حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع الحاضر للبادي

عن ابن عمر قال: نهى رسول اللَّه ﷺ أن يبيع حاضر لباد.

صحيح: رواه البخاري في البيوع (٢١٥٩) عن عبد اللَّه بن صبَّاح، حدثنا أبو علي الحنفي، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار قال: حدثني أبي، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره.

عن ابن عمر قال: نهى رسول اللَّه ﷺ أن يبيع حاضر لباد.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً بك أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من الأحاديث التي وضعت قواعدَ وأخلاقياتٍ في المعاملات التجارية، حفظاً للحقوق ومنعاً للغش والاستغلال.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: "نَهَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ".
أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (رقم 2150)، ومسلم في صحيحه (رقم 1522)، وغيرهما من أصحاب السنن.

### ثانياً. شرح المفردات
* نَهَى: أي حرّم وأمر بالترك والامتناع.
* حَاضِرٌ: هو سكان المدن والقرى، الذي يحضر في الأسواق ويعرف أحوالها وأسعارها جيداً.
* لِبَادٍ: هو سكان البادية (الأرياف والصحراء)، الذي يأتي إلى المدينة أو السوق وهو غريب عنها، لا يعرف أسعار السوق الحقيقية، ولا يدرك خبايا التجارة وأحوالها.
* يبيع حاضر لباد: أي يتوسط الحاضر للبادي فيبيع سلعته (التي جاء بها البادي إلى السوق) نيابة عنه.

### ثالثاً. شرح الحديث والمعنى الإجمالي
معنى النهي في الحديث: أن يأتي رجل من البادية (البدوي) إلى السوق بسلعته (مثل الإبل أو الغنم أو التمر أو غيره) لبيعها، فيتعرض له رجل من أهل المدينة (الحاضر) فيقول له: " اترك سلعتك عندي، وأنا أبيعها لك بأعلى سعر، أو اتركها وأنا أتولى بيعها نيابة عنك".
فنهى النبي ﷺ الحاضر عن أن يفعل ذلك.
لماذا النهي؟
لأن في هذا الفعل عدة مفاسد ومخاطر:
1- الاستغلال والغبن: الحاضر يعرف السوق وأسعاره حق المعرفة، بينما البادي غريب جاهل بالسعر الحقيقي. فيستطيع الحاضر أن يخدع البادي ويبيعه السلعة بأقل من سعرها الحقيقي، ثم يبيعها هو بعد ذلك بسعر السوق ويكسب الفرق على حساب جهل البادي وحاجته. وهذا من أكل أموال الناس بالباطل.
2- احتكار السلعة والتأثير على السوق: عندما يأخذ الحاضر سلعة البادي، يصبح هو المسيطر عليها، وقد يمتنع عن بيعها ليقل supply السوق ويرتفع السعر، ثم يبيعها بعد ذلك، مما يضر بمصلحة عامة الناس.
3- الوساطة المحرمة (السمسرة غير المشروعة): النهي عن أن يكون الحاضر وسيطاً (سمساراً) بين البادي والمشتري إذا كان ذلك على سبيل الاحتيال واستغلال الجهل. أما السمسرة المشروعة (كالدلال الذي يعرف السلعة وقيمتها ويأخذ أجراً معلوماً على التوسط بلا غش) فلها أحكام أخرى.
ملاحظة مهمة: النهي ليس عن بيع البادي أصلاً، بل عن تطفل الحاضر عليه وتوليه البيع نيابة عنه بطريقة تستغل جهله. أما إذا طلب البادي بنفسه من تاجر معين أو شخص ثقة أن يبيع له، أو استأجره لأجل ذلك بأجر معلوم، فلا بأس في ذلك إن شاء الله.

### رابعاً. الدروس المستفادة والعبر
1- تحريم الاستغلال والغش: الإسلام يحرم أي شكل من أشكال الاستغلال، خاصة استغلال جهل الإنسان أو حاجته أو غربته. فالمسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يغشه.
2- الحفاظ على حقوق الضعفاء: من مقاصد الشريعة حفظ حقوق الضعيف والغريب والجاهل. وهذا الحديث نموذج رائع لحماية ساذجي القلوب من ذوي الأمانة الذين قد يقعون فريسة للمحتالين.
3- تنظيم السوق ومنع الاحتكار: شرع الإسلام قواعد لضمان سير العملية التجارية بعدل وشفافية، ومنع الممارسات التي تضر بالمستهلك أو تاجر التجزئة الصغير.
4- الأمانة في المعاملات: يجب على المسلم أن يكون أميناً في جميع معاملاته، وأن ينصح لكل من يتعامل معه، كما قال النبي ﷺ: «من غشنا فليس منا».
5- النهي عن التطفل على أرزاق الناس: لا يجوز للإنسان أن يتدخل في بيع أو شراء آخرين دون حاجة أو طلب منهم، فهذا قد يضر بمصالحهم.


خامساً:

معلومات إضافية
* ذهب جمهور العلماء (من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة هذا البيع (بيع الحاضر للبادي) على سبيل التحريم، وأنه من البيوع المنهي عنها.
* يستثنى من ذلك إذا كان البادي قد أذن للحاضر أو وكله بالبيع، أو إذا كان القصد هو النصيحة والإرشاد للبادي وليس الاستغلال، فهذا جائز بل ومطلوب.
* هذا الحديث أصل من أصول فقه المعاملات، ويستنبط منه الفقهاء العديد من الأحكام المتعلقة بالوكالة والشركة والوصاية على الأموال.
أسأل الله تعالى أن يعلمنا ما ينفعنا، وأن ينفعنا بما علمنا، وأن يوفقنا للعمل بما يرضيه.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاري في البيوع (٢١٥٩) عن عبد اللَّه بن صبَّاح، حدثنا أبو علي الحنفي، عن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن دينار قال: حدثني أبي، عن عبد اللَّه بن عمر فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 465 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

  • 📜 حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب