لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

عن جابر بن عبد الله، قال: قال عمر بن الخطاب: هششتُ فقبلتُ وأنا صائم. فقلت: يا رسول الله، صنعت اليوم أمرًا عظيمًا! قبلتُ وأنا صائم؟ قال: «أرأيتَ لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم؟». قلت: لا بأس. قال: «فَمَهْ؟ !».

صحيح: رواه أبو داود (٢٣٨٥)، وأحمد (١٣٨)، والبيهقي (٤/ ٢٦١)، وصححه ابن خزيمة (١٩٩٩)، وابن حبان (٣٠٤٤)، والحاكم (١/ ٤٣١) كلّهم من حديث الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد الله، عن عبد الملك بن سعيد، عن جابر بن عبد الله، فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وغيرهم عن الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:

الحديث:

1. شرح المفردات:

● هششتُ: أي نشطتُ واشتهيتُ، والمقصود هنا أن عمر رضي الله عنه أحب زوجته فاشتهى تقبيلها.
● فقبلتُ: أي قبلت زوجتي.
● صنعت اليوم أمرًا عظيمًا: تعبير عن الخوف والهلع من أن يكون التقبيل وهو صائم قد أبطل صومه.
● أرأيتَ: استفهام بمعنى أخبرني.
● مضمضتَ: أدخلت الماء في فمك ثم مججته.
● فمه: كلمة استفهام بمعنى "فما بالك" أو "فما الضير"، أي ما المانع إذن؟ ولماذا تستعظم الأمر؟

2. شرح الحديث:

يحدثنا الصحابي الجليل جابر بن عبد الله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قلق شديد؛ لأنه قبل زوجته وهو صائم، فظن أن هذا الفعل قد يبطل صومه أو أنه ارتكب أمراً عظيماً لا يجوز في الصيام.
فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم رداً حكيماً يعتمد على القياس والتشبيه، ليطمئنه ويزيل ما في نفسه من وسواس وخوف. شبه النبي صلى الله عليه وسلم التقبيل وهو شهوة بالمضمضة بالماء وهي عبادة (أثناء الوضوء)، والسؤال التالي موجه لعمر: هل المضمضة بالماء أثناء الصيام تبطل الصوم؟ فأجاب عمر بأنها لا تبطل الصوم، لأن الصائم يتمضمض أثناء وضوئه ولا يبتلع الماء.
فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: "فمه" أي فما الفرق إذن؟ ولماذا تستعظم التقبيل كما لو كان مفطراً، بينما لا تستعظم المضمضة مع أن كليهما يدخل الفم ولا يبطل الصوم ما دام الإنسان سيضبط نفسه ولا يبلع شيئاً؟

3. الدروس المستفادة والعبر:

1- التقبيل للزوجة لا يبطل الصوم: وهذا هو الحكم الرئيسي المستفاد من الحديث، بشرط أن يسيطر الصائم على نفسه ولا يندفع إلى ما يفطر. وهذا رأي جمهور العلماء من المالكية والشافعية والحنابلة.
2- رفع الحرج وعدم التشديد في الدين: النبي صلى الله عليه وسلم لم يعنف عمر ولا أنكر عليه، بل قاس الأمر على ما هو معلوم ومتفق عليه (المضمضة) ليطمئنه ويزيل وساوسه.
3- حكمة النبي صلى الله عليه وسلم في التعليم: استخدم أسلوب القياس والتشبيه ليوصل المعلومة بشكل واضح ومقنع.
4- حرص الصحابة على الدين: يظهر من قول عمر "صنعت اليوم أمراً عظيماً" شدة خوفه من الوقوع في المحظور وحرصه على صحة صيامه.
5- جواز التقبيل للصائم إذا أمن على نفسه: وهذا للشباب الذي يخاف على نفسه من الإنزال، فإن خاف فالأولى له ترك التقبيل. أما من كان سيطرته على نفسه قوية (ككبار السن) فلا حرج عليه.

4. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث يدخل في باب "مفسدات الصيام" وما لا يفسده.
- هناك أحاديث أخرى توضح أن القبلة للصائم جائزة ولكنها مكروهة لمن خشي على نفسه من الإنزال، كحديث عائشة رضي الله عنها: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه» (متفق عليه).
- الإرب: هو حاجة الإنسان وشهوته.
- الفقهاء فصلوا في هذه المسألة فقالوا: إن كان الشاب سريع الشهوة وخشي من الإنزال، فالأولى له عدم التقبيل. وإن كان مأموناً من ذلك فلا بأس.
والله أعلم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣٨٥)، وأحمد (١٣٨)، والبيهقي (٤/ ٢٦١)، وصححه ابن خزيمة (١٩٩٩)، وابن حبان (٣٠٤٤)، والحاكم (١/ ٤٣١) كلّهم من حديث الليث بن سعد، عن بُكير بن عبد الله، عن عبد الملك بن سعيد، عن جابر بن عبد الله، فذكره.
قال الحاكم: «صحيح على شرط الشيخين».
ولكن فيه عبد الملك بن سعيد ليس من رجال البخاري، وإنما أخرج له مسلم.
وإسناده صحيح، وليس فيه علة، ولكن نقل المنذري عن النسائي أنه قال: «هذا حديث منكر».
كذا قال! ولا أعرف سبب النكارة.
ورده الذهبي في «الميزان» (٢/ ٦٥٥) في ترجمة عبد الملك بن سعيد، عن جابر، فذكر الحديث. ثم نقل قول النسائي، وقال: «رواه بكير بن الأشج، وهو مأمون عن عبد الملك، وقد روى عنه غير واحد، فلا أدري ممن هذا؟» انتهى.
وقوله: «هششت» الهشاشة والهشاش: الارتياح والخفة والنّشاط.
وأما ما رُوي عنه بخلاف هذا، وهو أنه رأى النبيَّ ﷺ في المنام قال: فرأيته لا ينظرني. فقلت: يا رسول الله، ما شأني؟ فالتفت إليَّ فقال: «ألستَ المقبِّلَ، وأنتَ الصَّائم؟». فوالذي نفسي بيده لا أقبل وأنا صائم امرأةً ما بقيتُ.
فهو ضعيف. رواه البزار -كشف الأستار (١٠١٨) -، والبيهقي (٤/ ٢٣٢) كلاهما من حديث أبي أسامة، عن عمر بن حمزة، ثنا سالم، عن عبد الله بن عمر، عن عمر بن الخطاب، فذكره.
قال البزار: «لا نعلمه عن عمر إلا من هذا الوجه بهذا اللفظ، وقد رُوي عن عمر، عن النبيّ ﷺ بخلاف هذا» انتهي.
وقال الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٦٥): رواه البزار، ورجاله رجال الصحيح.
قال الأعظمي: وهو كما قال إلا أنّ كلامه يُشعر بصحة الحديث، فإن عمر بن حمزة وهو ابن عبد الله بن عمر بن الخطاب وإن كان من رجال مسلم إلا أنه ضعيف، ضعفه أكثر أهل العلم، وبأنه روي حديثًا مخالفًا لا تقوم به الحجة كما قال الطحاوي (٣٢٨٩) وفي كلامه نكارة.
قال البيهقي: تفرد به عمر بن حمزة، فإن صح فعمر بن الخطاب كان قويًا مما يتوهم تحريك القبلة شهوته، ففيه رد على وجهن كما قال ابن التركماني: أحدهما: إن عمر بن حمزة ضعفه ابن معين.
وقال أبو أحمد والرازي: أحاديثه مناكير.
والثاني: أنّ الشرائع لا تؤخذ من المنامات، ولا سيما وقد أفتى النبيّ ﷺ عمر في اليقظة بإباحة القبلة ...».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 276 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

📜 حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لو مضمضتَ من الماء وأنت صائم

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية