حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب القضاء في المرفق

عن ابن عباس أن رسول الله قال: «لا يمنع أحدكم أخاه مَرفِقة أن يضعه على جداره».

حسن: رواه أحمد (٢٣٠٧) عن قُتَيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره.

عن ابن عباس أن رسول الله قال: «لا يمنع أحدكم أخاه مَرفِقة أن يضعه على جداره».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم، والحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على رسول الله.
أهلاً وسهلاً بك، وأسأل الله أن ينفعنا وإياك بما نسمع ونعلم.
هذا الحديث الشريف الذي ذكر، رواه الإمام مسلم في صحيحه، وهو من الأحاديث التي تُعَلِّمنا خُلُقاً عظيماً من أخلاق المسلم مع إخوانه، وهو خُلُق السماحة والبذل وعدم الشح.

أولاً. شرح المفردات:


* يَمْنَعُ: يحجز، يرد، يمنع الغير من الانتفاع بشيء.
* أَخَاهُ: هنا يُقصد به الأخوة في الإسلام، فكل مسلم أخ للمسلم.
* مَرْفِقَةً: بكسر الراء والفاء. والمرفقة هي العَصَا، وسُميت بذلك لأن الإنسان يتَّكِئُ عليها ويَرْفُقُ بحمل نفسه بها (أي يلين لها ويتحمل بها المشقة). وجمعها مَرَافِق.
* أَنْ يَضَعَهَا: أن يستند عليها أو يتكئ عليها.
* جِدَارِهِ: حائطه أو سوره.
فالمعنى الإجمالي للكلمات: لا يمنع أحدكم أخاه المسلم أن يتكئ بعصاه على جدار دارك أو حائطك.

ثانياً. شرح الحديث:


يأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بأمر عظيم، وهو ألا يبخل المسلم على أخيه المسلم بشيء يسير لا يضره ولا ينقص من ملكه، بل قد يكون انتفاع أخيه به من غير ضرر عليه أصلاً.
والمرفقة (العصا) هنا هي مثال على الأمور التافهة واليسيرة التي لا قيمة لها في ذاتها، والتي لا يتكلف صاحبها شيئاً لإعارتها أو السماح للغير باستخدامها. فإذا كان المسلم مأموراً بعدم منع أخيه من الانتفاع بشيء تافه كهذا، فمن باب أولى ألا يبخل عليه بما هو أعظم منه وأهم.
فالحديث ليس مقصوراً على العصا والجدار فقط، بل هو قاعدة عظيمة تشمل كل منفعة يمكن أن ينتفع بها المسلم من أخيه بدون ضرر يلحق صاحبها. مثل:
* أن يستظل بظل جداره أو سيارته.
* أن يشرب من ماء بيته.
* أن يستعير منه قلماً أو ورقة.
* أن يربط دابته قرب بيته.
* أن يستخدم حمام المنزل العام (إن وجد) للضرورة.
المقصود هو نبذ الشح والبخل في الأمور اليسيرة، وحث النفس على السخاء والسماحة، حتى في أبسط الأشياء.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- التيسير على المسلمين وعدم تضييقهم: من أعظم صفات المؤمن أن يكون يسراً لا عسراً، يسعى في تخفيف المشاق عن إخوانه، وليس في زيادة أعبائهم.
2- ذم الشح والبخل: الحديث ينهى عن خُلُق الشح، وهو شدة الحرص على المال وعدم الرغبة في إنفاقه أو إفادة الغير به ولو بشيء يسير.
3- تقوية أواصر الأخوة الإسلامية: مثل هذه التصرفات السمحة تزرع المحبة في القلوب وتذهب الضغائن، فالمسلم الذي يجد من أخيه الترحيب والبذل حتى في الأمور الصغيرة، يحبه ويودّه.
4- السمو بالنفس عن التعلق بالدنيا: عندما يبخل الإنسان على أخيه بوضع عصاه على جداره، فهذا يدل على تعلقه الشديد بملكيته الدنيوية التافهة. الحديث يأمرنا أن نسمو بأخلاقنا فوق هذا المستوى.
5- الترغيب في الكرم وسعة الصدر: الكرم ليس فقط في بذل المال، بل هو في سعة الصدر والبشاشة وإعطاء الناس حقوقهم من غير منٍّ ولا أذى.

رابعاً. معلومات إضافية:


* هذا الحديث يدخل تحت العموميات الكثيرة التي حث عليها الإسلام من التعاون والتآلف، مثل قوله تعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَىٰ ۖ وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} [المائدة: 2].
* الفقهاء استدلوا بهذا الحديث على أحكام تتعلق بالحقوق العامة والانتفاع بالأمور المباحة التي لا ضرر فيها.
* ينبغي للمسلم أن يتذكر أن هذه الدنيا زائلة، وأن ما يبذله من خير لوجه الله هو ما يبقى له، كما قال صلى الله عليه وسلم: «أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس».
أسأل الله تعالى أن يجعلنا من المتعاونين على البر والتقوى، السمحاء الأنفس، الكرماء الأخلاق، وأن يرزقنا حسن الخلق وحب الخير للغير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أحمد (٢٣٠٧) عن قُتَيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا ابن لهيعة، عن أبي الأسود، عن عكرمة، عن ابن عباس فذكره. وإسناده حسن من أجل ابن لهيعة فإنه صدوق إذا روى عنه العبادلة، وقتيبة بن سعيد.
ورواه ابن ماجة (٢٣٣٧) من وجه آخر عن عبد الله بن وهب، قال: أخبرني ابن لهيعة بإسناده. ولفظُه: «لا يمنع أحدكم جاره أن يغرز خشبة على جداره» وعبد الله بن وهب من أحد العبادلة ممن سمع ابن لهيعة قبل احتراق كتبه. وقال قتيبة بن سعيد: كنا نكتب من كتاب عبد الله بن وهب، ثمّ نسمعه من ابن لهيعة.
وقوله: المرفق هو كل ما يرتفق أي ينتفع به.
وفي الباب أيضًا ما رُوي عن مجمع بن يزيد ورجال من الأنصار رواه ابن ماجة (٢٣٣٦) وأحمد (١٥٩٣٨) وفيه رجال مجهولون.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 76 من أصل 77 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

  • 📜 حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تمنع أخاك أن يضع متاعه على جدارك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Thursday, November 20, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب