اضمدهما بالصبر

حديث: اضمدهما بالصبر

عَنْ نُبَيْهِ بن وَهْبٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِمَلَلٍ اشْتَكَي عُمَرُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ عَيْنَيْهِ، فَلَمَّا كُنَّا بِالرَّوْحَاءِ اشْتَدَّ وَجَعُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَى أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ يَسْأَلُهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِ أَن اضْمِدْهُمَا بِالصَّبِرِ فَإِنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللهِ ﷺ فِي الرَّجُلِ إِذَا اشْتَكَي عَيْنَيْهِ وَهُوَ مُحْرِمٌ ضَمَّدَهُمَا بِالصَّبِرِ.

صحيح: رواه مسلم في الحج (١٢٠٤) من طريق سفيان بن عيينة وعبد الوارث بن سعيد -فرقهما-، عن أيوب بن موسي، حدّثني نبيه بن وهب، به.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو حديث عظيم يجمع بين بيان هدي النبي صلى الله عليه وسلم في التداوي وجواز العلاج للمحرم، وبين حرص الصحابة رضي الله عنهم على تطبيق السنة ونقلها بدقة.

أولاً. شرح المفردات:

● بِمَلَلٍ: اسم لمكان بين المدينة وينبع، على طريق المدينة إلى مكة.
● بِالرَّوْحَاءِ: موضع قريب من المدينة، وهو أيضاً على طريق الحجاج.
● اشْتَكَي عَيْنَيْهِ: أي اشتكى ألمًا أو مرضًا في عينيه.
● اضْمِدْهُمَا: من الضماد، وهو ما يوضَع على الجرح أو موضع الألم من الأدوية. والضماد هو العلاج الموضعي بالكمدات أو المراهم.
● بِالصَّبِرِ: نبات معروف (الصبار أو الألوفيرا)، وكان معروفًا عند العرب بخصائصه العلاجية المبردة والمضادة للالتهاب، يستخدم لعلاج أمراض العين وغيرها.

ثانيًا. شرح الحديث:

يخبرنا الصحابي نُبَيْهِ بن وَهْبٍ عن رحلة لهم مع أبان بن عثمان (وهو أمير على الحجاج في ذلك الوقت وابن الخليفة عثمان بن عفان رضي الله عنهما). وفي أثناء الطريق، اشتكى عمر بن عبيد الله (وهو من التابعين) من ألم في عينيه، وازداد الألم عندما وصلوا إلى منطقة الرَّوْحَاء.
فأرسل عمر إلى أبان بن عثمان ليسأله عن حكم العلاج وهو محرم (لأن المحرم يُمنع من بعض الأشياء التي قد تدخل في العلاج، مثل تطيب الدواء إذا كان له رائحة)، وعن دواء مناسب.
فأرسل إليه أبان بن عثمان ناصحًا إياه أن يعالجهما بالصبر، ثم استدل على جواز هذا الفعل واستحبابه بسنة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث روى أن عثمان بن عفان رضي الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن للمحرم الذي تشتكي عيناه أن يضمدها (يعالجها موضعيًا) بنبات الصبر.

ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:

1- جواز التداوي للمحرم: الحديث دليل واضح على أنه لا حرج على المحرم في أن يطبب نفسه إذا مرض، بل إن هذا من التيسير الذي جاءت به الشريعة. والإحرام لا يمنع العلاج ما دام لا يتضمن محظورًا من محظورات الإحرام.
2- التيسير ورفع الحرج: من رحمة الله تعالى بعباده أن شرع لهم ما يحتاجون إليه من العلاج حتى في أحلك الظروف وأعظم الأحوال، وهي حالة الإحرام.
3- الحفاظ على السنة ونقلها: ينبغي لنا أن نحرص على تطبيق هدي النبي صلى الله عليه وسلم في كل أمورنا، حتى في الأمور الدقيقة مثل نوعية الدواء. وأبان بن عثمان لم يقل "جرب هذا الدواء" بل استند إلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، مما يدل على حرص السلف على التمسك بالوحي في كل صغيرة وكبيرة.
4- فضل العلم وأهله: لو لم يكن أبان بن عثمان عالمًا بهذه السنة، لربما حرم الرجل من العلاج أو تردد في استخدامه. وهذا يظهر فضل العالم الذي ينفع الناس بعلمه.
5- استخدام الأدوية الطبيعية المباحة: الصبر من الأدوية الطبيعية المباحة والتي ليس فيها ضرر، وفيه إشارة إلى الرجوع إلى ما أباحه الله من علاجات.

رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:

- هذا الحديث أصل في باب علاج المحرم، وأنه لا بأس به ما لم يكن فيه إزالة لشعر أو استعمال طيب محرم.
● الصبر المذكور في الحديث هو من الأدوية المعروفة قديمًا وحديثًا، وتؤكد الأبحاث الطبية الحديثة فوائده في تهدئة الالتهابات وعلاج بعض أمراض العين، مما يظهر إعجاز السنة النبوية.
- الحديث يدل على تواصل الخير بين الأجيال، فها هو أبان (من التابعين) يروي عن أبيه عثمان (الصحابي) عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يردنا إلى سنة نبيه صلى الله عليه وسلم ردًا جميلاً.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في الحج (١٢٠٤) من طريق سفيان بن عيينة وعبد الوارث بن سعيد -فرقهما-، عن أيوب بن موسي، حدّثني نبيه بن وهب، به.
والصَّبِر: عُصارة شجر مُرٍّ مفرده صَبرة، والجمع: صُبور.
قال الترمذي: «العمل على هذا عند أهل العلم، لا يرون بأسًا أن يتداوى المحرم بدواء ما لم يكن فيه طيب».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 109 من أصل 689 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: اضمدهما بالصبر

📜 حديث: اضمدهما بالصبر

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: اضمدهما بالصبر

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: اضمدهما بالصبر

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: اضمدهما بالصبر

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية