بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

عن جابر بن عبد اللَّه أنه كان يسير على جمل له قد أعيا، فأراد أن يسيبه. قال: فلحقني النبي ﷺ، فدعا لي، وضربه، فسار سيرا لم يسر مثله. قال: «بعنيه بِوَقِيَّة». قلت: لا. ثم قال «بعنيه». فبعته بِوَقِيَّة، واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي. فلما بلغت أتيته بالجمل، فنقدني ثمنه، ثم رجعت. فأرسل في إثري، فقال: «أتراني ماكستك لآخذ جملك، خذ جملك ودراهمك فهو لك».

متفق عليه: رواه البخاري في الشروط (٢٧١٨)، ومسلم في المساقاة (٧١٥: ١٠٩) من طريق زكريا قال: سمعت عامرًا (هو الشعبي)، يقول: حدثني جابر بن عبد اللَّه فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا حديث عظيم من أحاديث النبي الكريم ﷺ، يرويه الصحابي الجليل جابر بن عبد الله رضي الله عنه، وهو حديث صحيح رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما.

أولاً. شرح المفردات:

● أعيا: تعب وانقطع من شدة الإعياء.
● يُسيِّبه: يتركه ويشيح عنه لبطء سيره.
● وَقِيَّة: مقياس للوزن، تساوي أربعين درهماً من الفضة، وهو ثمن قليل بالنسبة للجمل.
● ماكستك: جادلتك في الثمن وناقشتك لإنزاله.

ثانياً. شرح الحديث:

يحدثنا جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه كان في سفر على ظهر جمل له، وقد تعب الجمل وأعيى من شدة السفر وأبطأ في السير، فأراد جابر أن يتركه وراءه لشدة بطئه. فإذا بالنبي ﷺ يلحق به ويدعو للجمل بالبركة، ثم يضربه برفق (أي يحثه على السير)، فإذا بالجمل يسير بسيرة عظيمة لم يسر مثلها من قبل، مما يدل على بركة دعوة النبي ﷺ.
ثم عرض النبي ﷺ شراء الجمل من جابر بـ "وَقِيَّة" (وهو ثمن زهيد)، فرفض جابر أولاً، ثم قبل بعد أن أصر عليه النبي ﷺ، بشرط أن يظل الجمل محمولاً عليه حتى يبلغ أهله (أي يستثني حمله إلى بلده).
فلما وصل جابر إلى المدينة، ذهب إلى النبي ﷺ ليعطيه الجمل ويستلم الثمن، فدفع له النبي ﷺ الثمن. ثم بعد أن انصرف جابر، أرسل النبي ﷺ في أثره (أي أرسل من يستدعيه)، وقال له: «أتراني ماكستك لآخذ جملك؟» أي: هل ظننت أني جادلتك في الثمن لآخذ الجمل منك بثمن بخس؟ ثم أمره أن يأخذ جمله ودراهمه (ثمنه) فهي له هدية منه ﷺ.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- بركة دعاء النبي ﷺ: فدعوته للجمل حولته من جمل متعب إلى جمل قوي سريع، مما يدل على مكانته عند الله تعالى.
2- رفقه ﷺ ورحمته: حتى بالحيوان، حيث لم يترك الجمل المتعب، بل ساعده ودعا له.
3- حسن خلقه ﷺ في المعاملة: حيث اشترى الجمل بثمن متفق عليه، ثم أراد أن يكرّم جابراً برد الجمل والثمن عليه، مما يدل على كرمه وسخائه.
4- عدم الاستغلال في البيع: فقد بين النبي ﷺ أنه لم يناقش جابراً في الثمن لينخفض ويستفيد هو، بل ليعطيه أكثر من حقه لاحقاً.
5- جواز الشرط في البيع: حيث اشترط جابر أن يبقى الجمل محمولاً عليه حتى يصل إلى أهله، فقبل النبي ﷺ ذلك.
6- التكريم والعطاء من غير إحراج: حيث أعطاه النبي ﷺ الجمل والمال دون أن يجرح شعوره أو يظن أنه احتال عليه.

رابعاً. فوائد إضافية:

- الحديث يدل على جواز bيع وشراء الحيوانات وغيرها، مع مراعاة الشروط والأخلاق.
- فيه دليل على أن دعوة الصالحين مجابة، خاصة النبي ﷺ.
- يعلمنا النبي ﷺ كيف نتعامل مع الآخرين برفق وكرم، دون أن نشعرهم بالنقص.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الذين يقتدون برسول الله ﷺ في خلقه ومعاملاته، وأن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في الشروط (٢٧١٨)، ومسلم في المساقاة (٧١٥: ١٠٩) من طريق زكريا قال: سمعت عامرًا (هو الشعبي)، يقول: حدثني جابر بن عبد اللَّه فذكره. واللفظ لمسلم.
وزاد البخاري: قال شعبة، عن مغيرة، عن عامر، عن جابر: «أفقرني رسول اللَّه ﷺ ظهره إلى المدينة».
وقال إسحاق، عن جرير، عن مغيرة: «فبعته على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة».
وقال عطاء، وغيره: «ولك ظهره إلى المدينة».
وقال محمد بن المنكدر، عن جابر: «شرط ظهره إلى المدينة».
وقال زيد بن أسلم، عن جابر: «ولك ظهره حتى ترجع».
وقال أبو الزبير، عن جابر: «أفقرناك ظهره إلى المدينة».
وقال الأعمش، عن سالم، عن جابر: «تبلغ عليه إلى أهلك».
قال أبو عبد اللَّه: «الاشتراط أكثر، وأصح عندي.
وقال عبيد اللَّه، وابن إسحاق، عن وهب عن جابر: «اشتراه النبي ﷺ بأوقية». وتابعه زيد بن أسلم، عن جابر.
وقال ابن جريج، عن عطاء وغيره، عن جابر: «أخذته بأربعة دنانير». وهذا يكون أوقية على حساب الدينار بعشرة دراهم، ولم يبين الثمن مغيرة، عن الشعبي، عن جابر، وابن المنكدر، وأبو الزبير، عن جابر.
وقال الأعمش، عن سالم، عن جابر: «أوقية ذهب».
وقال أبو إسحاق، عن سالم، عن جابر: «بمائتي درهم».
وقال داود بن قيس، عن عبيد اللَّه بن مقسم، عن جابر: «اشتراه بطريق تبوك -أحسبه قال- بأربع أواق».
وقال أبو نضرة، عن جابر: «اشتراه بعشرين دينارا».
وقول الشعبي: «بوقية» أكثر. الاشتراط أكثر، وأصح عندي. قاله أبو عبد اللَّه. وهذه المعلقات وصلها الحافظ ابن حجر في «الفتح».
وليس الاختلاف في ثمن الظهر بأنه وقية، وإنما الخلاف في تقديرها بالدينار والدراهم، ومن اختلف في قدر الوقية فأمره راجع إلى الشك، واللَّه أعلم.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 454 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

📜 حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية