حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في جواز حلق المحرم رأسه إذا كان به أذى مع وجوب الفدية

عن كعب بن عجرة، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَال لَهُ: «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟». فَقُلْت: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَو انْسُكْ بِشَاةٍ».

متفق عليه: رواه مالك في الحج (٢٣٨) عن حُميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجّاج، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، فذكره.

عن كعب بن عجرة، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَال لَهُ: «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟». فَقُلْت: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَو انْسُكْ بِشَاةٍ».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا جميعاً لفهم سنة نبيه ﷺ والعمل بها.
الحديث الشريف:
عن الصحابي الجليل كعب بن عجرة رضي الله عنه، أن رسول الله ﷺ قال له: «لَعَلَّكَ آذَاكَ هَوَامُّكَ؟». فقلت: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، فقال رسول الله ﷺ: «احْلِقْ رَأْسَكَ، وَصُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ، أَوْ أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ، أَوِ انْسُكْ بِشَاةٍ».
(رواه البخاري ومسلم وغيرهما)


1. شرح المفردات:


● آذَاكَ: أي أصابك بالأذى والتعب.
● هَوَامُّكَ: جمع "هامة"، وهي القمل أو ما يشابهه من الحشرات الصغيرة التي تتواجد في الرأس وتؤذيه.
● احْلِقْ رَأْسَكَ: أي أزِل شعر رأسك بالموسى (الحلاقة).
● صُمْ ثَلاثَةَ أَيَّامٍ: أي abstain عن الطعام والشراب من الفجر إلى المغرب لمدة ثلاثة أيام.
● أَطْعِمْ سِتَّةَ مَسَاكِينَ: أي أعطِ طعاماً لستة أشخاص فقراء.
● انْسُكْ بِشَاةٍ: أي اذبح شاة كنسيكة (أي كفارة).


2. شرح الحديث:


وقع الصحابي كعب بن عجرة رضي الله عنه في حالة إحرام (في حجة الوداع)، وكان يعاني من وجود القمل أو الهوام في رأسه مما سبب له أذىً شديداً. فلما رآه النبي ﷺ على هذه الحالة، وسأله تعاطفاً ورحمة: "أظن أن الهوام في رأسك تؤذيك؟"، فأكد كعب ذلك.
فأمره النبي ﷺ بحلق رأسه للتخلص من هذا الأذى، ولكنه كان محرماً، وحلق الرأس على المحرم محظور ويترتب عليه فدية (كفارة). فبين له النبي ﷺ البدائل التي يمكنه بها أداء هذه الكفارة، وهي خيارات متعددة يتسع بها على الناس حسب قدرتهم:
1- صيام ثلاثة أيام.
2- إطعام ستة مساكين (والمقدار الذي يطعمه كل مسكين نصف صاع من طعام أهل البلد، كالتمر أو الشعير).
3- ذبح شاة (تذبح وتوزع على الفقراء).
وهذه الخيارات على التخيير، فيمكن للمكلف أن يختار أيها شاء، والأفضل أن يأتي بأيسرها عليه وأنفعها للفقراء.


3. الدروس المستفادة منه:


1- رحمة النبي ﷺ بأمته وشفقته عليهم: حيث لاحظ ما يعانيه صحابيه وسأله عن حاله، ولم يتركه يتألم.
2- التيسير ورفع الحرج في الشريعة الإسلامية: فجعل الشارع الحكيم بدائل للكفارة تتناسب مع ظروف الناس وقدراتهم المادية.
3- مراعاة الظروف الطارئة والمشقة: فالمشقة التي لحقت بكعب رضي الله عنه بسبب المرض والأذى أدت إلى الترخيص له بحلق رأسه مع وجود البديل الشرعي (الكفارة).
4- بيان أحكام الكفارات: وأنها تتدرج من الأيسر إلى الأعلى (الصيام، ثم الإطعام، ثم النسك)، مما يظهر سماحة الإسلام.
5- العناية بالنظافة والصحة: فأمره بحلق رأسه كان لحماية صحته والتخلص من سبب الأذى.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي تُستدل بها على كفارة حلق الرأس للمحرم، وهي من المسائل المتفق عليها بين العلماء.
- الجمهور من العلماء (الحنفية والشافعية والحنابلة) على أن الخيارات مخيرة، أي يمكن للمكلف أن يختار أيها شاء.
- المقدار الواجب في الإطعام هو إطعام ستة مساكين، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد (يعادل approximately 1.5 كيلوغرام تقريباً من الطعام).
- هذه الكفارة خاصة بالمحرم إذا حلق رأسه due to أذى أو مرض، وأما من حلق لغير عذر فقد ارتكب محظوراً وعليه الفدية، ولكن ذنبه أكبر.
أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وينفعنا بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحج (٢٣٨) عن حُميد بن قيس، عن مجاهد أبي الحجّاج، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، فذكره.
ورواه البخاريّ في المحصر (١٨١٤) عن عبد الله بن يوسف، أخبرنا مالك، به مثله.
ورواه البخاري (١٨١٥)، ومسلم (١٢٠١) كلاهما من حديث سيف (وهو ابن سليمان)، عن مجاهد، قال: سمعت عبد الرحمن بن أبي ليلى، أن كعب بن عجرة حدّثه، قال: وقف عليَّ رسول
الله ﷺ بالحديبية، ورأسي يتهافت قملًا! فقال: «يؤذيك هوامك؟» قلت: نعم. قال: «فأحلق رأسك» أو قال: «احلق». قال: فيَّ نزلت هذه الآية (فذكر الآية). فقال النبيّ ﷺ: «صم ثلاثة أيام، أو تصدّق بفرق بين ستة، أو انسك بما تيسر».
ورواه البخاريّ في التفسير (٤٥١٧)، ومسلم في الحج (١٢٠١: ٨٥) من طريق شعبة، عن عبد الرحمن بن الأصبهانيّ، قال: سمعت عبد الله بن معقل، قال: قعدت إلى كعب بن عُجْرة في هذا المسجد -يعني مسجد الكوفة-، فسألته عن ﴿فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ﴾ فقال: حُملتُ إلى النبيّ ﷺ والقملُ يتناثر على وجهي، فقال: «ما كنتُ أرى أنَّ الجهد قد بلغ بك هذا، أما تجدُ شاة؟» قلت: لا، قال: «صُمْ ثلاثةَ أيام، أو أطعم ستّة مساكين لكلّ مسكين نصف صاع من طعام، وأحلق رأسك». فنزلت فيَّ خاصة، وهي لكم عامة.
وأمّا ما رواه مالك في الحج (٢٥٢) عن عبد الكريم بن مالك الجزريّ، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، أنه كان مع رسول الله ﷺ محرمًا، فأذاه القمل في رأسه، فأمره رسول الله ﷺ أن يحلق رأسه وقال: «صُمْ ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، مدين مدين لكل إنسان أو انسك بشاة، أي ذلك فعلت أجزأ عنك». ففيه انقطاع بين عبد الكريم بن مالك وبين عبيد الرحمن بن أبي ليلى.
هكذا رواه يحيى عن مالك بإسقاط مجاهد بينهما.
قال ابن عبد البر: «وتابعه أبو المصعب، وابن بكير، والقعنبي، ومطرف، والشافعي، ومعن بن عيسي، وسعيد بن عفير، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومصعب الزبيري، ومحمد بن المبارك الصوريّ كلّ هؤلاء رووه عن مالك كما رواه يحيى، لم يذكروا مجاهدًا في إسناد هذا الحديث.
ورواه ابن وهب، وابن القاسم، ومكي بن إبراهيم عن مالك عن عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة».
وقال: «الصّواب في إسناد هذا الحديث قول من جعل فيه مجاهدًا بين عبد الكريم، وبين ابن أبي ليلى، ومن أسقطه فقد أخطأ فيه. وزعم الشافعي أن مالكًا هو الذي وهم فيه» انتهى. انظر: التمهيد (٢٠/ ٦٢).
رواه البيهقيّ (٥/ ٥٥) من طريق الحسين بن الوليد، ثنا مالك بن أنس، عن عبد الكريم الجزريّ، عن مجاهد، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن كعب بن عجرة، فذكره.
قال البيهقيّ: «جوّده الحسين بن الوليد النيسابوريّ، عن مالك. وكذلك رواه ابن وهب عن مالك. ورواه جماعة عن مالك دون ذكر مجاهد في إسناده، وذكر الشعير في رواية الحسين بن الوليد دون غيره».
وقد ذهب مالك إلى هذا الخيار الذي في حديث عبد الكريم، فقال: «كلّ شيء في كتاب الله
في الكفارات كذا أو كذا» فصاحبه مخير في ذلك أي شيء أحبّ أن يفعل ذلك فعل».
وقال: أما النسك فشاة، وأما الصيام فثلاثة أيام، وأما الطعام فيُطعم ستة مساكين، لكل مسكين مدان بمد النبيّ ﷺ» انتهى.
وانظر لمزيد من التفاصيل وأقوال أهل العلم في ذلك «المنة الكبرى» (٤/ ٤٤ - ٥٠).
وأما ما رُوي أنه ﷺ أمره أن يهدي بقرة فهو ضعيف.
رواه أبو داود (١٨٥٩) وفيه رجل لم يُسم كما أن فيه مخالفة للثقات الذين نصُّوا على الشّاة أو على ما تيسَّر.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 108 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

  • 📜 حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: احلق رأسك وصم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب