حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة
باب ما جاء في ذكر الأوعية التي نهي أن ينتبذ فيها
صحيح: رواه البخاري في الأشربة (٥٥٩٦) عن موسى بن إسماعيل، حدثنا عبد الواحد، ثنا الشيباني، قال: سمعت عبد الله بن أبي أوفى قال .

شرح الحديث:
بسم الله الرحمن الرحيمالحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث رواه الإمام أحمد في مسنده، والإمام الترمذي في سننه، وصححه الألباني. وهو حديث يتناول هديه صلى الله عليه وسلم في آداب الشرب والأكل، والتي هي جزء من كمال شريعتنا الإسلامية التي تنظم كل صغيرة وكبيرة في حياة المسلم.
أولاً. شرح المفردات:
● نهى: أي منع وزجر عن فعل الشيء.
● الجر الأخضر: الجر هو الإناء المصنوع من الفخار أو الخزف. والأخضر هو اللون الذي كان يصبغ به هذه الأواني.
● الأبيض: المقصود به هنا الأواني الفخارية أو الخزفية غير المصبوغة، والتي يكون لونها أبيض طبيعياً.
ثانياً. شرح الحديث:
يخبر الصحابي الجليل عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في الأواني المصنوعة من الفخار والمصبوغة باللون الأخضر.
فسأله الراوي (وهو عبد الله بن أبي أوفى نفسه أو راوٍ آخر في السلسلة): أفنشرب في الأبيض؟ أي في الأواني الفخارية غير المصبوغة، والتي يكون لونها أبيض طبيعياً.
فأجاب النبي صلى الله عليه وسلم: لا. أي أنه نهى عن الشرب في النوعين: المصبوغ الأخضر وغير المصبوغ الأبيض.
ثالثاً. الحكمة من النهي والخلاف فيه:
هنا موضع اهتمام العلماء، فما الحكمة من النهي عن الشرب في هذه الأواني؟
1- الرأي الأول (وهو الراجح): أن النهي كان لأمرٍ عارضٍ متعلق بزمن النبوة، وهو أن هذه الأواني (الجرار) كانت تصنع في أرض العجم (كفارس) وتستورد إلى المدينة. وكان النبي صلى الله عليه وسلم يحب أن يستقل المسلمون في مأكلهم ومشربهم وملبسهم عن الكفار، ولا يتشبهوا بهم. فكان النهي لقطع التشبه بأهل الكفر، وليس لأن الإناء نفسه حرام. وهذا النهي مشابه لنهيه عن لبس الحرير والذهب على الرجال، لأنه كان من زي الأعاجم المتكبرين.
2- الرأي الثاني: أن النهي كان لسبب صحي، إذ أن طينة الفخار مسامية قد تمتص بعض الأوساخ أو الروائح أو تتفاعل مع السوائل، خاصة إذا كانت مصبوغة، فربما تختلط الصبغة بالسائل وتكون ضارة. ولكن هذا الاحتمال أضعف من الأول.
3- الرأي الثالث: أن النهي كان للكراهة التنزيهية وليس للتحريم، وأن الأمر توسع فيه الناس بعد ذلك.
والراجح -والله أعلم- هو الرأي الأول، خاصة أن النبي صلى الله عليه وسلم قد رخص في ذلك بعد ذلك، كما في حديث أنس بن مالك رضي الله عنه: "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بلبن قد شيب بماء، وعن يمينه أعرابي وعن يساره أبو بكر، فشرب ثم أعطى الأعرابي وقال: «الأيمن فالأيمن»". وفي رواية: أن اللبن كان في جرّة.
فهذا يدل على أن النهي كان لعارض ثم زال، أو أن النهي للكراهة وليس للتحريم المطلق.
رابعاً. الدروس المستفادة والفقه في الحديث:
1- التشبه بالكفار ممنوع: من أهم الدروس أن الإسلام يحرص على تميز الشخصية المسلمة وهُوِيَّتها، ويحذر من التقليد الأعمى للأمم الأخرى، خاصة في عاداتهم التي تميزهم.
2- النهي قد يكون لعارض: ليس كل نهي في السنة هو تحريم دائم، بل قد يكون لسبب مؤقت، فيزول النهي بزوال سببه. وهذا يحتاج إلى فقه ونظر في مجموع النصوص.
3- الحرص على الطيبات: الإسلام دين النظافة والطهارة، ويحث على استخدام كل ما هو طيب ونظيف وغير ضار.
4- أدب السؤال: نرى أدب الصحابة رضي الله عنهم في سؤالهم للنبي صلى الله عليه وسلم للتفصيل والاستيضاح، وهذا دأب طالب العلم.
5- الاستقلالية الحضارية: يحث الحديث على أن تكون للأمة مصادرها ومنتجاتها الخاصة التي لا تربطها تبعية للغير.
خامساً:
الحكم الفقهي المعاصر:جمهور الفقهاء على أن الأمر اليوم موسع فيه، وأنه لا حرج في استخدام الأواني الفخارية أو الخزفية، سواء كانت مصبوغة أم لا، وذلك لأن العلة (التشبه بالكفار) قد زالت، فأصبحت هذه الأواني من صنع المسلمين وغيرهم، ولا تميز أمة عن أخرى اليوم. والأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل بالتحريم.
والله تعالى أعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد.
تخريج الحديث
والشيباني هو أبو إسحاق الكوفي واسمه سليمان بن أبي سليمان.
ورواه النسائي (٥٦٢١)، وأحمد (١٩١٠٣) كلاهما من طريق شعبة - وزاد أحمد: وسفيان هو الثوري - عن الشيباني به مثله إلا أنه قال: «لا أدري» بدلا «لا».
وقوله: «قلت» يعني الشيباني.
وعلّق الحافظ على رواية البخاري بقوله: «قوله قال: «لا«يعني أن حكمه حكم الأخضر، فدلَّ على أن الوصف بالخضرة لا مفهوم له، وكان الجرار الخضر كانت شائعة بينهم، فكان ذكر الأخضر لبيان الواقع لا للاحتراز». الفتح (١٠/ ٦١).
قال الأعظمي: يؤيده ما رواه النسائي (٥٦٢٢)، والشافعي في الأم (٦/ ١٩٣) - ومن طريقه البيهقي (٨/ ٣٠٩) - والحميدي (٧١٥) من طريق سفيان هو ابن عيينة، ثنا أبو إسحاق الشيباني، به بلفظ: «نهى
رسول الله ﷺ عن نبيذ الجر الأخضر والأبيض» وزاد الشافعي «والأحمر»، وقال الحميدي: قال سفيان: وثالثا قد نسيته.
وإسناده صحيح.
قال الخطابي: «لم يعلق الحكم في ذلك بالخضرة والياض، وإنما علق بالإسكار، وذلك أن الجرار تسرع التغيير لما يُنبذ فيها، فقد يتغير من قبل أن يُشعر به، فنهوا عنها».
والجر والجرار جمع جرة هو الإناء المصنوع من الفخار.
أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)
الحديث الحالي في المركز 94 من أصل 147 حديثاً له شرح
- 69 أنهاكم عن الدباء والحنتم والنقير والمقير
- 70 اللهم اغفر لعبد القيس إذ أسلموا طائعين غير كارهين غير...
- 71 نهي النبي عن النبذ في الدباء والمزفت
- 72 نهى النبي عن الدباء والمزفت
- 73 نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والحنتم والمقير والمزفت
- 74 نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير
- 75 نهى رسول الله ﷺ عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت
- 76 نهي النبي عن الانتباذ في الدباء والحنتم والمزفت والنقير
- 77 نهى رسول الله ﷺ عن النبذ في الدباء والمزفت
- 78 لا تنتبذوا في الدباء ولا في المزفت
- 79 نهي النبي عن المزفت والحنتم والنقير
- 80 نهي النبي عن الحنتم والدباء والمزفت والنقير
- 81 نهى النبي عن الحنتم والدباء والمزفت والنقير
- 82 نهي النبي ﷺ عن النقير والمزفت والدباء
- 83 ينبذ في الدباء والمزفت
- 84 نهى رسول الله عن الدباء والحنتم والنقير والجعة
- 85 نهى رسول الله ﷺ عن الدباء
- 86 البُسر وحده يكرهه ابن عباس
- 87 النهي عن الدباء والحنتم والمزفت
- 88 لا تنبذوا في الدباء ولا في المزفت ولا في الحنتم
- 89 نهي النبي ﷺ عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير.
- 90 نهينا عن الدباء والنقير والحنتم والمزفت
- 91 نهى رسول الله ﷺ عن نبيذ الجر
- 92 نهى رسول الله عن النقير والمقير والدباء والحنتم
- 93 شراب صنع في دباء أو حنتم أو مزفت
- 94 نهى النبي عن الجر الأخضر
- 95 لا تنبذوا في الجر
- 96 تحريم نبيذ الجر: كل شيء يصنع من المدر
- 97 نهى النبي ﷺ عن نبيذ الجر والدباء
- 98 نهى رسول الله عن الجرار والدباء والظروف المزفتة
- 99 لم أسمع من رسول الله ﷺ في نبيذ الجر شيئًا
- 100 نهي النبي ﷺ عن الدباء والمزفت
- 101 نهى رسول الله ﷺ عن الظروف فقالت الأنصار إنه لا...
- 102 نهى النبي عن الأسقية ورخص في الجر غير المزفت
- 103 أم أسيد تبل التمر للنبي وتتخذه له سويقا
- 104 ينبذ لرسول الله في سقاء فإذا لم يجدوا سقاء نبذ...
- 105 ظرف لا يحل شيئًا ولا يحرّمه، وكل مسكر حرام
- 106 نهي النبي عن النبيذ إلا في سقاء
- 107 لا تشربوا إلا فيما أوكيتم عليه
- 108 إني كنت نهيتكم عن نبيذ الأوعية وكل مسكر حرام
- 109 إني نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة
- 110 نهي النبي عن الشراب الضار واباح الطيب منه
- 111 كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام
- 112 كان يُنبذ لرسول الله ﷺ في تور من حجارة
- 113 كان رسول الله ﷺ ينتبذ له أول الليل فيشربه إذا...
- 114 نهي النبي ﷺ عن بيع الخمر وشرائها والتجارة فيها
- 115 كنت أنبذ له في سقاء من الليل وأوكيه وأعلقه
- 116 ننبذ لرسول الله ﷺ في سقاء يوكى أعلاه
- 117 انبذوه في الشنان ولا تنبذوه في القلل
- 118 يشرب نبيذا فوق ثلاث
معلومات عن حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
📜 حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: نهى النبي عن الجر الأخضر
شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.
قراءة القرآن الكريم
الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم
Wednesday, November 19, 2025
لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب








