حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب شفاعة الحاكم

عن ابن عباس قال: كان زوج بريرة عبدًا يقال له: مُغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته. فقال النَّبِيّ ﷺ لعباس: «يا عباس! ألا تعجب من حب مغيث لبريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا»، فقال النَّبِيّ ﷺ: «لو راجعتِه» قالت: يا رسول الله! تأمرني؟ قال: «إنَّما أنا أشفع» قالت: لا حاجة لي فيه.

صحيح: رواه البخاريّ في الطلاق (٥٢٨٣) عن محمد، أخبرنا عبد الوهّاب، حَدَّثَنَا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس قال: كان زوج بريرة عبدًا يقال له: مُغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها يبكي، ودموعه تسيل على لحيته. فقال النَّبِيّ ﷺ لعباس: «يا عباس! ألا تعجب من حب مغيث لبريرة، ومن بغض بريرة مغيثًا»، فقال النَّبِيّ ﷺ: «لو راجعتِه» قالت: يا رسول الله! تأمرني؟ قال: «إنَّما أنا أشفع» قالت: لا حاجة لي فيه.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد،
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب. هذا الحديث العظيم الذي رواه البخاري في صحيحه، يحمل قصة مؤثرة ودروساً عظيمة في أحكام الإسلام وموازينه، وسأشرحه لك جزءاً جزءاً على النحو التالي:

أولاً. شرح مفردات الحديث:


● بريرة: هي امرأة كانت أمة (جارية) ثم أعتقت، اشتهرت بقصة عتقها وحكم زواجها، وكانت تحت عبد يقال له مغيث.
● مُغيث: هو زوج بريرة الأول، وكان عبداً مملوكاً.
● يطوف خلفها يبكي: أي يتبعها ويدور حولها متضرعاً وهي معرضة عنه، مما يدل على شدة حبه لها وحزنه على فراقها.
● يا عباس! ألا تعجب: النداء هنا للتعجب من المفارقة العجيبة في المشاعر بين الزوجين.
● لو راجعتِه: أي لو رجعت إليه وزوجكِ نفسكِ له مرة أخرى.
● تأمرني؟: سألت بريرة النبي صلى الله عليه وسلم هل هذا أمرٌ ملزمٌ أم مجرد نصيحة وشفاعة؟
● إنما أنا أشفع: أي لست آمرك أمراً إلزامياً، بل أتوسط وأطلب منكِ مراجعته من باب الإحسان.
● لا حاجة لي فيه: أي لا رغبة لي في العودة إليه.

ثانياً. شرح الحديث:


تخبرنا هذه القصة عن بريرة التي كانت أمة (جارية) متزوجة من عبدٍ يسمى مغيثاً. فلما أُعتقت بريرة، خُيّرت بين البقاء مع زوجها أو فراقه، وفقاً لحكم الشرع الذي يقضي بأن الأمة إذا أعتقت فلها الخيار في فسخ نكاحها أو إبقائه.
وكان مغيث يحبها حباً شديداً، حتى إنه كان يتبعها في طرقات المدينة وينتحب من شدة الفراق، ودمعه يسيل على لحيته، وكان منظره مؤثراً حتى تعجب النبي صلى الله عليه وسلم من شدة حبه لها في مقابل بغضها له ورفضها العودة إليه.
ثم حاول النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع عندها لعله تتراجع عن قرارها، فقال لها: «لو راجعتِه» فأجابته باستفسار يدل على أدبها مع النبي: «يا رسول الله، تأمرني؟» فأخبرها صلى الله عليه وسلم بأنه ليس أمراً بل شفاعة وخيرة لها، فأكدت رفضها وقولها: «لا حاجة لي فيه».

ثالثاً. الدروس المستفادة من الحديث:


1- حرية المرأة في الاختيار: الحديث أصل في حق المرأة المملوكة إذا أعتقت في اختيار فسخ نكاحها أو إبقائه، وهو دليل على احترام الإسلام لإرادة المرأة ومشاعرها.
2- الفصل بين المشاعر والأحكام: النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمرها بالرجوع إليه رغم شفقة القلب على مغيث، بل ترك الخيار لها، مما يدل على أن الأحكام الشرية مقدمة على العواطف.
3- أدب الصحابة مع النبي: قول بريرة: «تأمرني؟» يدل على أدبها وحسن تعاملها مع النبي، وحرصها على تمييز الأمر الإلزامي عن النصيحة.
4- الشفاعة المحمودة: شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم كانت من باب الإحسان والتأليف، وهو منهج نبوي في حل الخلافات الأسرية.
5- عدم إكراه المرأة في الزواج: الحديث يؤكد أن المرأة لا يجوز إكراهها على الزواج أو البقاء فيه إذا كان ثمة حق شرعي لها في الفسخ.

رابعاً. معلومات إضافية:


- هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها الفقهاء على خيار العتق للمرأة إذا أعتقت وهي تحت زوج.
- القصة توضح أن الحب ليس شرطاً في بقاء الزواج، فبريرة لم ترغم على البقاء مع زوجها رغم حبه الشديد لها.
- يُستفاد من الحديث أيضاً أن البغض بين الزوجين إذا استحكم فإنه قد يكون مبرراً للفراق، شريطة соблюد الأحكام الشرعية.
أسأل الله أن يفقهنا في الدين، ويبصرنا في الشرع، ويجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الطلاق (٥٢٨٣) عن محمد، أخبرنا عبد الوهّاب، حَدَّثَنَا خالد، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 33 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

  • 📜 حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: مغيث يطوف خلف بريرة يبكي ودموعه تسيل على لحيته

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب