حديث: لا تُشهدوني على جَور

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب الترهيب من الشهادة على الجَور

عن النعمان بن بشير قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثمّ بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتَّى تشهد النَّبِيّ ﷺ فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النَّبِيّ ﷺ فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا؟ قال: «ألك ولد سواه؟» قال: نعم. قال: فأراه قال: «لا تُشهدوني على جَور».

متفق عليه: رواه البخاريّ في الشهادات (٢٦٥٠)، ومسلم في الهيات (١٤: ١٦٢٣) كلاهما من طريق أبي حيان التيميّ، عن الشعبيّ، عن النعمان بن بشير، فذكره.

عن النعمان بن بشير قال: سألت أمي أبي بعض الموهبة لي من ماله، ثمّ بدا له فوهبها لي، فقالت: لا أرضى حتَّى تشهد النَّبِيّ ﷺ فأخذ بيدي وأنا غلام، فأتى بي النَّبِيّ ﷺ فقال: إن أمه بنت رواحة سألتني بعض الموهبة لهذا؟ قال: «ألك ولد سواه؟» قال: نعم. قال: فأراه قال: «لا تُشهدوني على جَور».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من صحيح مسلم، رواه الصحابي الجليل النعمان بن بشير رضي الله عنهما، وهو يحمل قصة عائلية فيها دروس بليغة في العدل والتربية.

أولاً. شرح المفردات:


● الموهبة: هي العطية والهبة، أي طلبت من زوجها أن يهب لابنها جزءاً من ماله.
● بدا له: أي خطر بباله وقرر أن ينفذ طلبها.
● بنت رواحة: هي أم النعمان، وهي الصحابية الجليلة سُهيلة بنت رواحة.
● جَور: هو الظلم والانحراف عن الحق والعدل.

ثانياً. شرح الحديث:


تخبرنا القصة أن أم النعمان (سُهيلة بنت رواحة) طلبت من زوجها (بشير بن سعد) أن يهب لابنهما النعمان عطية خاصة من ماله. فوافق الأب على ذلك، ولكن الأم الفطنة طلبت شرطاً مهماً وهو أن يتم ذلك بمشهد من رسول الله ﷺ حتى يكون العطية رسمية ومعترفاً بها. فأخذ الأب بيد ابنه الصغير وذهبوا إلى النبي ﷺ.
عرض الأب الأمر على النبي ﷺ قائلاً: إن زوجتي طلبت مني أن أهب لابني هذا بعض المال وقد فعلت. فسأله النبي ﷺ سؤالاً حاسماً: «ألك ولد سواه؟» (أي: هل لديك أبناء آخرون غير النعمان؟)، فأجاب الأب: نعم. عندها قال النبي ﷺ كلمته البليغة: «لا تُشهدوني على جَور» (أي: لا تطلبوا مني أن أشهد على أمر فيه ظلم أو انحراف عن العدل).

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- الحث على العدل بين الأولاد: هذا الحديث أصل عظيم من أصول التربية في الإسلام، وهو وجوب العدل بين الأبناء في العطايا والهبات. لا يجوز تفضيل أحدهم على الآخر بدون سبب شرعي مقبول (كأن يكون أحدهم محتاجاً لمرض أو غيره). التفضيل بلا سبب يزرع الحقد والكراهية بين الإخوة ويقطع صلة الرحم.
2- حكمة المرأة المسلمة: نرى في أم النعمان رضي الله عنها نموذجاً للمرأة الحكيمة التي لا تطلب الحق لولدها فقط، بل تطلب أن يكون ذلك في إطار شرعي سليم وبشهادة من أعلى مرجعية (رسول الله ﷺ)، مما يضمن حق الولد ويحفظ العلاقات الأسرية من الشحناء.
3- رفض الإسلام للظلم بأي صورة: رفض النبي ﷺ أن يكون شاهداً على هبة فيها ظلم محتمل للآخرين، حتى لو كان الظلم غير مقصود. هذا يعلمنا أن نبتعد عن كل ما فيه شبهة ظلم أو جور، حتى لو كان في أمورنا الشخصية والعائلية.
4- التثبت في الأمور: النبي ﷺ لم يرفض الهبة من principio، بل سأل سؤالاً clarifies الموقف ("ألك ولد سواه؟") ليحكم بعدها. هذا يدل على أهمية التثبت وعدم إصدار الأحكام دون فهم كامل للظروف.
5- مسؤولية الأب: الأب هو راعي الأسرة وهو مسؤول عن رعيته، ومن أهم جوانب رعايته أن يعدل بين أبنائه حتى في المشاعر والعطاء المادي.

معلومات إضافية:


- استدل الفقهاء بهذا الحديث على بطلان تفضيل بعض الأولاد في الهبة دون الآخرين، وأن هذه الهبة تعتبر من قبيل الظلم الجائر.
- إذا أراد الأب أن يخص أحد أبنائه بعطية، فيجب أن يكون هناك سبب شرعي مقنع (كحاجة الولد لعلاج أو كثرة عياله أو تفوقه في طلب العلم النافع)، وأن يخبر بقية الأبناء بذلك السبب حتى لا يفسد قلوبهم.
- العدل بين الأبناء ليس في المال فقط، بل يشمل المحبة والعطف والاهتمام والهدايا والكلمات، فكل ذلك يدخل في ميزان العدل.
أسأل الله أن يرزقنا الفقه في دينه، وأن يمكننا من تطبيق هذه التعاليم الحكيمة في بيوتنا، إنه سميع مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه البخاريّ في الشهادات (٢٦٥٠)، ومسلم في الهيات (١٤: ١٦٢٣) كلاهما من طريق أبي حيان التيميّ، عن الشعبيّ، عن النعمان بن بشير، فذكره.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 48 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تُشهدوني على جَور

  • 📜 حديث: لا تُشهدوني على جَور

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تُشهدوني على جَور

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تُشهدوني على جَور

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تُشهدوني على جَور

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب