لا تناجشوا

حديث: لا تناجشوا

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تناجشوا».

صحيح: رواه أبو داود (٣٤٣٨) عن أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.

وعن أبي هريرة قال: قال رسول اللَّه ﷺ: «لا تناجشوا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي تطلب شرحه هو حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، الذي أوتي جوامع الكلم وخُصَّ ببديع الحكم.
### أولاً. نص الحديث ومصدره
● النص: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تَنَاجَشُوا».
● المصدر: أخرجه الإمام البخاري في صحيحه (كتاب البيوع، باب النجش) برقم (2142)، ومسلم في صحيحه (كتاب البيوع، باب تحريم النجش) برقم (1515). وهو من الأحاديث المتفق عليها.

### ثانياً. شرح المفردات
● تَنَاجَشُوا: (مصدر: النَّجْش) وهو من النَّجَش، والذي في الأصل يعني الإثارة والإقلاق.
● وفي الاصطلاح الشرعي: هو أن يزيد الشخص في ثمن سلعة يُباع في المزاد (أي في السوق أو في عملية البيع) وهو لا يريد شراءها، وإنما يقصد بهذه الزيادة خداع المشترين الآخرين ليظنوا أن السلعة تساوي أكثر من قيمتها الحقيقية، فيدفعوا ثمناً أعلى. وهو نوع من الغش والخداع في المعاملات.

### ثالثاً. شرح الحديث ومعناه الإجمالي
يُحذّر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث من فعلة النجش، ويُحرّمها تحريماً قاطعاً بكلمة النهي «لا» التي تفيد التحريم.
وكيفية النجش:
تخيل أن رجلاً يعرض سلعة للبيع في السوق (مثل سيارة أو منزل أو أي بضاعة) ويبدأ الناس في المزايدة عليها. فيأتي صديق للبائع، أو شخص متفق معه، ويبدأ في المزايدة على السلعة ورفع سعرها وهو لا ينوي شراءها أبداً. غرضه الوحيد هو خداع بقية المشترين الحقيقيين، ليُوهمهم أن هناك طلباً عالياً على هذه السلعة وأنها ذات قيمة كبيرة، فيندفع أحدهم لشرائها بسعر مرتفع ظناً منه أنه يشارك في مزايدة حقيقية.
فهذا الفعل هو النجش، وهو محرم لأنه:
1- غشٌ صريح للمشترين.
2- خداع واستغلال لجهل الآخرين بقيمة السلعة.
3- أكل لأموال الناس بالباطل، وهو من كبائر الذنوب.
4. فيه إضرار بالبيوع وإفساد للسوق، حيث يزعزع الثقة بين المتعاملين.
ويُستثنى من ذلك إذا كان الشخص يزايد وهو ينوي الشراء حقاً، فهذه مزايدة مشروعة لا تدخل في النجش المحرم.

### رابعاً. الدروس المستفادة والفوايد التربوية
1- تحريم الغش في المعاملات: الإسلام دين الأمانة والصدق، والنجش هو صورة من صور الغش المحرمة في البيع والشراء، والتي تؤدي إلى انتشار الظلم وذهاب البركة.
2- الحفاظ على حقوق الناس: النهي عن النجش هو حماية للمال العام والخاص، وصيانة لحقوق المسلمين من أن تُؤكل بالباطل.
3- إقامة العدل في الأسواق: من مقاصد الشريعة إقامة التعامل على أساس الصدق والشفافية، والنجش يناقض هذا المقصد تماماً.
4- مراقبة الله تعالى: الذي يعلم السر وأخفى، فحتى لو لم يكتشف الناس أمر الناجش (صاحب النجش)، فإن الله تعالى يعلم ويحاسبه على هذه الخيانة.
5- التربية على الأمانة: الحديث يربي المؤمن على أن يكون أميناً حتى في تعاملاته المادية، فلا يضر غيره ليجلب منفعة لنفسه.

خامساً:

معلومات إضافية مفيدة
- حكم النجش: حرام بإجماع العلماء، وهو من كبائر الذنوب إذا ترتب عليه أكل مال الغير بالباطل.
- الفرق بين النجش والاحتكار: الاحتكار هو حبس السلع واحتيازها لغلاء الأسعار، أما النجش فهو الخداع في عملية البيع ذاتها لرفع السعار искусياً.
- من تاب من النجش: يجب عليه التوبة النصوح والندم على ما فعل، وإن كان يعرف الشخص الذي ظلمه وأخذ ماله بهذه الطريقة وجب عليه رد المال إليه أو الاستحلال منه.
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصادقين في أقوالنا وأفعالنا، وأن يبعد عنا الغش والخداع، وأن يرزقنا الحلال الطيب.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٤٣٨) عن أحمد بن عمرو بن السرح، حدثنا سفيان، عن الزهري، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة فذكره.
ومن هذا الإسناد أخرجه كل من الترمذي (١٣٠٤)، والنسائي (٤٥٠٦)، وابن ماجه (٢١٧٤)، يزيد بعضهم على بعض، إلا أن النسائي رواه من طريق معمر، عن الزهري.
وحديث أبي هريرة ذكر كاملًا في باب النهي عن بيع المصراة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 478 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تناجشوا

📜 حديث: لا تناجشوا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: لا تناجشوا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: لا تناجشوا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: لا تناجشوا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية