حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب كراهيته للشباب

عن أبي هريرة، أنّ رجلًا سأل النبيَّ ﷺ عن المباشرة للصائم؟ فرخّص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب.

حسن: رواه أبو داود (٢٣٨٧) عن نصر بن علي، حدّثنا أبو أحمد - يعني الزبيري-، أخبرنا إسرائيل، عن أبي العنب، عن الأغر، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، أنّ رجلًا سأل النبيَّ ﷺ عن المباشرة للصائم؟ فرخّص له، وأتاه آخر فسأله فنهاه، فإذا الذي رخص له شيخ، والذي نهاه شاب.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم يُبيّن جانبًا من جوانب رحمة النبي ﷺ وحكمته الفذّة في التعامل مع الناس وإصدار الفتوى حسب حال المستفتي وقدرته، مما يدل على مرونة التشريع الإسلامي وملاءمته لجميع الأحوال.

الحديث بلفظه:


عن أبي هريرة رضي الله عنه: "أنَّ رَجُلًا سَأَلَ النَّبِيَّ ﷺ عَنِ المُبَاشَرَةِ لِلصَّائِمِ؟ فَرَخَّصَ لَهُ، وَأَتَاهُ آخَرُ فَسَأَلَهُ فَنَهَاهُ، فَإِذَا الَّذِي رَخَّصَ لَهُ شَيْخٌ، وَالَّذِي نَهَاهُ شَابٌّ."

شرح المفردات:


● المباشرة: هنا المقصود بها الملامسة والتقبيل والمعانقة بين الرجل وزوجته دون الجماع.
● رَخَّصَ لَهُ: أي أباح له ذلك وأجازه.
● نَهَاهُ: أي منعه من ذلك وحذره منه.

شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه عن موقفين حصلَا مع النبي ﷺ:
1- الموقف الأول: جاءه رجل شيخ (كبير في السن) يسأله: هل يجوز للصائم أن يُباشر زوجته (أي يقبلها أو يعانقها) دون جماع؟ فأذن له النبي ﷺ وأباح له ذلك.
2- الموقف الثاني: جاءه رجل شاب (في مقتبل العمر) يسأله نفس السؤال، فنهاه النبي ﷺ عن ذلك ومنعه منه.
فالفرق بين الإذن والمنع ليس في الحكم نفسه، ولكن في حال السائلين. فالشيخ الكبير ضعيف الشهوة، ولا يخشى عليه من الانزلاق إلى ما حرّم الله، فأذن له. أما الشاب القوي الشهوة، فخاف عليه النبي ﷺ من أن تتحرك شهوته بهذه المباشرة فينتهي به الأمر إلى الجماع الذي يُفسد صومه، فنهاه عن ذلك حفظًا لصومه.

الدروس المستفادة والعبر:


1- مراعاة حال المستفتي في الفتوى: هذا الحديث أصل عظيم من أصول الفقه، وهو أن الحكم قد يختلف باختلاف الأشخاص وأحوالهم. فليس كل ما يُباح لشخص يُباح للآخر. العالم والداعية ينظر إلى حال السائل وظروفه.
2- حكمة النبي ﷺ ورسالته التربوية: لم يكن النبي ﷺ مجرد مُبلّغ لأحجام جامدة، بل كان مربيًا حكيمًا يُراعي نفسيات الناس ويخاطبهم على قدر عقولهم وإمكانياتهم.
3- سد الذرائع: نهي الشاب عن المباشرة هو تطبيق لrule سد الذرائع، وهو منع ما هو جائز في الأصل خشية أن يكون وسيلة للوقوع في المحرم. فالمباشرة جائزة للصائم، لكنها للشاب قد تكون ذريعة للجماع.
4- التيسير على كبار السن: الإسلام دين يسر ورحمة، وقد راعى ظweakness الضعفاء وكبار السن، فأباح لهم ما قد يُمنع منه غيرهم تخفيفًا عليهم.
5- تفاوت الناس في التقوى والقدرة على ضبط النفس: فما يستطيعه الشيخ الهادئ قد لا يستطيعه الشاب المتحفز، وهذا تفريق حكيم من الشارع.

معلومات إضافية مفيدة:


- جمهور العلماء على أن المباشرة (التقبيل واللمس) للصائم مكروهة للشاب الذي يخشى على نفسه من الإنزال أو الجماع، وهي جائزة لمن لا يخشى ذلك وكانت عائشة رضي الله عنها تقول: "كان رسول الله ﷺ يُقبّل وهو صائم، ويباشر وهو صائم، ولكنه كان أملككم لإربه." (رواه البخاري ومسلم).
- الإرب: هو حاجة الرجل من امرأته، أي كان ﷺ أملك لأعضائه وأقوى على ضبط شهوته.
- من وقع في المباشرة فأنزل، فإن صومه يفسد وعليه القضاء فقط دون الكفارة، لأن الكفارة خاصة بالجماع.
فهذا الحديث شاهد على عظمة هذا الدين وشموليته، ورفقه بالناس، وحكمة نبيّه ﷺ الذي كان يُعلّم ويُربّي بفقه الواقع لا بالنظرية المجردة.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٢٣٨٧) عن نصر بن علي، حدّثنا أبو أحمد - يعني الزبيري-، أخبرنا إسرائيل، عن أبي العنب، عن الأغر، عن أبي هريرة، فذكره.
وعنه رواه البيهقي (٤/ ٢٣١ - ٢٣٢) وإسناده حسن من أجل أبي العنب العدويّ الكوفيّ، روي عنه جماعة منهم: شعبة، ومسعر، وإسرائيل، وغيرهم. قال عبد الحميد بن صالح البرجمي: سألت يونس بن بكير عن اسم أبي العنبس؟ فقال: هو جدّي لأمّي واسمه الحارث بن عبيد بن كعب من بني عدي. وذكره ابن حبان في «الثقات».
فمثله يحسن حديثه إن كان له أصل.
وفي الباب ما رُوي عن عبد الله بن عمرو بن العاصي، قال: كنا عند النبيّ ﷺ فجاء شاب، فقال: يا رسول الله، أقبِّلُ وأنا صائم؟ قال: «لا». فجاءه شيخ، فقال: أقبِّلُ وأنا صائم؟ قال: «نعم». قال: فنظر بعضنا إلى بعض! . فقال رسول الله ﷺ: «قد علمتُ لِمَ نظر بعضكم إلى بعض، إنّ الشيخ بملك نفسه».
رواه الإمام أحمد (٦٧٣٩) عن موسى بن داود، حدّثنا ابن لهيعة، عن يزيد بن حبيب، عن قيصر التُّجيبي، عن عبد الله بن عمرو، فذكره.
وفي الإسناد ابن لهيعة وفيه كلام معروف أنه سيء الحفظ، وبه أعلّه الهيثمي في «المجمع» (٣/ ١٦٦)، ولكنه قال فيه: «عبد الله بن عمر».
وعزاه أيضًا إلى الطبراني. وهو كذلك فإنّ الحديث في قطعة (١٣ - ١٤) (١٣٧) من هذا الوجه، ومن وجه آخر عن ابن لهيعة، وذلك من مسند عبد الله بن عمرو.
فالظاهر أنه وقع خطأ في «مجمع الزوائد»، وقد رواه الخطيب في «الفقيه والمتفقه» (١١٨١) عن الإمام أحمد وقال فيه: عبد الله بن عمرو.
وقد أفتي بالتفريق بين الشيخ والشاب في الصيام عدد من السلف منهم: أبو هريرة، وابن عباس، وابن عمر. أخرج حديثهم البيهقي في «سننه».
اختلف أهل العلم في جواز القبلة للصائم، فرخّص فيها عمر بن الخطاب، وأبو هريرة، وسعد ابن أبي وقاص، وعائشة، وإليه ذهب عطاء، والشعبي، والحسن.
وقال الشافعي: لا بأس إذا لم تحرك القبلة شهوته. وكذلك قال أحمد وإسحاق.
وقال أبو حنيفة وأصحابه: لا بأس بالقبلة للصائم إذا كان يأمن على نفسه.
وقال الثوري: لا يفطّره والتنزّه أحبّ إليَّ.
وقال ابن عباس: يكره ذلك للشاب، ويرخّص للشيخ.
وكره قوم القبلة للصائم على الإطلاق، ونهي عنها ابن عمر، كما رواه مالك في: الموطأ«أنه كان ينهى عن القبلة والمباشرة للصائم، وإليه ذهب مالك.
ويُروي عن ابن مسعود أنه قال: «من فعل ذلك قضى يومًا مكانه. رواه عبد الرزاق (٨٤٢٦)، والطّحاويّ (٣٢٨٤)، عن الثوريّ، عن منصور، عن هلال بن يساف، عن الهزهاز، عن ابن مسعود، فذكره.
قال سفيان: ولا يؤخذ بهذا.
قال الأعظمي: وفي الإسناد الهزهاز لا يعرف من هو؟ .
وقد رُوي عن ابن مسعود أيضًا ما يخالف ذلك.
وهو ما رواه عبد الرزاق (٨٤٤٢) عن ابن عيينة، عن زكريا، عن الشعبي، عن عمرو بن شرحبيل، أن ابن مسعود كان يباشر امرأته بنصف النهار وهو صائم.
ورواه أيضًا الطحاوي في «شرحه» (٣٢٩١) من وجه آخر عنه، مثله.
وقد اتفق الجمهور على أنّ من قبّل وأمني فعليه القضاء، ولا كفارة عليه، خلافًا لمالك فإنه أوجب القضاء والكفارة.
كما اتفقوا على أن من أمذى فليس عليه شيء خلافًا لمالك فإنه أوجب عليه القضاء ولا كفارة عليه وأدلتهم مبسوطة في كتب الفقه.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 280 من أصل 428 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

  • 📜 حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: المباشرة للصائم: رخصة للشيخ ومنع للشاب

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب