حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

عن عائشة، قالت: دَخَلَ رَسُولُ اللهِ ﷺ عَلَى ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ فَقَالَ لَهَا: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟». قَالَت: وَاللهِ، لا أَجِدُني إِلا وَجِعَةً. فَقَالَ لَهَا: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ! مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي». وَكَانَتْ تَحْتَ الْمِقْدَادِ بْنِ الأَسْوَدِ.

متفق عليه: رواه البخاريّ في النكاح (٥٠٨٩)، ومسلم في الحج (١٢٠٧: ١٠٤) كلاهما من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته، ولفظهما سواء.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن ينفعنا بما ندرس من سنة نبيه ﷺ.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما، وإليك شرحه الوافي على النحو التالي:

١. شرح المفردات:

● ضُبَاعَةَ بِنْتِ الزُّبَيْرِ: هي صحابية جليلة، زوجة المقداد بن الأسود رضي الله عنهما.
● وَجِعَةً: أي مريضة، تشتكي ألماً أو علة تمنعها من القيام بالمشاق.
● اشْتَرِطِي: أي اشترطي شرطاً في إحرامك، بأن تعلقي أداء النسك على قدرتك واستطاعتك.
● مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي: أي مكان حلّي من إحرامي هو المكان الذي تمنعني فيه وتعيقني (بسبب المرض أو غيره).

٢. شرح الحديث:

تدور قصة هذا الحديث حول امرأة من الصحابة -وهي ضباعة بنت الزبير- أرادت الحج لكنها كانت تشتكي من مرض أو علة تخشى معها أن لا تستطيع إكمال مناسك الحج، فدخل عليها النبي ﷺ وسألها: «لَعَلَّكِ أَرَدْتِ الْحَجَّ؟» فأخبرته بحالها، فقال لها: «حُجِّي وَاشْتَرِطِي».
ومعنى "اشترطي" أي قولي عند الإحرام: "لبيك اللهم بحجة، فإن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني". وهذا الاشتراط يبيح للمحرم أن يتحلل من إحرامه إذا منعه عذرٌ شرعي (كمرض أو خوف أو غير ذلك) دون أن يلزمه دم أو فدية.

٣. الدروس المستفادة منه:

1- جواز الاشتراط في الإحرام: وذلك لمن يخاف أن يعترضه عائق يمنعه من إتمام نسكه، كمرض أو عدو أو غير ذلك. وهو رخصة من الله تعالى لتيسير الحج على عباده.
2- رفع الحرج عن الأمة: فيه دليل على يسر الشريعة الإسلامية ومراعاتها لأحوال الناس، خاصة في العبادات الشاقة كالحج.
3- مشروعية الاستفسار عن أحوال الناس ومواساتهم: كما فعل النبي ﷺ عندما سأل ضباعة عن حالها وهمها، ثم وجهها إلى الحل الشرعي المناسب.
4- الأخذ بالرخصة عند الحاجة: لا حرج على المسلم أن يأخذ بالرخص الشرعية عند وجود سببها، بل ذلك من تمام الاتباع.

٤. معلومات إضافية مفيدة:

● حكم الاشتراط: هو جائز عند جمهور العلماء (الحنفية والشافعية والحنابلة) لمن خشي عائقاً، وهو مذهب الإمام مالك في رواية.
● صيغة الاشتراط: أن يقول عند الإحرام: "إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني" أو ما يشبه ذلك.
● فائدة الاشتراط: أن المحرم إذا اشترط ثم منعه عذر، حل من إحرامه ولا شيء عليه، بخلاف من لم يشترط فإنه يلزمه الدم إذا تحلل بعذر.
● الحديث دليل على عناية النبي ﷺ بأمور النساء وتعليمهن: فقد خص ضباعة بهذا التعليم تفقهاً وتيسيراً.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في النكاح (٥٠٨٩)، ومسلم في الحج (١٢٠٧: ١٠٤) كلاهما من طريق أبي أسامة حماد بن أسامة، عن هشام بن عروة، عن أبيه عروة بن الزبير، عن عائشة، فذكرته، ولفظهما سواء.
قوله: «مَحِلِّي» بكسر الحاء، اسم مكان بمعني موضع التحلل من الإحرام.
وهذا الحديث لم يبلغ الشّافعيَّ إلا مرسلًا كما رواه في «الأم» (٢/ ١٥٨) عن سفيان، عن هشام بن عروة، عن أبيه، أنّ رسول الله ﷺ مرّ بضباعة بنت الزبير، فقال لها: «أما تريدين الحجّ؟»
فذكر الحديث.
قال الشافعيّ: «ولو ثبت حديث عروة عن النبيّ ﷺ في الاستثناء لم أعده إلى غيره لأنه لا يحلُّ عندي خلاف ما ثبت عن رسول الله ﷺ».
وكذلك رواه ابن ماجه (٢٩٣٧) من طريق وكيع، عن هشام بإسناده مرسلًا.
وعلّق البيهقيّ (٥/ ٢٢١) على كلام الشافعيّ بقوله: «قد ثبت الحديث من أوجه عن النبيّ ﷺ. أما حديث ابن عيينة عن هشام فقد روي موصولًا».
ثم رواه من طريق الدارقطني، ثنا ابن صاعد، ثنا عبد الجبار بن العلاء، ثنا سفيان بن عيينة، عن هشام بن عروة، عن عروة، عن عائشة، فذكر الحديث.
وقال: وقد وصله أبو أسامة حماد بن أسامة، ومعمر بن راشد، عن هشام، عن أبيه، عن عائشة، فذكره. وحديث أبي أسامة في الصحيحين كما رأيت.
وضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب هي ابنة عمّ النبيّ ﷺ، وقد تنسب إلى جدّها عبد المطلب، وهي زوجة المقداد بن الأسود، ولم يكن للزبير بن عبد المطلب عقب إلّا من ضباعة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 110 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

📜 حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: حُجِّي وَاشْتَرِطِي، وَقُولِي: اللَّهُمَّ مَحِلِّي حَيْثُ حَبَسْتَنِي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية