذكر أن الرزق بيد الله تعالى، وأن ما عند الناس لن ينفعه إذا كتب له الفقر، وما عند الله هو الباقي والنافع.
أسأل الله تعالى أن يرزقنا القناعة والغنى عن سؤال الناس، وأن يعيننا على طاعته واجتناب معصيته.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وأمّا ما رُوي عن عمر بن الخطاب مرفوعًا: «من سأل الناس ليُثْري ماله، فإنّما هو رَضْفٌ من النار يتلهبه من شاء فليقلّ، ومن شاء فليكثر». فهو ضعيف.
رواه ابن حبان (٣٣٩١) عن أبي عروبة، قال: حدّثنا المغيرة بن عبد الرحمن الحرانيّ، حدّثنا يحيى بن السكن، قال: حدّثنا حماد بن سلمة، عن داود بن أبي هند، عن الشّعبيّ، عن مسروق، قال: قال عمر، فذكره.
وفيه يحيي بن السكن البصريّ، قال أبو حاتم: «ليس بالقوي». الجرح والتعديل (٩/ ١٥٥).
وقد رُوي موقوفًا على عمر، رواه ابن أبي شيبة (٣/ ٢٠٩) عن أبي معاوية، عن داود، عن الشعبيّ، قال: قال عمر (فذكره موقوفًا عليه) وهذا أصح.
قوله: «الرَّضْف» بفتح الرّاء، وسكون الضّاد المعجمة بعدها فاء: الحجارة المحماة.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 325 من أصل 379 حديثاً له شرح
- 300 خذه فتموله أو تصدق به
- 301 المال خضرة حلوة من أخذه بسخاوة نفس بورك له فيه
- 302 مَنْ بَلَغَهُ مَعْرُوفٌ عَنْ أَخِيهِ فَلْيَقْبَلْهُ
- 303 مَنْ آتاهُ اللهُ مالًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَسْأَلَهُ فَلْيَقْبَلْهُ
- 304 ليس المسكين الذي يطوف على الناس
- 305 لَيْسَ المِسْكِينُ بِالَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 306 المسكين الذي ليس له غنى ويستحيي أو لا يسأل الناس...
- 307 لَيْسَ المِسْكِينُ الَّذِي تَرُدُّهُ التَّمْرَةُ وَالتَّمْرَتَانِ
- 308 لأن يأخذ أحدكم حبله فيحتطب على ظهره خير له من...
- 309 من يسأل الناس معطى أو ممنوعًا
- 310 خير له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه
- 311 لا تَسْأَل النَّاسَ شَيْئًا
- 312 مَنْ أَنْزَلَ فَاقَتَهُ بِاللهِ أَوْشَكَ اللهُ لَهُ بِالْغِنَى
- 313 جذبه جذبة شديدة حتى أثرت حاشية الرداء في عاتقه
- 314 إِنَّهُمْ خَيَّرُونِي أَنْ يَسْأَلُونِي بِالْفُحْشِ أَوْ يُبَخِّلُونِي فَلَسْتُ بِبَاخِل
- 315 يأبون إلا ذلك ويأبى الله لي البخل
- 316 ردوا المسكين ولو بظلف محرق
- 317 رجل معتزل في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، ويعتزل شرور...
- 318 مَن اسْتَعَاذَكُمْ بِاللهِ فَأَعِيذُوهُ
- 319 من سألكم بالله فأعطوه
- 320 من استعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم بوجه الله فأعطوه
- 321 ألا تبايعون رسول الله على عبادة الله وإقام الصلاة وعدم...
- 322 مَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَسْأَلُ النَّاسَ حَتَّى يَأْتِيَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ
- 323 المسألة كدوح في وجه صاحبها يوم القيامة
- 324 الْمَالُ خَضِرَةٌ حُلْوَةٌ وَنِعْمَ صَاحِبُ الْمُسْلِمِ
- 325 مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
- 326 مَنْ سَأَلَ وَلَهُ مَا يُغْنِيهِ جَاءَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِخُمُوشٍ
- 327 المسائل كدوح يكدح بها الرجل وجهه
- 328 من يسأل ويعطى ويحمل في حضنه النار
- 329 من سأل مسألة وهو عنها غني كانت شينًا في وجهه
- 330 من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار
- 331 إِنْ شِئْتُمَا أعطيتُكُما ولا حَظَّ فِيهَا لِغَنِيٍّ ولا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ
- 332 لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي
- 333 تحريم الصدقة على الغني والقوي السليم
- 334 لا تَصْلُحُ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ
- 335 من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر
- 336 كيفتان أو ثلاث
- 337 عبد أسود مات وترك دينارين فقال النبي كيتان
- 338 عن رجل من أهل الصفة توفي وترك دينارا فقال رسول...
- 339 إِنَّ اللهَ كَرِهَ لَكُمْ ثَلاثًا
- 340 لا يأتي رجل مولاه يسأله من فضل عنده فيمنعه
- 341 تصدقوا عليه خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك
- 342 ثلاثة لا تحل لهم المسألة إلا في حالات محددة
- 343 جويرية بنت الحارث تطلب من النبي فكاك نفسها
- 344 لا تحل الصدقة لغني إلا لخمسة
- 345 يَتَسَاءَلُ الرَّجُلُ فِي الْجَائِحَةِ أَو الْفَتْقِ لِيُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ قَوْمِهِ
- 346 لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها
- 347 أجد التمرة ساقطة فأرفعها لأكلها ثم أخشى أن تكون صدقة
- 348 ارْمِ بِهَا أَمَا عَلِمْتَ أَنَّا لا نَأْكُلُ الصَّدَقَةَ
- 349 رسول الله ﷺ يقول: آل محمد لا يأكلون الصدقة
معلومات عن حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
📜 حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: مَنْ سَأَلَ النَّاسَ أَمْوَالَهُمْ تَكَثُّرًا فَإِنَّمَا يَسْأَلُ جَمْرًا
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








