من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره».

صحيح: رواه أبو داود (٣٥٩٧) وأحمد (٥٣٨٥) والحاكم (٣/ ٢٧) كلّهم من طريق زهير بن معاوية، ثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن راشد قال: جلسنا لعبد الله بن عمر، فخرج إلينا فجلس فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: فذكر الحديث في سياق أطول وجاء فيه: «ومن مات وعليه دين فليس بالدينار ولا بالدرهم ولكنها الحسنات والسيئات.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن عمر قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، وأسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وابن حبان في صحيحه، والحاكم في مستدركه، وقال: "هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه"، وصححه الألباني.
ومعناه عظيم، وتحذيره شديد، فهو يتناول قضية من أخطر القضايا التي تمس سيادة شرع الله في الأرض، وهي الشفاعة في إسقاط الحدود الشرعية.

أولاً. شرح المفردات:

● حالت شفاعته: أي منَعَتْ وصدَّتْ شفاعته.
● دون حد من حدود الله: أي في منع إقامة حدٍّ شرعي فرضه الله تعالى.
● مضاد لله: مخالفٌ ومعاندٌ لله تعالى، مُعَادٍ له.
● في أمره: أي في حكمه الشرعي الذي أمر به وشرعه.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث النبوي الشريف أن من يتوسط أو يشفع لدى ولي الأمر أو القاضي ليمنع إقامة حدٍّ من حدود الله على مستحقه، كأن يشفع لسارق لا يُقطع، أو لزاني لا يُجلد، أو لقاذف لا يُحد... فإن هذا الشافع قد عادى الله تعالى وخالف أمره.
لماذا هذه المخالفة والمضادة؟
لأن الحدود حقوق لله تعالى، شرعها لحكم عظيمة، منها:
1- زجر العصاة عن المعاصي.
2- حماية المجتمع من انتشار الجرائم والفواحش.
3- إقامة العدل وردع الظالم.
4- تطهير المجرم من ذنبه في الدنيا ليعاقب عليه في الآخرة.
فمن تعاطى لإسقاط هذه الحدود، فقد سعى في إبطال حكم الله، وإضعاف شرعه، وإشاعة الفساد في الأرض، وهو بهذا العمل يقف موقف المعادي لله تعالى، لأنه يحول بين تنفيذ أمر الله وحكمه.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- عظم أمر الحدود الشرعية: فهي من أوجب الواجبات، وإقامتها من أعظم القربات، والتقصير فيها أو السعي لإسقاطها من كبائر الذنوب.
2- تحريم الشفاعة في إسقاط الحدود: هذا النوع من الشفاعة محرم بإجماع العلماء، وهي من الشفاعة المذمومة التي نهى الله عنها في قوله: {وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا} [النساء: 85]. وهي من أعظم الشفاعات السيئة.
3- التحذير من المحسوبية والواسطة: الحديث تحذير شديد من استغلال النفوذ والوجاهة الاجتماعية للالتفاف على شرع الله وإعاقة تنفيذ أحكامه. وهذا داء ابتليت به كثير من المجتمعات.
4- العدل فوق القرابة والصداقة: يجب على المسلم أن يكون نُصْرَة لله ورسوله ولشرعه، حتى لو كان المجرم قريباً أو صديقاً. فحق الله مقدّم على كل حق.
5- الحدود تكفر الذنوب: من الحكم التي يجب استحضارها أن إقامة الحد على الجاني في الدنيا تكفر ذنبه وتطهره، فالسعي لإسقاطه قد يكون ضرره على الجاني نفسه، حيث يخرج من الدنيا بذنبه غير مكفّر.

رابعاً. تنبيه مهم:

هذا التحذير خاص بالشفاعة لبَطْلِ الحدِّ وإسقاطه بعد ثبوته شرعاً واستحقاق صاحبه له.
أما الشفاعة في العفو عن القصاص (القَتْل أو الجروح) حيث يكون الحق للعبد، فهذه جائزة بل ومستحبة، لأن صاحب الحق يمكنه التنازل عن حقه. قال تعالى: {فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 178].
نسأل الله تعالى أن يعيننا على طاعته، وأن يجعلنا من أنصار دينه، الحامين لشرعه، الواقفين عند حدوده.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٥٩٧) وأحمد (٥٣٨٥) والحاكم (٣/ ٢٧) كلّهم من طريق زهير بن معاوية، ثنا عمارة بن غزية، عن يحيى بن راشد قال: جلسنا لعبد الله بن عمر، فخرج إلينا فجلس فقال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: فذكر الحديث في سياق أطول وجاء فيه: «ومن مات وعليه دين فليس بالدينار ولا بالدرهم ولكنها الحسنات والسيئات. ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتَّى ينزع، ومن قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتَّى يخرج مما قال» وإسناده صحيح.
وجاء في سياق هذا الحديث أيضًا: «من أعان على خصومة بظلم - أو يعين على ظلم - لم يزل في سخط الله حتَّى ينتزعه.
رواه ابن ماجة (٢٣٢٠) من طريق حسين المعلم وأبو داود (٣٥٩٨) من طريق المثنى بن يزيد، كلاهما عن مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر فذكره.
والمثنى بن يزيد مجهول، ولكن تابعه حسين المعلم، ومطر الوراق مختلف فيه، وقد تابعه
عطاء بن أبي مسلم الخراسانيّ، عن نافع. رواه الحاكم (٤/ ٩٩) وقال: «هذا حديث صحيح الإسناد».
ورواه ابن الأعرابي في معجمه (٦٤٠) من وجه آخر عن عطاء الخراسانيّ، عن عمران، عن عبد الله بن عمر قال: سمعتُ رسول الله ﷺ يقول: «من قال سبحان الله، ولا إله إِلَّا الله، والله أكبر، والحمد لله كتب الله له بكل حرف عشر حسنات، ومن أعان على خصومة باطل لم يزل في سخط الله حتَّى ينزع، ومن حالت شفاعته دون حد من حدود الله فقد ضاد الله في أمره، ومن بهت مؤمنًا أو مؤمنة حبسه الله في ردغة الخبال يوم القيامة حتَّى يخرج مما قال، وليس بخارج».
وهذا السياق ذكره ابن أبي حاتم في العلل (٢/ ١٨٣) وقال: «رواه عمر بن يونس اليماميّ، عن عاصم بن محمد، عن يزيد، عن المثني بن يزيد، عن مطر الوراق، عن نافع، عن ابن عمر، وقال: قال أبي: هذا خطأ، الصَّحيح عن ابن عمر موقوف».
قال الأعظمي: ورواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٦١) عن عبدة، عن يحيى بن سعيد، عن عبد الوهّاب (وهو ابن بخت المكي) عن ابن عمر من قوله مقتصرا على قوله «من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره».
والذي يظهر من هذه الأسانيد ومتونها أن ابن عمر أو من دونه كان يروي الحديث مرة بكامله، وأخرى مجزأة. ويشير إليه اختلاف مخرج الحديث، فصحَّ بعض طرقه دون البعض، ولا يبعد أن يكون ابن عمر أو من دونه رواه مرة موقوفًا عليه كما أشار إليه أبو حاتم في قوله وابن أبي شيبة في روايته. وبالله التوفيق.
وقوله: «من حالت شفاعته: أي من ثبت في حقه من حقوق الله، وبلغ ذلك إلى السلطان، وأمّا قبل البلوغ إلى السلطان أو ما كان من حق الآدميين فللحاكم أن يشفع، بل يستحب له ذلك ولو ببذل المال، كما كان النَّبِيّ ﷺ يفعل.
قيل لعلي: وقد شفع لسارق: أتشفع لسارق؟ فقال: نعم، إن ذلك يفعل ما لم يبلغ به الإمام. فإذا بُلغ به الإمام فلا أعفاه الله إن أعفاه. رواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٥٩).
وعن الزبيد بن الصلت قال: سمعت أبا بكر الصديق يقول: لو أخذت شاربًا لأحببت أن يستره الله، ولو أخذت سارقًا لأحبت أن يستره الله. رواه ابن أبي شيبة (٢٨٦٦٤).

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 34 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

📜 حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد لله في أمره

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية