حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع الحاضر للبادي

عن جابر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يَبعْ حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم من بعض».

صحيح: رواه مسلم في البيوع (١٥٢٢) من طريقين، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.

عن جابر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا يَبعْ حاضر لباد، دعوا الناس يرزق اللَّه بعضهم من بعض».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي الحكمة وفصل الخطاب، وهو يتعلق بآداب وأحكام المعاملات التجارية، ويحفظ حقوق الناس ويدرأ عنهم الضرر.

### أولاً. تخريج الحديث ومصادره المعتمدة
هذا الحديث رواه الإمام مسلم في صحيحه في كتاب البيوع، كما رواه الإمام البخاري بلفظ مقارب، وهو من الأحاديث المتفق على صحتها. وهو من رواية الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

### ثانياً. شرح المفردات
* يَبِعْ: يأتي بمعنى يبيع، أي لا يقوم بعملية البيع.
* حَاضِرٌ: هو المقيم في المدن والقرى، الذي لديه معرفة بالسوق وأحواله وأسعاره.
* لِبَادٍ: هو ساكن البادية (الأعرابي)، الذي جاء إلى المدينة أو القرية لبيع منتجاته (مثل الإبل أو الغنم أو صوفها أو ألبانها)، وهو غالباً لا يعرف الأسعار الحقيقية في السوق ولا يدرك قيم السلع بدقة.
* دَعُوا النَّاسَ: اتركوهم دون تدخل.
* يَرْزُقُ اللَّهُ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ: أي أن الله سبحانه وتعالى هو الرزاق، وهو الذي يسهل سبل الرزق وينشط حركته بين الناس عن طريق البيع والشراء الطبيعي دون غش أو احتيال.

### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
معنى الحديث النبوي الشريف أن الشخص الحضري (ساكن المدينة) لا يتدخل ليكون وسيطاً أو سمساراً لأهل البادية الذين جاؤوا لبيع بضائعهم، فيقول لهم: "اتركوني أبيع لكم، السوق اليوم كاسد، والأسعار منخفضة"، ثم يشتري بضاعتهم بسعر زهيد، أو يذهب ليبيعها على الناس بسعر السوق الحقيقي ويكسب هو الفرق دون جهد أو مشقة تذكر، مما يعد غشاً واحتيالاً على البادي الذي يجهل أحوال السوق.
فالنبي صلى الله عليه وسلم يأمر بترك الناس (أي الباعة من أهل البادية والمشترين من أهل الحضر) يتعاملون بحرية، فيأتي البادي إلى السوق ويبيع سلعته مباشرة للمستهلك بسعر السوق العادل، فيرزق الله البادي من خلال بيعته، ويرزق المشتري الحضري من خلال حصوله على السلعة التي يحتاجها، دون أن ي截ع وسطاء سيئون يَغُرُّونَ البادي ويأكلون ماله بالباطل.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث
1- تحريم التسعير على البائع الجاهل (الغبن الفاحش): النهي هنا للتحريم، حيث أن تصرف "الحاضر" هذا يعتبر غشاً واحتيالاً واستغلالاً لحاجة البادي وجهله، وهو من أكل أموال الناس بالباطل.
2- الحفاظ على حقوق الضعفاء والجهلة: يهدف التشريع الإسلامي إلى حماية الطرف الضعيف أو غير المطلع في المعاملة، لضمان العدالة وإنصاف جميع الأطراف.
3- إطلاق حرية السوق الطبيعية: يشجع الحديث على حرية السوق الشريفة، حيث يتعامل البائع والمشتري مباشرة دون وساطة متحايلة، مما ينشط الاقتصاد بطريقة عادلة.
4- التأكيد على أن الرزق بيد الله تعالى: التوجيه النبوي "دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض" تذكير بأن الله هو الرزاق، وأن محاولة الكسب بالطرق المحرمة ليست من الرزق الحلال، بل هي حرمان للبركة.
5- النهي عن التلقي (الاستقبال) خارج السوق: هذا الحديث هو أصل في النهي عن "تلقي الركبان"، وهو أن يخرج تاجر المدينة لاستقبال القوافل القادمة من البادية قبل وصولها للسوق لشراء بضائعهم بسعر أقل، وهو من صور الاستغلال المنهي عنها.


خامساً:

ما لا يشمل النهي
ليس المقصود تحريم كل أنواع الوساطة التجارية (السمسرة) مطلقاً، فإذا كان السمسار أميناً يبين للبادي أسعار السوق الحقيقية ويتقاضى أجراً معلوماً ومتفقاً عليه على وساطته، فهذه معاملة جائزة وحتى مطلوبة أحياناً لتيسير التجارة. النهي هنا محله الوساطة الخادعة المستغلة لجهل البائع.


سادساً:

الخلاصة والعبرة
يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث ببناء علاقات اقتصادية قائمة على الأمانة والشفافية والعدل، وينهى عن الاستغلال والغش والجشع. فهو ليس مجرد تحليل وتحريم، بل هو تربية إيمانية على تقوى الله في المعاملات، وثقة بأن الرزق الحلال الطيب هو ما يأتي من طريق مشروع لا ظلم فيه ولا اغتصاب لحقوق الآخرين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البيوع (١٥٢٢) من طريقين، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 466 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

  • 📜 حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب