حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب تحريم الجماع في نهار رمضان على الصّائم، ووجوب الكفارة على من جامع فيه

وعن أبي هريرة، أنّ رجلًا أفطر في رمضان، فأمره النبيّ ﷺ أن يكفّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، فأتي رسول الله ﷺ بعرق تمر، فقال: «خذْ هذا فتصدَّق به«فقال: يا رسول الله، ما أحد أحوج مني. فضحك رسول الله ﷺ حتى بدتْ أنيابه، ثم قال: «كُلْه».

صحيح: رواه مالك في الصيام (٢٩) ومن طريقه مسلم في الصيام (١١١١: ٨٣) عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره.

وعن أبي هريرة، أنّ رجلًا أفطر في رمضان، فأمره النبيّ ﷺ أن يكفّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، فأتي رسول الله ﷺ بعرق تمر، فقال: «خذْ هذا فتصدَّق به«فقال: يا رسول الله، ما أحد أحوج مني. فضحك رسول الله ﷺ حتى بدتْ أنيابه، ثم قال: «كُلْه».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث الأحكام، يبين حكمة النبي ﷺ ورحمته بأمته، ويوضح كيف أن الشريعة الإسلامية جاءت بالتيسير ورفع الحرج. وإليك الشرح الوافي لهذا الحديث:

الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أن رجلاً أفطر في رمضان، فأمره النبي ﷺ أن يكفّر بعتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستين مسكينًا، فقال: لا أجد، فأتي رسول الله ﷺ بعرق تمر، فقال: «خذْ هذا فتصدَّق به»، فقال: يا رسول الله، ما أحد أحوج مني. فضحك رسول الله ﷺ حتى بدتْ أنيابه، ثم قال: «كُلْه»".


1. شرح المفردات:


● أفطر في رمضان: أي جامع زوجته في نهار رمضان، وهذا من كبائر الذنوب التي توجب الكفارة العظيمة.
● بعتق رقبة: أي تحرير عبد أو أمة مؤمنين.
● صيام شهرين متتابعين: أي صيام ستين يومًا دون انقطاع.
● إطعام ستين مسكينًا: إعطاء كل مسكين مدًا من الطعام (حوالي 510 جرامًا من القمح أو التمر أو الأرز).
● عرق تمر: وعاء كبير أو سلة مملوءة بالتمر.
● بدت أنيابه: ظهرت أسنانه الأمامية من شدة الضحك، مما يدل على بشاشة وجهه ﷺ وفرحه بتيسير الله على عباده.


2. شرح الحديث:


● الوقعة: الرجل أفطر عمدًا في نهار رمضان بالجماع، وهذا يوجب الكفارة على الترتيب الذي ذكره النبي ﷺ: عتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين متتابعين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا.
● حالة الرجل: لم يستطع العتق ولا الصيام، وعندما أُمر بالإطعام قال: "لا أجد" أي لا يملك طعامًا يكفي لستين مسكينًا.
● تيسير النبي ﷺ: أُتي له بطعام (عرق تمر) ليكفر به الرجل، فأمره أن يتصدق به على المساكين.
● اعتراض الرجل بحاله: قال: "ما أحد أحوج مني" أي أنه فقير جدًا ولا يملك قوت يومه، فكيف يتصدق وهو أحوج من الآخرين؟
● ضحك النبي ﷺ ورحمته: ضحك ﷺ من قول الرجل الصادق وحاله، ثم أمره أن يأكل التمر نفسه بدلاً من التصدق به، لأنه هو المستحق للإطعام في هذه الحالة.


3. الدروس المستفادة:


1- عظم ذنب الإفطار عمدًا في رمضان: لأنه يوجب كفارة عظيمة، وهذا تحذير للمسلمين من الاستهانة بحرمة الصيام.
2- مرونة الشريعة الإسلامية: حيث راعت حال العاجز، وانتقلت به من كفارة إلى أخرى حتى وصلت إلى أيسر الأمور.
3- رحمة النبي ﷺ بأمته: حيث كان يفرح بتيسير الله على عباده، ولم يعنف الرجل بل ضحك من قوله وحاله.
4- الفقه في تطبيق الكفارة: إذا كان الشخص فقيرًا ولا يجد ما يكفر به، فإن الله يعفو عنه وييسر أمره، كما في هذا الحديث حيث سقطت الكفارة عنه لعدم قدرته.
5- الصدق في القول: كان الرجل صادقًا في قوله "لا أجد"، فلم يكذب أو يتحايل، ففرج الله عنه بسبب صدقه.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما، وهو من الأحاديث المتعلقة بأحكام الصيام.
- الكفارة هنا خاصة بمن أفطر بالجماع في نهار رمضان، أما من أفطر بالأكل أو الشرب عمدًا دون عذر، فجمهور العلماء على أنه لا كفارة عليه، لكن عليه القضاء والتوبة.
- الضحك هنا من النبي ﷺ ليس استهزاءً، بل دليل على بشاشته ورحمته، وكأنه يقول: "انظر إلى حكمة الله، جعلتك أنت المستحق للصدقة بدلاً من أن تتصدق!"


الخلاصة:


الحديث يظهر سماحة الإسلام ورفعه للحرج، وأن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وفيه تربية على الصدق والالتزام بأحكام الشريعة، مع بيان رحمة النبي ﷺ وفرحه بتيسير الله على عباده.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الصيام (٢٩) ومن طريقه مسلم في الصيام (١١١١: ٨٣) عن ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبي هريرة، فذكره. هكذا جاء مطلقًا.
رواه أيضًا من طريق ابن جريج، قال: حدثني ابن شهاب، عن حميد بن عبد الرحمن، أنّ أبا هريرة حدّثه أن النبيّ ﷺ أمر رجلًا أفطر في رمضان أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا».
وقال ابن خزيمة (١٩٤٣) بعد أن رواه من طريق مالك، وقال مالك في عقب خبره: «وكان فطر بجماع».
قال الأعظمي: وهو الذي ثبت من الروايات الصحيحة، فإن الذين رووا هذا الحديث عن الزهري قيّدوه بالجماع وهم أكثر عددا كما قال الدارقطني في «العلل» (١٠/ ٢٢٧) وذكر أسماءهم.
وقال البيهقي: «رواية الجماعة عن الزهريّ مقيدة بالوطء».
وقال في موضع آخر: رواه عشرون من حفاظ أصحاب الزّهريّ بذكر الجماع، بل وقد بلغ هذا العدد عند الحافظ ابن حجر أكثر من أربعين. انظر: «فتح الباري» (٤/ ١٦٣).
بخلاف التخيير وإن كان تابعه على ذلك جماعة ذكرهم الدارقطني (٢٣٩٧) ولكنه قال: «وخالفهم أكثر منهم عددا فرووه عن الزّهريّ بهذا الإسناد: أنّ إفطار ذلك الرجل كان بجماع وأنّ النبي أمره أن يكفّر بعتق رقبة، فإن لم يجد فصيام شهرين، فإن لم يستطع فإطعام ستين مسكينًا». ثم ذكر هؤلاء فبلغ عددهم أكثر من ثلاثين شخصًا.
وأما ما روي عن أبي هريرة: «أنّ رجلًا أكل في رمضان، فأمره النبيّ ﷺ أن يعتق رقبة، أو يصوم شهرين، أو يطعم ستين مسكينًا» فهو ضعيف.
رواه الدارقطني (٢٣٠٨) من طريق أبي معشر، عن محمد بن كعب القرظي، عن أبي هريرة، فذكره.
قال الدارقطني: «أبو معشر هو نجيح، وليس بالقوي».
وقد اختلف في زيادة أمره بقضاء يوم مكانه في هذا الحديث.
فرواه أبو داود (٢٢٩٣) وعنه الدارقطني (٢٣٠٥)، وابن خزيمة (١٩٥٤)، والبيهقي (٢٢٦)
كلّهم من حديث هشام بن سعد، عن ابن شهاب، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، قال: جاء رجلٌ إلى النبي ﷺ أفطر في رمضان» بهذا الحديث، قال: فأتي بعرق فيه تمر قدر خمسة عشر صاعًا. وقال فيه: «كُلْه أنت وأهل بيتك، وصمْ يومًا واستغفر الله».
وهشام بن سعد هو المدني مختلف فيه غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف لأنه رُمي بسوء الحفظ.
وهنا خالف في الإسناد، وزاد في المتن، وهو قوله: «وصُمْ يومًا».
ولذا قال ابن خزيمة: «هذا الإسناد وهم».
ولكن قوّاه البيهقيّ من وجهين:
أحدهما: رُوي ذلك عن سعيد بن المسيب، عن النبيّ ﷺ.
وهو ما رواه مالك في الصوم (٣٠) عن عطاء بن عبد الله الخراسانيّ، عن سعيد بن المسيب، أنه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله ﷺ يضرب نحره، وينتف شعره، ويقول: هلك الأبعد. قال له رسول الله ﷺ: «وما ذاك؟». فقال: أصبتُ أهلي، وأنا صائم في رمضان. فقال رسول الله ﷺ: «هل تستطيع أن تُعتق رقبة؟». فقال: لا. فقال: «هل تستطيع أن تهدي بدنة؟». قال: لا. قال: «فجالس»، فأتي رسول الله ﷺ بعرق تمر، فقال: «خذ هذا فتصدّق به». فقال: ما أجد أحوج مني. فقال: «كُلْه وصم يومًا مكان ما أصبتَ».
قال مالك: قال عطاء: فسألت سعيد بن المسيب: كم في ذلك العرق من التمر؟ فقال: ما بين خمسة عشر صاعًا إلى عشرين.
وهذا المرسل رواه أبو داود في مراسيله (١٠٢)، وانيهقي (٤/ ٢٢٧) كلاهما من طريق مالك.
قال أبو داود: «مالك يهم في اسم أبي عطاء ليس هو ابن عبد الله».
قال الأعظمي: وهو كما قال؛ فإنّ عطاء هو ابن أبي مسلم، واسم أبيه ميسرة، وقيل: عبد الله، فلعلّ مالكًا اختار المرجوح، المهم أنه لا خلاف بأنه الخراساني.
ورفعه ابن ماجه (١٦٧١)، والبيهقي (٤/ ٢٢٦) من حديث عبد الجبار بن عمر، عن يحيى بن سعيد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة، فذكره. كما رواه البيهقي (٤/ ٢٢٦) من طريق أبي مروان، ثنا إبراهيم بن سعد من وجهين.
وقال: رواه أيضًا أبو أويس المدنيّ، عن الزهري، ثم أسنده عنه.
وتابعه أيضًا عبد الجبار بن عمر، عن الزّهريّ، عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة. وعبد الجبار بن عمر ضعيف كما قلت.
وقال: وقد روي ذلك أيضًا في حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جدّه. ثم أخرجه هو والإمام أحمد (٦٩٤٥)، وابن خزيمة (١٩٥٥) من طريق الحجاج بن أرطاة، عن عمرو بن شعيب،
عن أبيه، عن جده، بمثل حديث الزّهريّ عن حميد بن عبد الرحمن، عن أبي هريرة، حديث الواقع وزاد فيه. قال عمرو: وأمره أن يقضي يومًا مكانه.
وأعلّه ابن خزيمة بما ليس بعلة قادحة، فقال: «حدّثنا الحسين بن مهدي، نا عبد الرزاق، أخبرنا ابن المبارك، قال: «الحجاج بن أرطاة لم يسمع من الزهريّ شيئًا».
قال الأعظمي: هنا لم يرو الحجاج عن الزّهريّ، وإنما يرويه عن عمرو بن شعيب.
والخلاصة أن لهذه الزيادة طرقًا أخرى ذكرها الحافظ في «التلخيص» (٢/ ٢٠٧)، وفي الفتح (٤/ ١٧٢) وقال: «وبمجمع هذه الطرق تعرف أن لهذه الزيادة أصلًا».
ولكن قال شيخ الإسلام ابن تيمية بأنّ هذه الزيادة ضعيفة، وضعفها غير واحد من الحفاظ. «الفتاوي» (٢٥/ ٢٢٥).
وقال عبد الحقّ في «أحكامه» (٢/ ٢٣١): «إنما يصح حديث القضاء مرسلًا، وكذلك رواه مالك أيضًا، وهو من مراسيل سعيد بن المسيب».
رواه مالك عن عطاء بن عبد الله الخراساني، عن سعيد بن المسيب، فذكر القصة، وقال: «كله وصم يوما مكان ما أصبت».
قال الحافظ ابن القيم في «تهذيب السنن» (٣/ ٢٧٣) بعد أن نقل كلام عبد الحقّ: «والذي أنكره الحفاظ ذكر هذه اللفظة في حديث الزّهريّ، فإن أصحابه الأثبات الثقات ... لم يذكر أحد منهم هذه اللفظة، وإنما ذكرها الضعفاء عنه، ولكنه نقل عن الدارقطني بأنّ هؤلاء ثقات».
ثم قال: «ثقة الراوي شرط في صحة الحديث لا موجبة، بل لا بد من انتفاء العلّة والشّذوذ، وهما غير منتفين في هذه اللفظة» انتهى.
والمصححون ذهبوا إلى قبول هذه الزيادة بناء على قاعدة: «زيادة الثقة مقبولة» التي لا يختلف فيها أحد من نقّاد الحديث، وإنما يختلفون في تطبقها واشتراط بعض القيود في قبولها.
وأما الفقهاء فالجمهور منهم ذهبوا إلى وجوب القضاء عليه، منهم: مالك وأحمد وأبو حنيفة والشافعي في أظهر أقواله.
وللشافعي قول آخر: أنه لا يجب عليه القضاء إذا كفر، وله قول ثالث: أنه إن كفر بالصيام فلا قضاء عليه، وإن كفَّر بالعتق أو بالإطعام قضي. وهذا قول الأوزاعي.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 264 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

  • 📜 حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من أفطر في رمضان فليكفر بعتق رقبة أو صيام شهرين أو إطعام ستين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب