حديث: من احتكر فهو خاطئ
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في الاحتكار
صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٦٠٥: ١٢٩) عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان (يعني ابن بلال)، عن يحيى (وهو ابن سعيد) قال: كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال فذكره.

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا الأثر الذي ذكر – بارك الله فيك – رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو يتعلق بمسألة مهمة من مسائل المعاملات، وهي الاحتكار.
### أولاً. شرح المفردات
● احتكر: الاحتكار في اللغة: من حكر، وهو الجمع والادخار.
وفي الاصطلاح الشرعي: حبس السلع أو المواد الغذائية الأساسية واحتباسها عن البيع، مع حاجة الناس إليها وارتفاع سعرها، بغرض انتظار غلاء الأسعار لبيعها بأعلى ثمن. وهو يشمل غالباً ما يحتاج إليه الناس في معاشهم.
● خاطئ: أي آثم، عاصٍ لله ورسوله، واقع في الخطيئة والإثم.
● فقيل لسعيد: المقصود به سعيد بن المسيب، الإمام الفقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين.
● إن معمرا: هو معمر بن عبد الله بن نضلة، صحابي جليل، راوي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
### ثانياً. شرح الحديث والأثر
ينقسم هذا الأثر إلى قسمين:
1- الحديث النبوي: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ».
هذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار وذم فاعله، وأنه يأثم بهذا الفعل. والمراد بالاحتكار المحرم هو ما سبق تعريفه: حبس قوت الناس وضرورياتهم انتظاراً للغلاء.
2- الحوار الذي جرى لسعيد بن المسيب: حيث قيل له: إنك تحتكر (أي تفعل هذا الفعل الذيذمه الحديث)، فرد عليهم قائلاً: إن معمراً (أي الصحابي راوي الحديث) نفسه كان يحتكر.
وهنا يرد سؤال مهم: كيف يحتكر معمر وهو يروي الحديث الذي يذم الاحتكار؟ وكيف يبرر سعيد بن المسيب فعله بفعل معمر؟
الجواب والتفصيل في هذه المسألة:
ذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن الاحتكار المحرم له شروط، فليس كل جمع وادخار للسلع يعتبر احتكاراً مذموماً، وإنما المحرم هو ما توفرت فيه الشروط التالية:
● أن تكون السلعة من قوت الناس أو مما يحتاجون إليه احتياجاً ضرورياً، كالقمح، والشعير، والتمر، والزيت، وغيرها من الأطعمة الأساسية.
● أن يكون حبس هذه السلعة سبباً في ضرر الناس ومشقتهم وعدم توفرها في السوق.
● أن يكون الغرض من الحبس انتظار الغلاء والاستغلال لحاجة الناس.
فما كان خارجاً عن هذه الشروط، فإنه لا يدخل في نطاق الاحتكار المحرم.
لذلك، يُفهم من رد سعيد بن المسيب – وهو الإمام الفقيه – أن ما كان يفعله معمر الصحابي، وما كان يفعله سعيد نفسه، لم يكن من باب الاحتكار المحرم، وذلك لأحد سببين:
1- إما أن تكون السلعة التي يحتكرها ليست من القوت الأساسي الذي يشق على الناس缺ه، بل可能是 شيء لا تضر غلاءه الناس.
2- أو أنه كان يدخر لنفسه وأهله حاجة سنة أو نحو ذلك، وهذا ليس من الاحتكار في شيء، بل هو من التدبير المشروع لأمر المعيشة. فقد كان السلف يدخرون قوت عامهم خشية ارتفاع الأسعار أو حدوث مجاعة، وهذا من الحكمة والعقل.
فكأن سعيد بن المسيب أراد أن يبين أن معمراً الصحابي الذي روى الحديث كان يفهم منه ما يفهمه العلماء، وهو التفريق بين الاحتكار المحرم والادخار المشروع، ولم يكن ينكر على نفسه ما يرويه.
### ثالثاً. الدروس المستفادة
1- تحريم الاحتكار المحرم الذي يضر بعامة الناس ويشقق عليهم في معاشهم، وأن فاعله آثم.
2- الفقه في فهم النصوص وعدم إطلاق الأحكام دون النظر إلى السياق والشروط والقيود التي ترد بها. فليس كل جمع للمال أو السلع يعد حراماً.
3- الرد على المتسرعين في إطلاق الاتهامات، حيث أن سعيداً لم ينكر عليهم سؤالهم، بل بين لهم أن راوي الحديث كان يفعل مثل ذلك الفعل لكن على وجه غير مذموم، تعليماً لهم وتفقيهاً.
4- جواز الادخار والاحتياط لأمر المعيشة وتدبير شؤون الأسرة بما لا يضر بالمجتمع.
### رابعاً. معلومات إضافية
- ذهب بعض العلماء إلى كراهة الاحتكار مطلقاً ولو لم يكن فيه ضرر على الناس، ولكن الراجح – والله أعلم – هو قول الجمهور بشروط التحريم.
- للإمام الحاكم أن يمنع الاحتكار إذا وقع ويجبر المحتكرين على بيع سلعهم بسعر المثل إذا تضرر الناس من حبسها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
تخريج الحديث
وكون الصحابي يروي الحديث، ثم يخالفه، وكذا التابعي يرويه، ويخالفه، ويستدل على مخالفته لمخالفة الصحابي، فكل هذا مشعر، كما قال البيهقي (٥/ ٣٠): «إنهما احتكرا على غير الوجه المنهي عنه».
وقال الخطابي: «والحديث وإن جاء باللفظ العام، فاحتكار الراوي يدل على أنه مختص ببعض الأشياء، أو بعض الأحوال؛ إذ لا يظن بالصحابي أن يروي الحديث، ثم يخالفه، وكذلك سعيد بن المسيب لا يظن به في فضله وعلمه أنه يروي الحديث، ثم يخالفه، إلا أن يحمل الحديث على بعض الأشياء، فروي أنه كان يحتكر الزيت. انتهى.
وسيأتي كلام أهل العلم في آخر الباب.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 474 من أصل 506 حديثاً له شرح
- 449 إذا ابتعت طعاما فلا تبعه حتى تستوفيه
- 450 نهى رسول الله ﷺ عن بيع الطعام حتى يستوفى
- 451 نهى النبي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان
- 452 إذا اشتريت بيعا فلا تبعه حتى تقبضه
- 453 لا يحل سلف وبيع ولا شرطان في بيع
- 454 بعنيه بِوَقِيَّة واستثنيت عليه حملانه إلى أهلي
- 455 اشتراط الولاء لمن أعتق في الحديث النبوي
- 456 الولاء لمن أعتق
- 457 لا يبع بعضكم على بيع بعض
- 458 نهى رسول الله أن يبيع حاضر لباد
- 459 لا يَسُم المسلم على سوم أخيه
- 460 المؤمن أخو المؤمن فلا يحل له أن يبتاع على بيع...
- 461 لا يخطب الرجل على خطبة أخيه
- 462 لا يبع حاضر لباد
- 463 نهى رسول الله ﷺ أن تتلقى الركبان، وأن يبيع حاضر...
- 464 نهينا أن يبيع حاضر لباد
- 465 نهي النبي ﷺ أن يبيع حاضر لباد
- 466 لا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من...
- 467 إن النبي ﷺ نهى أن يبيع حاضر لباد
- 468 نهى النبي ﷺ عن تلقي البيوع
- 469 لا يبيع بعضكم على بيع بعض
- 470 نهى رسول الله ﷺ أن يتلقى الجلب
- 471 لا تلقوا الركبان للبيع، ولا يبع بعضكم على بيع بعض
- 472 من تلقى الجلب فاشترى منه فهو بالخيار
- 473 نهي النبي ﷺ عن تلقى الأجلاب حتى تبلغ الأسواق
- 474 من احتكر فهو خاطئ
- 475 النبي ﷺ يبيع نخل بني النضير ويحبس قوت سنتهم
- 476 لا تَنَاجَشُوا
- 477 من حلف بالله كاذبًا في تجارته
- 478 لا تناجشوا
- 479 نهى رسول الله ﷺ عن المحاقلة، والمزابنة، والمعاومة، والمخابرة
- 480 لا تلقوا الركبان للبيع ولا يبع بعضكم على بيع بعض
- 481 من ابتاع شاة مصراة فهو فيها بالخيار ثلاثة أيام
- 482 لا تُحَفِّلوا الشاة أو اللقحة عند البيع
- 483 من اشترى شاة مصراة فهو فيها بآخر النظرين
- 484 نهي النبي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة
- 485 بيع الحيوان بالحيوان نسيئة
- 486 نهي النبي عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة ولا بأس به...
- 487 أخذ البعير بالبعيرين إلى إبل الصدقة
- 488 بع النبي عبداً بعبدين أسودين
- 489 اشتراها رسول الله بسبعة أرؤس
- 490 بيع الشاة باللحم
- 491 لا تكسر سكة المسلمين الجائزة بينهم إلا من بأس
- 492 إن الله هو المسعر القابض الباسط الرزاق
- 493 بل اللَّه يخفض ويرفع
- 494 من طلبني بمظلمة فأنا منه بريء
- 495 البيع عن تراض، وكونوا عباد الله إخوانا
- 496 نهى رسول الله عن بيعتين في بيعة.
- 497 لا تبع بيعتين في بيعة
- 498 إذا تبايعتم بالعينة وأخذتم أذناب البقر
معلومات عن حديث: من احتكر فهو خاطئ
📜 حديث: من احتكر فهو خاطئ
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من احتكر فهو خاطئ
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من احتكر فهو خاطئ
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من احتكر فهو خاطئ
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








