حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب شهادة أهل الذمة على وصية المسلم في السفر

عن الشعبي أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقُوفاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يُشهده على وصيته. فأشهد رجلين من أهل الكتاب. فقدما الكوفة. فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه. وقدما تركته ووصيته. فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ﷺ. فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا، ولا كذبا، ولا بدلًا، ولا كتما، ولا غيرا، وإنها لوصية الرّجل، وتركته. فأمضى شهادتهما.

صحيح: رواه أبو داود (٣٦٠٥) ومن طريقه البيهقيّ (١٠/ ١٦٥) عن زياد بن أيوب، حَدَّثَنَا هُشيم، أخبرنا زكريا، عن الشعبي فذكره.

عن الشعبي أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقُوفاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يُشهده على وصيته. فأشهد رجلين من أهل الكتاب. فقدما الكوفة. فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه. وقدما تركته ووصيته. فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ﷺ. فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا، ولا كذبا، ولا بدلًا، ولا كتما، ولا غيرا، وإنها لوصية الرّجل، وتركته. فأمضى شهادتهما.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النافع الذي رواه الإمام البخاري في صحيحه:

الحديث:


عن الشعبي أن رجلًا من المسلمين حضرته الوفاة بدقُوفاء هذه، ولم يجد أحدًا من المسلمين يُشهده على وصيته. فأشهد رجلين من أهل الكتاب. فقدما الكوفة. فأتيا أبا موسى الأشعري فأخبراه. وقدما تركته ووصيته. فقال الأشعري: هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ﷺ. فأحلفهما بعد العصر بالله ما خانا، ولا كذبا، ولا بدلًا، ولا كتما، ولا غيرا، وإنها لوصية الرّجل، وتركته. فأمضى شهادتهما.


1. شرح المفردات:


● دقُوفاء: اسم موضع أو قرية.
● حضرته الوفاة: أي نزل به الموت وأحس به.
● أشهده على وصيته: طلب منه أن يكون شاهدًا على وصيته.
● أهل الكتاب: اليهود والنصارى.
● أمضى شهادتهما: قبل شهادتهما ونفذها.


2. شرح الحديث:


يحكي هذا الحديث قصة رجل مسلم كان في قرية تسمى "دقوفاء"، وعندما حضرته الوفاة أراد أن يوصي، لكنه لم يجد أي مسلم ليشهد على وصيته. فاضطر أن يجعل شاهدين من أهل الكتاب (يهود أو نصارى) على وصيته. بعد وفاة الرجل، ذهب الشاهدان إلى الكوفة وقصّا الأمر على أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- الذي كان واليًا عليها، وأعطياه تركة الرجل ووصيته.
فقال أبو موسى: "هذا أمر لم يكن بعد الذي كان في عهد رسول الله ﷺ"، أي أن هذه الحادثة جديدة ولم تحدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، فاحتاج إلى اجتهاد.
ثم قام أبو موسى بأمر الشاهدين أن يحلفا بعد صلاة العصر بالله أنهم:
- ما خانوا (لم يخونوا الأمانة).
- ولا كذبوا.
- ولا بدلوا (لم يغيروا الوصية).
- ولا كتموا (لم يكتموا شيئًا).
- ولا غيروا (لم يحرفوا الكلام).
وبعد أن حلفا، أمضى أبو موسى شهادتهما وقبل وصيتهما.


3. الدروس المستفادة:


1- جواز شهادة أهل الكتاب في الظروف الاستثنائية: عندما لا يوجد مسلمون للشهادة، يجوز الاعتماد على شهادة أهل الكتاب مع الاحتياطات اللازمة.
2- اجتهاد الصحابة في النوازل: أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- اجتهد في هذه المسألة التي لم ترد فيها نصوص صريحة، مما يدل على سعة علم الصحابة وقدرتهم على تطبيق الأحكام في الوقائع الجديدة.
3- التثبت في الشهادات: حتى مع شهادة أهل الكتاب، طلب أبو موسى أن يحلفوا يمينًا مؤكدة للتأكد من صدقهم وأمانتهم.
4- الحكمة في اختيار الوقت للحلف: طلب الحلف بعد العصر، وقد يكون لأنها ساعة إجابة أو لأن النفوس تكون أكثر هدوءًا وتقوى.
5- مراعاة الظروف والضرورات: الإسلام دين يسر، ويأخذ بالرخص عند الحاجة، كما في هذه الحالة حيث اضطر الرجل لاستشهاد غير المسلمين.


4. معلومات إضافية:


- هذا الحديث أخرجه البخاري في صحيحه، مما يدل على صحته وقوته.
- الفقهاء استدلوا به على جواز شهادة غير المسلمين عند الضرورة، مع وجود ضوابط شرعية.
- أبو موسى الأشعري -رضي الله عنه- من كبار الصحابة وفحول العلماء، وكان فقيهًا قاضيًا، فاجتهاده معتبر.

أسأل الله أن ينفعنا بما علمنا، وأن يعلمنا ما ينفعنا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٦٠٥) ومن طريقه البيهقيّ (١٠/ ١٦٥) عن زياد بن أيوب، حَدَّثَنَا هُشيم، أخبرنا زكريا، عن الشعبي فذكره.
وإسناده صحيح، والشعبي هو عامر بن شرحبيل سمع جماعة من الصّحابة ولم يقل أحدًا من العلماء أنه لم يسمع من أبي موسى الأشعري.
ودقوقاء بفتح الدال المهملة، وضم القاف وبالقاف المقصورة وهي بلد بين بغداد وإربل.
وقد رواه الترمذيّ (٣٠٥٩) عن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحرانيّ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن سلمة الحرانيّ، قال: حَدَّثَنَا محمد بن إسحاق، عن أبي النضر، عن باذان مولى أم هانئ، عن ابن عباس، عن تميم الداري في هذه الآية: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [المائدة: ١٠٦] قال: برئ منها الناسُ غيريّ، وغير عدي بن بدّاء، وكانا نصرانيين يختلفان إلى الشام قبل الإسلام، فأتيا الشام لتجارتهما، وقدم عليهما مولى لبني سهم، يقال له: بديل بن أبي مريم بتجارة، ومعه جام من فضة بريد به الملك، وهو عظم تجارته، فمرض فأوصى إليهما، وأمرهما أن يبلغا ما ترك أهله، قال تميم: فلمّا مات أخذنا ذلك الجام فبعناه بألف درهم، ثمّ اقتسمنا أنا وعدي بن بداء، فلمّا قدّمنا إلى أهله دفعنا إليهم ما كان معنا وفقدوا الجام، فسألونا عنه، فقلنا: ما ترك غير هذا، وما دفع إلينا غيره، قال تميم: فلمّا أسلمت بعد قدوم رسول الله ﷺ المدينة تأثمت من ذلك، فأتيت أهله فأخبرتهم الخبر، وأديت إليهم خمس مئة درهم، وأخبرتهم أن عند صاحبي مثلها، فأتوا به رسول الله ﷺ، فسألهم البينة، فلم يجدوا، فأمرهم أن يستحلفوا بما يعظم به على أهل دينه، فحلف فأنزل الله: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ
إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ﴾ [المائدة: ١٠٦] إلى قوله ﴿أَوْ يَخَافُوا أَنْ تُرَدَّ أَيْمَانٌ بَعْدَ أَيْمَانِهِمْ﴾ [المائدة: ١٠٨] فقام عمرو بن العاص، ورجل آخر فحلفا، فنزعت الخمس مئة درهم من عدي بن بدّاء.
قال الترمذيّ: «هذا حديث غريب، وليس إسناده صحيح، وأبو النضر الذي روى عنه محمد بن إسحاق هذا الحديث هو عندي محمد بن السائب الكلبيّ، يكنى أبا النضر، وقد تركه أهل الحديث، وهو صاحب التفسير، سمعت محمد بن إسماعيل يقول: محمد بن السائب الكلبي يكنى أبا النضر، ولا نعرف لسالم أبي النضر المديني رواية عن أبي صالح مولى أم هانئ. وقد رُوي عن ابن عباس شيء من هذا على الاختصار من غير هذا الوجه.
فقوله تعالى: ﴿أَوْ آخَرَانِ مِنْ غَيْرِكُمْ﴾ [المائدة: ١٠٦] أي من غير دينكم وبه قال أحمد، وهو مذهب أبي موسى الأشعري وشريح وإبراهيم النخعي والأوزاعي وغيرهم.
ومن لم ير ذلك تأول الآية: أي من غير قبيلتكم، لأن الغالب في الوصية أن الموصي يُشهد أقاربه وعشيرته عليها دون الأجانب، والله تعالى أعلم.
وأمّا في غير الوصية فمذهب جمهور أهل العلم أن شهادة أهل الذمة في حق المسلم باطلة.
وأمّا شهادة أهل الذمة بعضهم على بعض فجائزة وإن اختلفت مللُهم، وقد رُوي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله ﷺ أجاز شهادة أهل الكتاب بعضهم على بعض.
رواه ابن ماجة (٢٣٧٤) وفي إسناده مجالد بن سعيد وهو ضعيف.
وقال بعضهم: إن شهادة اليهودي على النصرانيّ، وشهادة النصراني على اليهودي لا تقبل لقوله تعالى: ﴿فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ﴾ [المائدة: ١٤].

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 66 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

  • 📜 حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: إجازة شهادة أهل الكتاب على الوصية عند عدم وجود المسلمين

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب