حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب حكم القاضي لا يُحِلُّ حرامًا، ولا يُحَرِّمُ حلالًا

عن عائشة أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقَّاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقَّاص، أن ابن وليدة زمعة مني، فاقبضه إليك، قالت: فلمّا كان عام الفتح أخذه سعد. وقال: ابن أخي. قد كان عهد إلي فيه. فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي. وابن وليدة أبي. ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله ﷺ فقال سعد: يا رسول الله! ابن أخيّ، قد كان عهد إليَّ فيه. وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي. ولد على فراشه. فقال رسول الله ﷺ: «هو لك يا عبد بن زمعة» ثمّ قال رسول الله ﷺ: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ثمّ قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقَّاص. قالت: فما رآها حتَّى لقي الله عز وجل.

متفق عليه: رواه مالك في الأقضية (٢٠) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة، فذكرته.

عن عائشة أنها قالت: كان عتبة بن أبي وقَّاص، عهد إلى أخيه سعد بن أبي وقَّاص، أن ابن وليدة زمعة مني، فاقبضه إليك، قالت: فلمّا كان عام الفتح أخذه سعد. وقال: ابن أخي. قد كان عهد إلي فيه. فقام إليه عبد بن زمعة فقال: أخي. وابن وليدة أبي. ولد على فراشه. فتساوقا إلى رسول الله ﷺ فقال سعد: يا رسول الله! ابن أخيّ، قد كان عهد إليَّ فيه. وقال عبد بن زمعة: أخي وابن وليدة أبي. ولد على فراشه. فقال رسول الله ﷺ: «هو لك يا عبد بن زمعة» ثمّ قال رسول الله ﷺ: «الولد للفراش وللعاهر الحجر» ثمّ قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقَّاص. قالت: فما رآها حتَّى لقي الله ﷿.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه:

أولاً. شرح المفردات:


● عتبة بن أبي وقاص: أخو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنهما، وكان من السابقين إلى الإسلام.
● ابن وليدة زمعة: أي الابن من أمة زمعة (جاريته).
● فاقبضه إليك: أي خذه وأحضره إليك.
● تساوقا: أي ذهبا معًا أو تسارعا إلى النبي ﷺ للتحاكم.
● العاهر: الزاني.
● الحجر: الحرمان أو الحجارة، أي أنه محروم من الولد ولا حق له فيه.


ثانيًا. شرح الحديث:


تدور قصة هذا الحديث حول نزاع على نسب غلام بين سعد بن أبي وقاص وعبد بن زمعة، ويمكن تفصيلها كما يلي:
1- الخلفية التاريخية:
- أوصى عتبة بن أبي وقاص (قبل وفاته) لأخيه سعد بأن يأخذ ابنًا له من جارية زمعة (أمة عند زمعة)، معترفًا بأنه ابنه.
2- النزاع:
- بعد فتح مكة، أخذ سعد الغلام وقال: "هذا ابن أخي"، بناء على وصية أخيه.
- لكن عبد بن زمعة (ابن زمعة من زوجته الأخرى) ادعى أن الغلام أخوه، لأنه ولد على فراش أبيه (زمعة)، وأن أمه جارية لأبيه.
3- تحكيم النبي ﷺ:
- ذهب الطرفان إلى رسول الله ﷺ ليحكم بينهما.
- حكم النبي ﷺ بأن الغلام لعبد بن زمعة، قائلاً: «الولد للفراش وللعاهر الحجر».
- ثم أمر سودة بنت زمعة (زوجة النبي ﷺ وأخت عبد بن زمعة) أن تحتجب من هذا الغلام؛ لأنه كان يشبه عتبة بن أبي وقاص، فخشي أن يقع في قلبه شيء بسبب هذا الشبه.


ثالثًا. الدروس المستفادة والعبر:


1- حكم شرعي عظيم:
- الحديث أصل في إثبات النسب، حيث قرر النبي ﷺ أن الولد يلحق بمن هو على فراشه (أي الزوج)، وليس بالزاني. وهذا حكم ثابت في الشريعة الإسلامية.
2- الفراش أساس النسب:
- المقصود "بالفراش" هنا هو الزوجية الشرعية، فمن ولدت في نكاح صحيح، فإن ولدها يلحق بالزوج، ولا ينسب إلى غيره.
3- الزاني محروم من النسب:
- قوله: «وللعاهر الحجر» يعني أن الزاني لا حق له في الولد، بل هو محروم منه، و"الحجر" إما بمعنى الحرمان، أو بمعنى الرجم بالحجارة (في حال الزاني المحصن).
4- الاحتياط في أمر الشبهة:
- أمر النبي ﷺ سودة بنت زمعة بالاحتجاب من الغلام؛ لأنه يشبه عتبة بن أبي وقاص، مع أن النسب ثابت لزمعة. وهذا من باب سد الذرائع ومنعًا للريبة والشك.
5- العدل والإنصاف في القضاء:
- النبي ﷺ قضى بالحق دون مجاملة، مع أن سعدًا صحابي جليل، وعبد بن زمعة كذلك.
6- التسليم لحكم الله ورسوله:
- سعد بن أبي وقاص قبل حكم النبي ﷺ دون اعتراض، وهذا من أدب الصحابة مع رسول الله ﷺ.


رابعًا. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث من الأحاديث التي استدل بها الفقهاء على أن الولد للفراش، وهو إجماع بين العلماء.
- الحديث يدل على أن الشبه ليس دليلاً قاطعًا في النسب، بل الأصل هو الفراش.
- قوله: «احتجبي منه» يدل على مشروعية الاحتراز من مواضع الريبة والشبهات، حتى لو كان الأمر بريئًا في ظاهره.
- هذا الحكم يطبق في جميع قضايا النسب واللعان وغيرها.

أسأل الله تعالى أن يفقهنا في الدين، وأن يردنا إلى سنن نبيه ردًا جميلاً، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه مالك في الأقضية (٢٠) عن ابن شهاب، عن عروة بن الزُّبير، عن عائشة، فذكرته.
ورواه البخاريّ في الأحكام (٧١٨٢) من طريق مالك، به، مثله. ورواه مسلم في الرضاع (٣٦: ١٤٥٧) من طريق اللّيث، عن ابن شهاب، به.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 16 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

  • 📜 حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: قال لسودة بنت زمعة: «احتجبي منه» لما رأى من شبهه بعتبة بن أبي وقاص

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب