التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

عن ابن مسعود، عن النَّبِيّ ﷺ قال: «إن من بين يدي الساعة، التسليم على الخاصة، وفشو التجارة، وظهور شهادة الزور، وكتمان شهادة الحق».

حسن: رواه البخاريّ في الأدب المفرد (١٠٤٩) وأحمد (٣٩٨٢) والطحاوي في مشكله (١٥٩٠) والحاكم (٤/ ٤٤٥) كلّهم من حديث بشير بن سليمان، عن سيار أبي حمزة، عن طارق بن
شهاب، عن ابن مسعود فذكره، وهذا مختصر.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث الذي ذكر حديث عظيم، يخبرنا فيه النبي صلى الله عليه وسلم عن بعض علامات قرب الساعة وأشراطها الصغرى.
الحديث: عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، عن النبي ﷺ قال: «إِنَّ مِنْ بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ، التَّسْلِيمَ عَلَى الْخَاصَّةِ، وَفَشُوَّ التِّجَارَةِ، وَظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ، وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ».
(أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط" وهو حسن في "صحيح الجامع")

الشرح المفصل:

# أولاً. شرح المفردات:

● بَيْنَ يَدَيِ السَّاعَةِ: أي قبيل قيام الساعة، من العلامات التي تتقدمها وتدل على قربها.
● التَّسْلِيمَ عَلَى الْخَاصَّةِ: أي أن يسلم الإنسان على من يعرفه فقط، دون الآخرين. فيقصر السلام على الأصحاب والمعارف، تاركاً تحية الغرباء، وهذا خلاف هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يسلم على الصغير والكبير، والعبد والحر، والمعروف والغريب.
● وَفَشُوَّ التِّجَارَةِ: أي انتشارها وكثرتها بشكل مفرط، وانشغال الناس بها عن ذكر الله والعبادة وأمور الآخرة، حتى يصبح همُّ كلِّ إنسان الكسب والتجارة.
● وَظُهُورَ شَهَادَةِ الزُّورِ: أي علانية وقوع الكذب في الشهادات، وشهادة الزور، وهي الشهادة الباطلة التي يحلف فيها الإنسان كذباً ليأكل حق غيره.
● وَكِتْمَانَ شَهَادَةِ الْحَقِّ: أي إخفاء الشهادة الصادقة وعدم أدائها، خوفاً أو محاباة لأحد، أو طمعاً في شيء من الدنيا.

# ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث عن أربع من علامات اقتراب الساعة، وهي من علاماتها الصغرى التي وقع الكثير منها بالفعل، وهي تدل على فساد ذات البين وضعف الوازع الديني في النفوس:
1- التسليم على الخاصة: وهو دليل على ذهاب الأخوة الإيمانية، وضعف الروابط الاجتماعية التي أمر بها الإسلام، حيث يصبح الناس منغلقين على أنفسهم ومجموعاتهم، لا يهتمون بإفشاء السلام الذي هو سبب للمودة والمحبة.
2- فشو التجارة: أي انشغال الناس بالدنيا وزينتها، وانهماكهم في طلب المال والربح، حتى تصبح التجارة هي الهاجس الأكبر، ويُترك الجهاد والعلم والعبادة، ويقلّ وجود من ينفق ماله في سبيل الله.
3- ظهور شهادة الزور: وهي من أكبر الكبائر، وهي علامة على ضعف الدين وعدم خشية الله في القلوب، حيث يبيع الإنسان دينه بدنيا غيره، فيشهد بالباطل ويحلف كاذباً لأجل مال أو منصب أو جاه.
4- كتمان شهادة الحق: وهو عدم أداء الشهادة الواجبة خوفاً من الناس أو طمعاً في شيء، أو محاباة للظالم، وهذا من أعظم الإثم، قال تعالى: {وَلَا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَن يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} [البقرة: 283].

# ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- الحث على إفشاء السلام: فالواجب على المسلم أن يحيي من يعرف ومن لا يعرف، إحياءً لسنة النبي صلى الله عليه وسلم ونشراً للمحبة بين المسلمين.
2- التحذير من التكالب على الدنيا: يجب على المسلم أن يتعامل مع الدنيا كوسيلة لا كغاية، وأن يجعل همّه الآخرة، ولا ينشغل بالتجارة والمال عن طاعة الله وذكره.
3- تحريم شهادة الزور والتحذير منها: فهي من المهلكات، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشهد زوراً. وعلى المسلم أن يتقي الله في شهادته وأن يقول الحق ولا يخشى في الله لومة لائم.
4- وجوب أداء شهادة الحق: فهي فرض على من علمها، وكتمانها من كبائر الذنوب، وهي خيانة لله وللناس.
5- التنبيه على قراءة علامات الساعة: هذه العلامات تذكر المسلم بقرب الآخرة، وتدفعه إلى المراجعة والتقوى والاستعداد للقاء الله.

# رابعاً. معلومات إضافية:

- هذه العلامات من أشراط الساعة الصغرى، والتي يعقبها ظهور الأشراط الكبرى العظام.
- الحديث يدل على أن فساد الأخلاق والمعاملات من دلائل قرب الساعة.
- ينبغي للمسلم أن يكون مصلحاً أينما كان، فيقوم بالمعروف وينهى عن المنكر، ويأمر بالسلام، ويأمر بالمعروف في التجارة، ويأمر بأداء الشهادة، لينال الأجر ويقاوم هذه المظاهر المنذرة.
نسأل الله أن يعيننا على أداء حقوقه وحقوق عباده، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.
والله أعلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الأدب المفرد (١٠٤٩) وأحمد (٣٩٨٢) والطحاوي في مشكله (١٥٩٠) والحاكم (٤/ ٤٤٥) كلّهم من حديث بشير بن سليمان، عن سيار أبي حمزة، عن طارق بن
شهاب، عن ابن مسعود فذكره، وهذا مختصر.
وإسناده حسن من أجل أبي حمزة فإنه حسن الحديث كما سبق بيان ذلك في كتاب البيوع باب من أشراط الساعة يفشو المال.
وأمّا قول الهيثميّ في «المجمع» (٧/ ٣٢٩): «رجاله رجال الصَّحيح» فهو ظن منه أن سيارا هو أبو الحكم وهذا خطأ، وإنما هو سار أبو حمزة.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 41 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

📜 حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: التسليم على الخاصة من أشراط الساعة

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية