حديث: من احتكر فهو خاطئ

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في الاحتكار

عن معمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من احتكر فهو خاطئ». فقيل لسعيد: فإنك تحتكر؟ قال سعيد: إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر.

صحيح: رواه مسلم في المساقاة (١٦٠٥: ١٢٩) عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان (يعني ابن بلال)، عن يحيى (وهو ابن سعيد) قال: كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال فذكره.

عن معمر قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «من احتكر فهو خاطئ». فقيل لسعيد: فإنك تحتكر؟ قال سعيد: إن معمرا الذي كان يحدث هذا الحديث كان يحتكر.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن ينفعنا وإياك بالعلم النافع.
هذا الأثر الذي ذكر – بارك الله فيك – رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو يتعلق بمسألة مهمة من مسائل المعاملات، وهي الاحتكار.
### أولاً. شرح المفردات
● احتكر: الاحتكار في اللغة: من حكر، وهو الجمع والادخار.
وفي الاصطلاح الشرعي: حبس السلع أو المواد الغذائية الأساسية واحتباسها عن البيع، مع حاجة الناس إليها وارتفاع سعرها، بغرض انتظار غلاء الأسعار لبيعها بأعلى ثمن. وهو يشمل غالباً ما يحتاج إليه الناس في معاشهم.
● خاطئ: أي آثم، عاصٍ لله ورسوله، واقع في الخطيئة والإثم.
● فقيل لسعيد: المقصود به سعيد بن المسيب، الإمام الفقيه، أحد فقهاء المدينة السبعة المشهورين.
● إن معمرا: هو معمر بن عبد الله بن نضلة، صحابي جليل، راوي هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم.
### ثانياً. شرح الحديث والأثر
ينقسم هذا الأثر إلى قسمين:
1- الحديث النبوي: قول النبي صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَكَرَ فَهُوَ خَاطِئٌ».
هذا الحديث صريح في تحريم الاحتكار وذم فاعله، وأنه يأثم بهذا الفعل. والمراد بالاحتكار المحرم هو ما سبق تعريفه: حبس قوت الناس وضرورياتهم انتظاراً للغلاء.
2- الحوار الذي جرى لسعيد بن المسيب: حيث قيل له: إنك تحتكر (أي تفعل هذا الفعل الذيذمه الحديث)، فرد عليهم قائلاً: إن معمراً (أي الصحابي راوي الحديث) نفسه كان يحتكر.
وهنا يرد سؤال مهم: كيف يحتكر معمر وهو يروي الحديث الذي يذم الاحتكار؟ وكيف يبرر سعيد بن المسيب فعله بفعل معمر؟
الجواب والتفصيل في هذه المسألة:
ذهب جمهور العلماء من أهل السنة والجماعة إلى أن الاحتكار المحرم له شروط، فليس كل جمع وادخار للسلع يعتبر احتكاراً مذموماً، وإنما المحرم هو ما توفرت فيه الشروط التالية:
● أن تكون السلعة من قوت الناس أو مما يحتاجون إليه احتياجاً ضرورياً، كالقمح، والشعير، والتمر، والزيت، وغيرها من الأطعمة الأساسية.
● أن يكون حبس هذه السلعة سبباً في ضرر الناس ومشقتهم وعدم توفرها في السوق.
● أن يكون الغرض من الحبس انتظار الغلاء والاستغلال لحاجة الناس.
فما كان خارجاً عن هذه الشروط، فإنه لا يدخل في نطاق الاحتكار المحرم.
لذلك، يُفهم من رد سعيد بن المسيب – وهو الإمام الفقيه – أن ما كان يفعله معمر الصحابي، وما كان يفعله سعيد نفسه، لم يكن من باب الاحتكار المحرم، وذلك لأحد سببين:
1- إما أن تكون السلعة التي يحتكرها ليست من القوت الأساسي الذي يشق على الناس缺ه، بل可能是 شيء لا تضر غلاءه الناس.
2- أو أنه كان يدخر لنفسه وأهله حاجة سنة أو نحو ذلك، وهذا ليس من الاحتكار في شيء، بل هو من التدبير المشروع لأمر المعيشة. فقد كان السلف يدخرون قوت عامهم خشية ارتفاع الأسعار أو حدوث مجاعة، وهذا من الحكمة والعقل.
فكأن سعيد بن المسيب أراد أن يبين أن معمراً الصحابي الذي روى الحديث كان يفهم منه ما يفهمه العلماء، وهو التفريق بين الاحتكار المحرم والادخار المشروع، ولم يكن ينكر على نفسه ما يرويه.
### ثالثاً. الدروس المستفادة
1- تحريم الاحتكار المحرم الذي يضر بعامة الناس ويشقق عليهم في معاشهم، وأن فاعله آثم.
2- الفقه في فهم النصوص وعدم إطلاق الأحكام دون النظر إلى السياق والشروط والقيود التي ترد بها. فليس كل جمع للمال أو السلع يعد حراماً.
3- الرد على المتسرعين في إطلاق الاتهامات، حيث أن سعيداً لم ينكر عليهم سؤالهم، بل بين لهم أن راوي الحديث كان يفعل مثل ذلك الفعل لكن على وجه غير مذموم، تعليماً لهم وتفقيهاً.
4- جواز الادخار والاحتياط لأمر المعيشة وتدبير شؤون الأسرة بما لا يضر بالمجتمع.
### رابعاً. معلومات إضافية
- ذهب بعض العلماء إلى كراهة الاحتكار مطلقاً ولو لم يكن فيه ضرر على الناس، ولكن الراجح – والله أعلم – هو قول الجمهور بشروط التحريم.
- للإمام الحاكم أن يمنع الاحتكار إذا وقع ويجبر المحتكرين على بيع سلعهم بسعر المثل إذا تضرر الناس من حبسها.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مسلم في المساقاة (١٦٠٥: ١٢٩) عن عبد اللَّه بن مسلمة بن قعنب، حدثنا سليمان (يعني ابن بلال)، عن يحيى (وهو ابن سعيد) قال: كان سعيد بن المسيب يحدث أن معمرا قال فذكره. ومعمر هو ابن عبد اللَّه أبي معمر، أحد بني عدي بن كعب.
وكون الصحابي يروي الحديث، ثم يخالفه، وكذا التابعي يرويه، ويخالفه، ويستدل على مخالفته لمخالفة الصحابي، فكل هذا مشعر، كما قال البيهقي (٥/ ٣٠): «إنهما احتكرا على غير الوجه المنهي عنه».
وقال الخطابي: «والحديث وإن جاء باللفظ العام، فاحتكار الراوي يدل على أنه مختص ببعض الأشياء، أو بعض الأحوال؛ إذ لا يظن بالصحابي أن يروي الحديث، ثم يخالفه، وكذلك سعيد بن المسيب لا يظن به في فضله وعلمه أنه يروي الحديث، ثم يخالفه، إلا أن يحمل الحديث على بعض الأشياء، فروي أنه كان يحتكر الزيت. انتهى.
وسيأتي كلام أهل العلم في آخر الباب.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 474 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من احتكر فهو خاطئ

  • 📜 حديث: من احتكر فهو خاطئ

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من احتكر فهو خاطئ

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من احتكر فهو خاطئ

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من احتكر فهو خاطئ

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب