حديث: جلد مائة، وتغريب عام

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب في ردِّ الحكم إلى الكتاب والسنة معًا

عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنيّ، أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر، وهو أفقههما: أجل يا رسول الله! فاقض بيننا بكتاب الله. وائذن لي أن أتكلم قال: «تكلم» فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزني بامرأته. فأخبرني أن على ابني الرجم. فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي. ثمّ إني سألت أهل العلم فأخبروني: أن ما على ابني جلدُ مائة، وتغريب عام. وأخبروني أنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله ﷺ: «أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله. أما غنمك وجاريتك فرد عليك» وجلد ابنه مائة. وغرَّبه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر. فإن اعترفت، رجمها، فاعترفت فرجمها.

متفق عليه: رواه مالك في الحدود (٦) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنيّ، فذكراه.

عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنيّ، أنهما أخبراه أن رجلين اختصما إلى رسول الله ﷺ فقال أحدهما: يا رسول الله اقض بيننا بكتاب الله. وقال الآخر، وهو أفقههما: أجل يا رسول الله! فاقض بيننا بكتاب الله. وائذن لي أن أتكلم قال: «تكلم» فقال: إن ابني كان عسيفا على هذا فزني بامرأته. فأخبرني أن على ابني الرجم. فافتديت منه بمائة شاة وبجارية لي. ثمّ إني سألت أهل العلم فأخبروني: أن ما على ابني جلدُ مائة، وتغريب عام. وأخبروني أنما الرجم على امرأته. فقال رسول الله ﷺ: «أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله. أما غنمك وجاريتك فرد عليك» وجلد ابنه مائة. وغرَّبه عامًا. وأمر أنيسًا الأسلمي أن يأتي امرأة الآخر. فإن اعترفت، رجمها، فاعترفت فرجمها.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فهذا شرح للحديث النبوي الشريف الذي رواه الإمام البخاري ومسلم في صحيحيهما:

أولاً. شرح المفردات:


● اختصما: تخاصما وتنازعا في أمر.
● عسيفا: أجيرًا يعمل عند غيره بأجر.
● فزني: ارتكب الفاحشة (الزنا).
● افتديت منه: دفعت له فدية وعوضًا.
● جلد مائة: عقوبة الجلد بمائة سوط.
● تغريب عام: إبعاده عن بلده لمدة سنة.
● أنيس الأسلمي: هو صحابي جليل، وكان معروفًا بالصلاح والقوة في تنفيذ أحكام الله.


ثانيًا. شرح الحديث:


جاء رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم يختصمان في قضية زنا، وكان أحدهما قد زنى بامرأة الآخر، وهو العسيف (الأجير) عند صاحب المرأة.
● الرجل الأول (صاحب المرأة): طلب من النبي أن يحكم بينهما بكتاب الله، وكان يقصد بذلك تطبيق حد الرجم على ابن الرجل الآخر، لأنه ظن أن الحد يجب على الزاني فقط.
● الرجل الثاني (أفقههما): طلب أيضًا الحكم بكتاب الله، لكنه استأذن النبي في الكلام ليبين له أن ابنه لم يجب عليه الرجم، لأنه غير محصن (أي غير متزوج)، بل يجب عليه الجلد والتغريب، وأن الرجم يجب على المرأة لأنها محصنة (متزوجة).
وقد كان هذا الرجل أفقه لأنه عرف التفريق بين حد المحصن (الرجم) وغير المحصن (الجَلد والتغريب)، بينما ظن الآخر أن الحد واحد للجميع.
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «أما والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله»، وهذا قسم من النبي على تطبيق حكم الله بكل دقة وعدل.
ثم قضى النبي بما يلي:
1- رد الغنم والجارية: لأن الرجل الأول أخذها ظلمًا بغير حق، فلم يكن له أن يأخذ فدية من أب الزاني.
2- جلد ابنه مائة وتغريبه عامًا: لأنه غير محصن.
3- رجم المرأة: لأنها محصنة (متزوجة)، وقد اعترفت بالزنا، فطُبِّق عليها حد الرجم.


ثالثًا. الدروس المستفادة من الحديث:


1- وجوب الحكم بشرع الله: فالرسول صلى الله عليه وسلم أقسم أن يحكم بكتاب الله، وهذا تأكيد على أن الحكم بما أنزل الله هو أصل من أصول الإسلام.
2- العدل في القضاء: النبي صلى الله عليه وسلم لم يحابِ أحدًا، بل طبق الحدود بدقة كما شرعها الله.
3- الفقه في الدين: التفريق بين المحصن وغير المحصن في حد الزنا، فالمحصن يرجم، وغير المحصن يجلد ويغرب.
4- رد المظالم: أمر النبي برد الغنم والجارية لأنها أخذت بغير حق.
5- أهمية الاعتراف في تطبيق الحدود: حيث أن المرأة اعترفت فطُبِّق عليها الحد.
6- التثبت في القضايا: لم يقتل النبي المرأة إلا بعد الاعتراف والتأكد من ثبوت الزنا.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأدلة على أن حد الزنا للمحصن هو الرجم، وهو إجماع بين أهل العلم.
- والتغريب سنة ثابتة في حد الزنا لغير المحصن عند جمهور العلماء.
- وفيه أيضًا أن الأجير إذا زنى بامرأة صاحب العمل، فالحكم واحد، ولا فرق بينه وبين غيره.

أسأل الله أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى الحق ردًا جميلاً.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الحدود (٦) عن ابن شهاب، عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجهنيّ، فذكراه.
ورواه البخاريّ في الأيمان والنذور (٦٦٣٣، ٦٦٣٤) من طريق مالك، به.
ورواه مسلم في الحدود (١٦٩٧، ١٦٩٨) من وجه آخر عن ابن شهاب.
وأمّا ما رُوي عن أناس من أهل حمص من أصحاب معاذ بن جبل أن رسول الله ﷺ لما أراد أن يبعث معاذًا إلى اليمن قال: «كيف تقضي إذا عرض لك فضاء؟» قال: أقضي بكتاب الله، قال: «فإن لم تجد في كتاب الله؟» قال: فبسنة رسول الله، قال: «فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ ولا في كتاب الله؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. فضرب رسول الله ﷺ صدره وقال: «الحمد لله الذي وفق رسولَ رسولِ الله لما يرضي رسول الله» فهو معلول.
رواه أبو داود (٣٥٩٢) والتِّرمذيّ (١٣٢٧) من وجهين عن شعبة، عن أبي عون، عن الحارث بن عمرو ابن أخي المغيرة بن شعبة، عن أناس من أهل حمص فذكره. وفيه إرسال، والحارث بن عمرو لا يعرف.
روي موصولًا بذكر معاذ رواه أبو داود (٣٥٩٣) والتِّرمذيّ (١٣٢٨) وأحمد (٢٢٠٠٧) والبيهقي (١٠/ ١١٤) من طريق أبي داود.
ونقل العقيلي في الضعفاء الكبير (١/ ٢١٥) عن البخاريّ قال: «ولا يصح، ولا يعرف إِلَّا مرسلًا».
قال الأعظمي: وإن فيه أصحاب معاذ لا يعرفون.
قال الترمذيّ: «هذا حديث لا نعرفه إِلَّا من هذا الوجه، وليس إسناده عندي بمتصل».
وقال ابن حزم: «هذا حديث ساقط». وضعّفه أيضًا الدارقطنيّ، وعبد الحق الإشبيليّ، والذّهبيّ وغيرهم من جهابذة هذا الفن.
وقال ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٢٧٣): هذا حديث لا يصح، وإن كان الفقهاء كلّهم يذكرونه في كتبهم، ويعتمدون عليه، ولعمري إن كان معناه صحيحًا، إنّما ثبوته لا يُعرف، لأن الحارث بن عمرو مجهول، وأصحاب معاذ من أهل حمص لا يعرفون، وما هذا طريقه فلا وجه لثبوته». انتهى كلامه.
قال الأعظمي: وهو كما قالوا، وقد ثبت معنى هذا الحديث أيضًا عن عمر بن الخطّاب وغيره من الصّحابة ففي مصنف ابن أبي شيبة (٢٣٤٤٤) والنسائي (٥٣٩٩) كلاهما من حديث شريح أن عمر بن الخطّاب كتب إليه: «إذا جاءك شيء في كتاب الله فاقض به، ولا يلفتنَّك عنه الرجال، فإن جاءك أمر ليس في كتاب الله فانظر سنة رسول الله ﷺ فاقض بها، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله وليس فيه سنة من رسول الله ﷺ فانظر ما اجتمع الناس عليه فخذ به، فإن جاءك ما ليس في كتاب الله، ولم يكن فيه سنة من رسول الله ﷺ، ولم يتكلم فيه أحد قبلك، فاختر أي الأمرين شئت: إن شئت أن تجتهد برأيك وتقدم فتقدم، وإن شئت أن تتأخر فتأخر، ولا أرى التأخر إِلَّا خيرًا لك. انتهى، واللّفظ لابن شيبة.
ولفظ النسائي: عن شريح أنه كتب إلى عمر يسأله فكتب إليه: أن اقض بما في كتاب الله، فإن لم يكن في كتاب الله فبسنة رسول الله ﷺ، فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ﷺ فاقض بما قضى به الصالحون، فإن لم يكن في كتاب الله ولا في سنة رسول الله ﷺ ولم يقض به الصالحون فإن شئت فتقدم وإن شئت فتأخر ولا أرى التأخر إِلَّا خيرًا لك. والسّلام عليكم. وإسناده صحيح. وفي سير الصّحابة آثار أخرى مثله.
وقوله: «أجتهد رأيي ولا آلو»: أي أجتهد للبلوغ إلى الحق، ولا أقصر فيه إذا لم أجد نصًا من الكتاب والسنة، وقد جوَّز النَّبِيّ ﷺ للحاكم أن يجتهد، وجعل له على إصابته أجرين، وعلى خطته أجرًا واحدًا. وبالله التوفيق.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 29 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: جلد مائة، وتغريب عام

  • 📜 حديث: جلد مائة، وتغريب عام

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: جلد مائة، وتغريب عام

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: جلد مائة، وتغريب عام

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: جلد مائة، وتغريب عام

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب