حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع ما لم يقبض

عن أبي هريرة قال: نهى النبي ﷺ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان.

حسن: رواه البزار -كشف الأستار (١٢٦٥) -، والبيهقي (٥/ ٣١٦) كلاهما من حديث مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.

عن أبي هريرة قال: نهى النبي ﷺ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله تعالى أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع والعمل الصالح.
الحديث الذي طلبت شرحه هو حديث صحيح رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان، فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان."
وفي رواية أخرى: "نهى عن بيع الطعام حتى يُستوفى".


1. شرح المفردات:


● نهى: أي حرّم وأمر بالكف عن هذا البيع.
● بيع الطعام: يشمل كل ما يُقتات به من الحبوب والثمار كالقمح والشعير والتمر والزبيب وغيرها.
● حتى يجري فيه الصاعان: أي حتى يتم قبضه وتسليمه واستلامه بالكامل من قبل المشتري.
● الصاع: مكيال معروف عند العرب، يساوي تقريباً أربعة أمداد، والمدّ يساوي ملء الكفين.
● "الصاعان" هنا كناية عن عملية الكيل والتسليم، أي حتى يكال الطعام بالمكيال المعتبر (كالصاع) ويُسلّم للمشتري.
● فيكون للبائع الزيادة، وعليه النقصان: أي أن مخاطر المبيع (الطعام) تنتقل إلى المشتري بعد القبض. فإذا زاد وزنه أو عدده بعد القبض، فزيادته للمشتري. وإذا نقص، فالنقصان على المشتري، وليس على البائع بعد أن تسلّمه.


2. شرح الحديث ومعناه الإجمالي:


نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام الذي اشتُرِي ولكن لم يُقبض بعد (أي لم يُسلّم للمشتري ويخرج من يد البائع) بطعام آخر من جنسه.
مثال توضيحي:
لو أن رجلاً (أ) اشترى من رجل (ب) 10 كيلوغرامات من القمح نقداً، ولكن لم يقبضها بعد (لا تزال في مخزن البائع). ثم أراد (أ) أن يبيع هذا القمح الذي لم يقبضه بعد لرجل آخر (ج) بـ 11 كيلوغراماً من القمح يؤجل تسليمها. فهذا البيع حرام بموجب هذا النهي.
العلة والحكمة من النهي:
هذا النهي من باب سدّ الذرائع إلى الربا، وخاصة ربا النسيئة. لأن بيع الطعام بالطعام من جنسه يشترط فيه شرطان:
1- التقابض في المجلس (أي قبل التفرق).
2- التساوي (إذا كانا من جنس واحد).
فإذا باع الإنسان طعاماً لم يقبضه بعد بطعام آخر، فقد جمع بين محذورين:
● النسيئة (التأجيل): حيث إنه يبيع شيئاً غير مملوك له حقيقةً (لأنه لم يقبضه بعد) بشيء سيؤجّل تسليمه.
● الربا: لأنه إذا اختلف الكيل (مثلاً: يبيع 10 كيلوغرامات لم يقبضها بـ 11 كيلوغراماً) حصل الربا المحرم.
فالنهي هنا تحريم لبيعتين في بيعة واحدة، وهو بيع المعدوم (الذي لم يُقبض) والبيع المؤجل، مما يفتح باب الميسر (المقامرة) والربا.


3. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:


1- تحريم بيع الإنسان ما لا يملك: لا يجوز للإنسان أن يبيع سلعة لم تقع في ملكه ويقبضها قبضاً حقيقياً.
2- سدّ الذرائع الموصلة إلى الربا: الشريعة الإسلامية تحرص على قطع أي طريق قد يؤدي إلى محرم، وبيع الطعام قبل قبضه طريق واضح لربا النسيئة.
3- وجوب القبض في بيع الطعام ونحوه: يشترط لصحة بيع الأطعمة والأموال الربوية (كالذهب والفضة) القبض الفعلي في المجلس قبل التفرق، إذا كان البيع بمثل جنسها.
4- الحكمة الاقتصادية: هذا النهي يمنع التلاعب في أسعار السلع الأساسية (كالقوت) بالبيع الوهمي قبل استلامها، مما يؤدي إلى اضطراب السوق وغلاء الأسعار، وهو ما يعرف اليوم بـ "بيع السلع على المكشوف" أو "البيع Short Selling" الذي قد يضر بالاقتصاد.
5- الزجر عن المخاطرة والغرر: البيع قبل القبض غرر ومخاطرة، لأن البائع الثاني (ج) في المثال لا يدري هل سيستلم السلعة أم لا، وقد تتعرض للتلف قبل أن يقبضها البائع الأول (أ).


4. معلومات إضافية:


● حكم هذا البيع: هذا البيع باطل وغير صحيح عند جمهور الفقهاء؛ لورود النهي الصحيح الصريح عنه.
● ما يعمله الحديث: هذا الحكم لا يختص بالطعام فقط، بل يعم كل ما يدخل في باب الربا (الأموال الربوية) وهي الأصناف الستة التي وردت في حديث عبادة بن الصامت: "الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، فمن زاد أو استزاد فقد أربى". فيشترط في بيعها التقابض والتساوي إذا كانت من جنس واحد.
● الفرق بين هذا وبيع السلم: في بيع السلم (الاستسلام) يشترط قبض الثمن في المجلس، وتسليم المبيع المؤجل موصوفاً في الذمة. أما هنا فهو بيع عين موهومة لم تقبض بعد بثمن مؤجل، فهو جمع بين محذورين.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البزار -كشف الأستار (١٢٦٥) -، والبيهقي (٥/ ٣١٦) كلاهما من حديث مسلم بن أبي مسلم الجرمي، حدثنا مخلد بن حسين، عن هشام، عن محمد بن سيرين، عن أبي هريرة فذكره.
قال البزار: «لا نعلمه عن أبي هريرة إلا من هذا الوجه، تفرد به مخلد، عن هشام».
قال الهيثمي في «المجمع» (٤/ ٩٨): «فيه مسلم بن أبي مسلم الجرمي لم أجد من ترجمه، وبقية رجاله رجال الصحيح».
كذا قال: مع أن ابن حبان ذكره في «الثقات» (٩/ ١٥٨) وقال: «ربما أخطأ». وترجمه الخطيب في تاريخ بغداد (١٣/ ١٠٠) ووثّقه. وحسَّن إسناده الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٤/ ٣٥١).
وأما ما روي عن جابر قال: نهى رسول اللَّه ﷺ عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان: صاع البائع، وصاع المشتري. ففيه ضعف.
رواه ابن ماجه (٢٢٢٨)، والدارقطني (٢٨١٩)، وعنه البيهقي (٥/ ٣١٦)، وعبد بن حميد (١٠٥٩) كلهم من حديث ابن أبي ليلى، عن أبي الزبير، عن جابر فذكره.
وابن أبي ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى ضُعِّف من قبل حفظه، وبه أعله البوصيري.
وعزاه الحافظ في الفتح (٤/ ٣٥١) إلى الدارقطني، وسكت عليه، ولعله لوجود شاهد له، وهو حديث أبي هريرة.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 451 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

  • 📜 حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب