نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

عن أبي هريرة أنه قال لمروان: أحللتَ بيع الربا فقال مروان: ما فعلت. فقال أبو هريرة: أحللتَ بيع الصكاك، وقد نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى. قال: فخطب مروان الناس، فنهى عن بيعها. قال سليمان: فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس.

صحيح: رواه مسلم في البيوع (١٥٢٨) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد اللَّه الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة فذكره.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه (عن أبي هريرة أنه قال لمروان: أحللتَ بيع الربا فقال مروان: ما فعلت. فقال أبو هريرة: أحللتَ بيع الصكاك، وقد نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى. قال: فخطب مروان الناس، فنهى عن بيعها. قال سليمان: فنظرت إلى حرس يأخذونها من أيدي الناس) حديث عظيم، يحمل في طياته دروسًا جليلة في النصيحة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفي بيان حكم شرعي مهم.

أولًا:

شرح المفردات:
● أحللت: أبَحْتَ وأجَزْتَ.
● بيع الربا: البيع الذي يشتمل على ربا أو يؤدي إليه.
● الصكاك: جمع صك، وهو هنا: الوثيقة أو السند الذي يُكتب للدين، أو للطعام المشترى قبل قبضه.
● يستوفى: يُقبض ويُستلم.
● الحرس: الجنود أو الحراس.

ثانيًا. شرح الحديث:

يحدثنا هذا الحديث عن موقف جريء للنصح والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، قام به الصحابي الجليل أبو هريرة رضي الله عنه تجاه مروان بن الحكم - الذي كان واليًا على المدينة من قبل معاوية رضي الله عنه -.
فقد رأى أبو هريرة أن مروان قد أباح للناس بيع "الصكاك"، وهي صكوك أو سندات تدل على ديون أو أطعمة لم تُقبض بعد، فأنكر عليه ذلك، وقال له: "أحللت بيع الربا"، أي: أبَحْتَ للناس بيعًا هو في حقيقته ربا أو يؤدي إلى الربا.
فأنكر مروان ذلك في البداية، وقال: "ما فعلت"، أي: ما فعلت شيئًا من ذلك.
فبيَّن له أبو هريرة رضي الله عنه الحقيقة، وقال: "أحللت بيع الصكاك، وقد نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى"، أي: حتى يقبضه البائع والمشتري.
فقد نهى النبي ﷺ عن بيع الطعام قبل قبضه، كما في الحديث الصحيح: «مَنِ ابْتَاعَ طَعَامًا فَلاَ يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيَهُ» (رواه البخاري ومسلم). وبيع "الصكاك" هذه هو من جنس بيع الطعام قبل قبضه، لأنه بيع للدين الذي لم يقبض بعد، وهو يؤدي إلى الربا؛ لأن الناس كانوا يبيعون هذه الصكوك بثمن أقل من قيمتها نقدًا، فيدخلون في بيع الكالئ بالكالئ (الدين بالدين) الذي نهى عنه النبي ﷺ، أو في بيع الطعام قبل قبضه.
فلما بيَّن أبو هريرة لمروان الحكم الشرعي، وأنه مخالف لسنة النبي ﷺ، استجاب مروان للنصيحة، فخطب في الناس، ونهى عن بيع هذه الصكوك، وأمر جنوده (الحرس) بأن يأخذوها من أيدي الناس، ليمنعوا هذا البيع المحرم.

ثالثًا. الدروس المستفادة:

1- وجوب النصيحة لأئمة المسلمين: فالنصيحة لولاة الأمر من أعظم القربات، وهي من صفات المؤمنين، وكان أبو هريرة رضي الله عنه قدوة في ذلك، حيث نصح مروان وهو والٍ، ولم يَسْكُت عن المنكر.
2- قبول الحق والاستجابة له: فمروان - مع كونه واليًا - قبل النصيحة من أبي هريرة، وتراجع عن ما كان عليه، وهذا من علامة قوة الإيمان وحب الخير.
3- تحريم بيع الطعام قبل قبضه: وهو من المسائل المهمة في بيوع الأطعمة، وقد نهى النبي ﷺ عن ذلك سدًا لذريعة الربا، ومنعًا للغش والضرر.
4- تحريم بيوع الربا والبيوع التي تؤدي إليه: وبيع "الصكاك" التي لم يقبض بعد هو من البيوع التي تؤدي إلى الربا، فيجب منعها.
5- الحكمة في الدعوة والنصيحة: حيث استخدم أبو هريرة الأسلوب الحكيم في النصيحة، فبدأ بإثارة الانتباه بقوله: "أحللت بيع الربا"، ثم بيَّن له الحكم بالدليل من سنة النبي ﷺ.
6- مسؤولية الولاة في تطبيق شرع الله: فمروان بعدما عرف الحكم، لم يتردد في تطبيقه ومنع الناس من هذا البيع، بل أرسل حراسه ليمنعوه بالقوة إذا لزم الأمر.

رابعًا. معلومات إضافية:

- هذا الحديث أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب البيوع، باب بيع الطعام قبل أن يستوفى).
- والنهي عن بيع الطعام قبل قبضه هو إجماع من العلماء، كما نقل ذلك الإمام النووي وغيره.
- والقبض في الطعام يختلف بحسب العرف والحال، فما كان في مكان البائع فقبضه بأن يخرجه من مخزنه، وما كان في مكان آخر فقبضه بأن يمكن المشتري من التصرف فيه.
- والله تعالى أعلم، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في البيوع (١٥٢٨) عن إسحاق بن إبراهيم، أخبرنا عبد اللَّه بن الحارث المخزومي، حدثنا الضحاك بن عثمان، عن بكير بن عبد اللَّه الأشج، عن سليمان بن يسار، عن أبي هريرة فذكره.
وفي لفظ له: «من اشترى طعاما فلا يبعه حتى يكتاله».

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 450 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

📜 حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية