حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب النهي عن بيع ما لم يقبض
حسن: رواه أبو داود (٣٥٠٤)، والترمذي (١٢٣٤)، والنسائي (٤٦١١)، وابن ماجه (٢١٨٨)، وصحّحه الحاكم (٣/ ١٧) كلهم من حديث عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم:
نص الحديث:
«لا يحل سلف وبيع، ولا شرطان في بيع، ولا ربح ما لم يضمن، ولا بيع ما ليس عندك».
1. شرح المفردات:
● سلف: هو القرض، وهو أن يعطي الشخص مالًا لآخر على أن يرده إليه.
● بيع: هو مبادلة مال بمال بطريقة مخصوصة.
● شرطان في بيع: اشتراط شرطين في عقد بيع واحد.
● ربح ما لم يضمن: الربح الذي يحصل عليه البائع من سلعة لم يضمنها أو يتحمل مخاطرها بعد.
● بيع ما ليس عندك: بيع السلعة التي لا يملكها البائع وقت العقد.
2. شرح الحديث:
هذا الحديث من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، وهو يحوي أربعة أحكام مهمة في المعاملات المالية:
أولًا: «لا يحل سلف وبيع»
- المقصود: الجمع بين القرض والبيع في صفقة واحدة، وهو ما يسمى "بيع العينة"، وهو محرم بالإجماع.
- مثال ذلك: أن يقرض شخصٌ آخر ألف ريال، ثم يشتري منه سلعة بأقل من قيمتها الحقيقية (مثلاً يبيعها عليه بألف ومائتين)، فيجمع بين منفعة القرض والربح من البيع، وهذا من الربا disguised في صورة البيع.
- الحكمة: سد ذريعة الربا، وحماية الناس من الاستغلال.
ثانيًا: «ولا شرطان في بيع»
- المقصود: اشتراط شرطين في بيع واحد، وهو ما يفسد البيع أو يجعله غررًا.
- مثال محرم: أن يقول البائع: "أبيعك هذه السيارة على أن تبيعني دارك"، فهذا يجعل البيع معلقًا على شرط خارج عن العقد، فيؤدي إلى الجهالة والغرر.
- يستثنى من ذلك الشروط الجائزة التي فيها مصلحة للطرفين ولا تخالف الشرع، كاشتراط المواصفات في السلعة.
ثالثًا: «ولا ربح ما لم يضمن»
- المقصود: لا يجوز للبائع أن يربح من سلعة لم يتحمل مخاطرها بعد (أي لم يضمنها).
- مثال: أن يبيع شخص سلعة لم يقبضها بعد (كأن يبيعها وهي في طريقها إليه)، فإنه يربح منها دون أن يتحمل مسؤولية الهلاك أو الضرر، وهذا غرر محرم.
- القاعدة الفقهية: "الخراج بالضمان"، أي من يستحق الربح يتحمل الضمان (المخاطرة).
رابعًا: «ولا بيع ما ليس عندك»
- المقصود: لا يجوز بيع السلعة التي لا يملكها البائع وقت العقد.
- مثال: أن يبيع شخص سيارة ليست في ملكه (كأن يبيعها قبل أن يشتريها من صاحبها الأصلي)، فهذا بيع الغرر، وقد يؤدي إلى النزاع إذا لم يتم التسليم.
- يستثنى من ذلك بيوع الاستثناء مثل: بيع السلم (وهو بيع موصوف في الذمة) بشروطه الشرعية، وبيع المرابحة للآمر بالشراء إذا تحققت شروطها.
3. الدروس المستفادة:
1- تحريم الحيل الربوية: النهي عن "سلف وبيع" تحذير من التحايل على الربا بصيغ似是ولة.
2- الشفافية في المعاملات: النهي عن بيع ما لا يملك يضمن صفاء المعاملة ويقلل الغرر.
3- العدل في الربح: الربح يجب أن يقترن بالضمان وتحمل المخاطرة، فلا ربح دون مسؤولية.
4- ضبط شروط البيع: الشروط في البيع يجب أن تكون واضحة ومشروعة حتى لا تؤدي إلى نزاع.
4. معلومات إضافية:
- هذا الحديث رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، وصححه الألباني.
- هذه القيود الشرعية تهدف إلى حماية السوق من الغش والغرر والربا، وتحقيق العدل بين المتعاملين.
- من القواعد الفقهية المهمة في البيع: "لا تبع ما ليس عندك"، و"لا يباع الشيء حتى يقبض"، و"لا ربح إلا بعد الضمان".
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا في أحكامه، ويجعلنا من المتقين الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
تخريج الحديث
وإسناده حسن من أجل عمرو بن شعيب فإنه حسن الحديث.
وقال الترمذي: «حسن صحيح».
وقال الحاكم: «حديث صحيح على شرط جملة من أئمة المسلمين».
ورُوي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص، ويعلى بن أمية، وابن عباس وغيرهم»أن النبي ﷺ استعمل عتاب بن أَسِيد على مكة، وقال له: «انههم عن بيع ما لم يقبضوا، أو ربح ما لم يضمنوا، وعن قرض وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع وسلف».
وفي كله مقال. أخرج حديثهم ابن أبي شيبة، وابن ماجه، والبيهقي، وابن عدي، والطبراني، وغيرهم.
وأما ما روي عنه أن النبي ﷺ «نهى عن بيع وشرط». فليس بصحيح.
رواه الطبراني في معجمه الأوسط (٤٣٦١ بتحقيق: طارق بن عوض اللَّه) عن عبد اللَّه بن أيوب القربي، ثنا محمد بن سليمان الذهلي، ثنا عبد الوارث بن سعيد قال: قدمت مكة، فوجدت بها أبا حنيفة، وابن أبي ليلى، وابن شبرمة، فسألت أبا حنيفة، قلت: ما تقول في رجل باع بيعا، وشرط شرطا، فقال: البيع باطل، والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى فسألته، فقال: البيع جائز، والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة فسألته، فقال: البيع جائز، والشرط جائز. فقلت: يا سبحان اللَّه! ثلاثة من فقهاء العراق اختلفوا في مسألة واحدة، فأتيت أبا حنيفة، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا. حدثني عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، عن النبي ﷺ «أنه نهى عن بيع وشرط». البيع باطل، والشرط باطل. ثم أتيت ابن أبي ليلى، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا: حدثني هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة قالت: «أمرني النبي ﷺ أن أشتري بريرة فأعتقها». البيع جائز والشرط باطل. ثم أتيت ابن شبرمة، فأخبرته، فقال: ما أدري ما قالا، حدثني مسعر بن كدام، عن محارب بن دثار، عن جابر قال: «بعتُ النبي ﷺ ناقةً وشرط لي حملانها إلى المدينة». البيع جائز، والشرط جائز». انتهى.
ورواه الحاكم أبو عبد اللَّه في كتاب علوم الحديث في باب الأحاديث المتعارضة، عن أبي بكر ابن إسحاق، ثنا عبد اللَّه بن أيوب بن زاذان الضرير، ثنا محمد بن سليمان الذهلي بإسناده.
وفي الإسناد عبد اللَّه بن أيوب بن زاذان الضرير يعرف بالقربي أو بالقرني الخراز، سئل عنه الدارقطني فقال: «متروك». سؤالات الحاكم للدارقطني (١٢٥).
وقوله: «نهى عن بيع وشرط» لم يرد من وجه صحيح عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده
والصحيح عنه»نهى عن شرطين في بيع». كما مضى، ففي متنه نكارة؛ لأنه صح عن جابر وغيره جواز بيع وشرط، كما في الباب الآتي.
أحاديث هذا الباب ذات دلالات كثيرة في مسائل البيوع:
منها: أن الربح بمقابل الضمان، فأمر الشارع أن يقبض السلعة أولا؛ لتكون في ضمانه، ثم يبيعها.
ومنها: أنه يشمل بيع ما لا يملك على تسليمه مثل العبد الآبق، أو الجمل الشارد.
ومنها: أن البيع قبل القبض يؤدي إلى الخصام والتنازع؛ لأن القبض قد يتأخر، ويهلك المبيع.
ومنها: أنه يؤدي إلى القمر والميسر؛ لأن البائع قد يستفيد من رأس المال، والمشتري لم يستلم السلعة بعد، لأن البائع لم يقبضها حتى يسلمها إلى المشتري.
ويستثنى من هذا البيع، السلمُ الموصوف في الذمة، سواء كان مؤجلا أو حالا، وذلك لحاجة الناس إلى رأس المال لإنتاج السلعة الموصوفة، فأجاز الشارع بيع السلم؛ لئلا تعطل مصالح البائع والمشتري. وغالب التجارات اليوم قائمة على هذا الأساس وهو السلم.
وقد أشار الخطابي إلى هذا بقوله: «وقوله: «لا نبع ما ليس عندك» يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال، وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال، وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر. وذلك مثل أن يبيع عبده الآبق أو جمله الشارد، ويدخل في ذلك كل شيء ليس بمضمون عليه، مثل أن يشتري سلعة، فيبيعها قبل أن يقبضها، ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفًا على إجازة المالك، لأنه يبيع ما ليس عنده. ولا في ملكه، وهو غرر، لأنه لا يدري هل يجيز صاحبه أم لا؟ . انتهى.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 453 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 428 ثلاث لا يمنعن: الماء والكلأ والنار
- 429 شر الكسب مهر البغي وثمن الكلب وكسب الحجام
- 430 نهى رسول الله ﷺ عن كسب الحجام
- 431 اعلفه ناضحك
- 432 احتجم رسول الله وأمر لأبي طيبة بصاع من تمر.
- 433 حجم النبي ﷺ عبدًا فأعطاه أجره
- 434 اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك
- 435 اعلف به الناضح واجعله في كرشه
- 436 أعطي الحجام أجره
- 437 أبو طيبة يحجم النبي ويضع عنه صاعا.
- 438 نهى النبي عن عسب الفحل
- 439 نهى رسول الله عن بيع ضراب الجمل وبيع الماء والأرض...
- 440 نهى رسول الله عن كسب الحجام وكسب البغي وثمن الكلب
- 441 نهى رسول الله ﷺ عن ثمن الكلب وعسب الفحل
- 442 عسب الفحل: النهي والرخصة في الكرامة
- 443 حكم بيع الطعام قبل قبضه
- 444 لا تبيعوا الطعام حتى تستوفوه
- 445 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام قبل نقله
- 446 يضربون على عهد رسول الله إذا اشتروا طعاما جزافا
- 447 لا تبع السلع حيث تبتاع حتى يحوزها التجار إلى رحالهم
- 448 من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه
- 449 إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه
- 450 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى
- 451 نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان
- 452 إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه
- 453 لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
- 454 بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي
- 455 اشتراط الولاء لمن أعتق في الحديث النبوي
- 456 الولاء لمن أعتق
- 457 لا يبع بعضكم على بيع بعض
- 458 نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد
- 459 لا يَسُم المسلم على سوم أخيه
- 460 المؤمن أخو المؤمن فلا يحل له أن يبتاع على بيع...
- 461 لا يخطب الرجل على خطبة أخيه
- 462 لا يبع حاضر لباد
- 463 نهى رسول الله ﷺ أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر...
- 464 نهينا أن يبيع حاضر لباد
- 465 نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد
- 466 لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من...
- 467 إن النبي ﷺ نهى أن يبيع حاضر لباد
- 468 نهى النبي ﷺ عن تلقي البيوع
- 469 لا يبيع بعضكم على بيع بعض
- 470 نهى رسول الله ﷺ أن يتلقى الجلب
- 471 لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض
- 472 من تلقى الجلب فاشترى منه فهو بالخيار
- 473 نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق
- 474 من احتكر فهو خاطئ
- 475 النبي ﷺ يبيع نخل بني النضير ويحبس قوت سنتهم
- 476 لا تَنَاجَشُوا
- 477 من حلف بالله كاذبًا في تجارته
معلومات عن حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
📜 حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Thursday, November 20, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








