حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن تلقي الركبان والجَلَب

عن سمرة أن نبي اللَّه ﷺ نهى أن تتلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق، أو يبيع حاضر لباد.

حسن: رواه أحمد (٢٠١١٩)، والطبراني في الكبير (٦٩٢٩)، كلاهما من حديث علي بن عبد اللَّه (المديني)، حدثنا معاذ، حدثني أبي، عن مطر، عن الحسن، عن سمرة فذكره.

عن سمرة أن نبي اللَّه ﷺ نهى أن تتلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق، أو يبيع حاضر لباد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الشريف:
عن الصحابي الجليل سمرة بن جندب رضي الله عنه: (أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ ﷺ نَهَى أَنْ تُتَلَقَّى الْأَجْلابُ حَتَّى تَبْلُغَ الْأَسْوَاقَ، أَوْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ).
رواه الإمام البخاري في صحيحه.


1. شرح المفردات:


* تُتَلَقَّى: تُستقبل وتُقابل قبل وصولها لمكان بيعها الطبيعي.
* الْأَجْلابُ: (مفردها: جَلَب) وهي البضائع والتجارات التي تُجْلَبُ من خارج البلد، كالطعام والثمار والمواشي وغيرها.
* حَتَّى تَبْلُغَ الْأَسْوَاقَ: أي حتى تصل إلى أسواق البلد المعروفة، حيث يجتمع الناس للبيع والشراء، فيعلم الجميع بقدومها وبسعرها.
* حَاضِرٌ: هو سكان المدن والقرى، وهم المطلعون على أحوال السوق وأسعاره.
* لِبَادٍ: (مفردها: بَادٍ) هم سكان البادية (الأعراب)، الذين لا يعرفون أحوال الأسواق في المدينة، ولا يعرفون الأسعار الحقيقية للسلع.


2. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:
نهى النبي ﷺ عن أمرين يضران بالتجارة ويوقعان الظلم:
الأول: تَلَقِّي الرُّكْبَان (أو الأجلاب):
وهو أن يخرج تجار المدينة لاستقبال القوافل القادمة بالبضائع (الأجلاب) قبل أن تصل إلى السوق. فيشترون منهم بضائعهم بأسعار رخيصة، لأن البائع القادم لا يعرف سعر السوق الحقيقي في المدينة، وهو متعب من السفر وراغب في التخلص من بضاعته بسرعة. ثم يذهب هؤلاء التجار إلى السوق ليبيعوا هذه البضاعة بأسعار أعلى، فيربحون ربحاً كبيراً على حساب جهل البائع المسافر. وهذا نوع من الغش والاحتكار والغبن الفاحش.
الثاني: أن يَبِيعَ الحَاضِرُ لِلْبَادِي:
وهو أن يتوسط شخص من أهل المدينة (الحاضر) لصالح أحد الباعة من البادية (البادي) فيبيع له بضاعته. ولكن لا يفعل ذلك نصحاً له، بل ليكسب هو نفسه، إما بأن يأخذ عمولة سراً، أو بأن يبيع البضاعة بسعر مرتفع ويخبر البادي أنه باعها بسعر أقل، فيأخذ الفرق لنفسه. وهو بذلك يستغل جهل البدوي بأحوال السوق وأسعارها، فيخدعه ويأكل ماله بالباطل.
فالنهي في الحالتين جاء لسدِّ ذريعة الغش والغبن والاحتكار وأكل أموال الناس بالباطل.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- تحريم الظلم في المعاملات: يحرص الإسلام على العدل في البيع والشراء، ويحرم أي شكل من أشكال الاستغلال والغش.
2- الحفاظ على الشفافية في السوق: يجب أن تصل البضاعة إلى السوق العام حتى يطلع عليها الجميع، فتتحدد الأسعار بناء على العرض والطلب الحقيقيين، لا على خداع واستغلال.
3- تحريم الاحتكار: تَلَقِّي الركبان هو صورة من صور الاحتكار، حيث يحصل القلة على البضاعة بأسعار زهيدة ثم يحتكرونها لبيعها بأسعار مرتفعة.
4- النصح والأمانة: على المسلم أن يكون ناصحاً لأخيه، خاصة إذا كان جاهلاً بأحوال السوق. فلو أراد الحاضر أن يساعد البدوي، فليفعل ذلك بنصحه وإرشاده إلى السعر العادل دون أن يتخذ ذلك وسيلة للكسب غير المشروع.
5- سد الذرائع: نهى النبي ﷺ عن هذه الأفعال سداً لذريعة الوقوع في الظلم والغش، حتى لو ادعى من يفعلها أنه لم يقصد الإضرار.
6- مراعاة الظروف الاجتماعية: راعت الشريعة الفروق في الخلفية والمعرفة بين الناس (كالحضري والبدوي)، ووضعت قواعد تحمى الطرف الضعيف أو غير المطلع.


4. معلومات إضافية مفيدة:


* هذا الحديث أصل عظيم من أصول فقه المعاملات الإسلامية.
* ذهب جمهور العلماء (الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة تَلَقِّي الركبان وبيع الحاضر للبادي إذا ترتب عليه غبن وظلم، وقال بعضهم بالتحريم إذا تحقق الظلم والغش.
* إذا كان التلقي بقصد النصح والإرشاد وبدون استغلال، أو إذا علم البادي بسعر السوق ووافق، فلا بأس في ذلك.
* يستثنى من ذلك إذا كان بينهم شركة أو وكالة معلومة بالأجر، فيجوز للحاضر أن يبيع للبادي بشرط أن يكون الأمر واضحاً والعمولة معلومة للطرفين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٠١١٩)، والطبراني في الكبير (٦٩٢٩)، كلاهما من حديث علي بن عبد اللَّه (المديني)، حدثنا معاذ، حدثني أبي، عن مطر، عن الحسن، عن سمرة فذكره.
وإسناده حسن من أجل مطر، وهو ابن طهمان الوراق، مختلف فيه، غير أنه حسن الحديث إذا لم يخالف؛ لأنه كان يخطئ.
وأما الحسن فهو البصري الإمام المعروف، وهو مدلس، وقد عنعن، إلا أن سماعه عن سمرة ثابت على رأي الجمهور.
معنى الحديث: كان من عادة العرب أنهم كانوا يتلقون الركبان قبل أن يقدموا البلد، ويعرفوا سعر السوق، فيخبروهم بأن الأسعار ساقطة، والسوق كاسدة، والرغبة قليلة، ويبتاعونه منهم بالوكس من الثمن، وهو يشبه الغش؛ فنهاهم رسول اللَّه ﷺ، وخيرهم بأن من غُش بهذا الشكل فهو بالخيار. وهو مذهب الشافعي وأحمد، وظاهر الحديث يدل على ذلك.
وقال بعض أهل العلم: إنما يكون للبائع الخبار إذا كان المتلقي قد ابتاعه بأقل من الثمن، فإذا ابتاعه بثمن مثله فلا خيار له حينئذ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 473 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

  • 📜 حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب