حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في قتل الحيات

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما سالمناهن منذ حاربناهن، ومن ترك شيئا منهن خيفة فليس منا».

حسن: رواه أبو داود (٥٢٤٨)، وأحمد (٩٥٨٨، ١٠٧٤١)، والطحاوي في شرح المشكل (١٣٣٨) كلهم من طرق عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.

عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله ﷺ: «ما سالمناهن منذ حاربناهن، ومن ترك شيئا منهن خيفة فليس منا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فسأقوم بشرح هذا الحديث الشريف شرحًا وافيًا وفق منهج أهل السنة والجماعة، معتمدًا على كبار شراح الحديث.

نص الحديث:


عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله ﷺ: «مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا».


١. شرح المفردات:


● سَالَمْنَاهُنَّ: السلم بمعنى الصلح والموادعة. والضمير (هُنَّ) يعود إلى اليهود، كما هو واضح من روايات أخرى للحديث وفي سياقه.
● حَارَبْنَاهُنَّ: حاربناهم وقاتلناهم.
● مِنْهُنَّ: أي من أمور الجهاد ولوازمه، أو من السنن والشرائع التي أمرنا بها، وتحديدًا ترك التخوف من العدو.
● خِيفَةً: خوفًا ورهبة من العدو.
● فَلَيْسَ مِنَّا: أي ليس على طريقتنا وهدينا، أو ليس بملتزم بشرعنا، وهي صيغة تغليظ وزجر، ولا تعني بالضرورة الكفر، بل تعني البعد عن الهدي النبوي الكامل.


٢. شرح الحديث:


المعنى الإجمالي:
يؤكد النبي ﷺ في هذا الحديث على موقف المسلمين الثابت من أعدائهم من اليهود (وهم المقصودون هنا تحديدًا ببنو قينقاع أو غيرهم ممن نكث العهد) بعدما حاربهم ونقضوا عهودهم. فلم يعود هناك مودة أو صلح دائم معهم بعد تلك الحرب والخيانة.
ثم يعلن ﷺ حكمًا عامًا وأصلاً عظيمًا من أصول الدين، وهو أن من ترك أمرًا من أمور الجهاد أو الاستعداد له، أو استعمال ما أُمر به من سلاح أو قوة، خوفًا من العدو وتخاذلًا عنه، فإنه ليس على هدي النبي ﷺ وصحابته، بل قد خرج عن جماعتهم في هذا الباب.
السياق والروايات:
جاء هذا الحديث في سياق أحداث غزوة بني قينقاع، حيث قال رسول الله ﷺ هذه الكلمات بعد نقض اليهود للعهد. ورد في رواية للإمام أحمد: «... مَا سَالَمْنَا يَهُودَ بَنِي قَيْنُقَاعَ مُنْذُ حَارَبْنَاهُمْ...»، مما يحدد المقصود بـ"هُنَّ".
المعنى التفصيلي:
1- «مَا سَالَمْنَاهُنَّ مُنْذُ حَارَبْنَاهُنَّ»: هذا بيان للواقع التاريخي والسياسي الذي كان بين المسلمين ويهود بني قينقاع بعد غدرهم. وهو إعلان أن حالة الحرب والاستعداد لها هي الأصل مع من ينكث العهد ويظهر العداء، وليس حالة الضعف والاستسلام. وهو درس في التعامل مع الأعداء بقوة وثبات.
2- «وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا مِنْهُنَّ خِيفَةً فَلَيْسَ مِنَّا»: هذه الجملة هي لب الحديث وعموده، وهي قاعدة شرعية عظيمة.
* قيل في تفسير «مِنْهُنَّ»: أي من السلاح وآلات الحرب التي يجب على المسلم أن يتسلح بها ويستعد، فمن تركها خوفًا من نظرة الناس أو سخرية العدو أو غير ذلك، فقد خالف الهدي النبوي.
* وقيل: أي من سنن الإسلام وشرائعه المتعلقة بالجهاد والاستعداد، كإظهار القوة وعدم التخاذل.
* والمعنى الجامع: أن التخوّف والجبن وإظهار الضعف أمام العدو، وترك ما يجب من الاستعداد والقوة خوفًا منهم، هو خروج عن منهج النبي ﷺ وأصحابه. فالشجاعة والإعداد وعدم المهابة هي من شيم المؤمن.


٣. الدروس المستفادة والعبر:


1- وجوب الاستعداد والقوة: يأمر الحديث بالاستعداد للعدو وإظهار القوة أمامه، وذم التخاذل والجبن. وهذا مصداق لقوله تعالى: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60].
2- ذم الجبن والخوف من العدو: إن الخوف من العدو مما يذمه الشرع، لأنه يورث الذل والهوان، ويُضعف همة الأمة. والشجاعة والإقدام من صفات المؤمن.
3- الحزم في التعامل مع المنافقين وناقضي العهود: يبين الحديث أن من نقض العهد وحارب الله ورسوله، فلا يصالح إلا من باب المصالح العليا المؤقتة، وأن الأصل معه الحذر والاستعداد.
4- الاقتداء بالنبي ﷺ وصحابته: الحديث يرسخ مبدأ الاقتداء بالهدي النبوي في الشجاعة والثبات وعدم المهابة، وأن مخالفة هذا الهدي توجب الخروج عن هذه الطريقة الفاضلة.
5- معنى «فليس منا»: هذه العبارة تقال فيمن ترك سنة من سنن النبي ﷺ أو خالف أمرًا من أمور الدين جملة، وهي تدل على التغليظ في الزجر والتحذير من ذلك الفعل، وأن فاعله ناقص الإيمان والتأسي بالنبي ﷺ في هذا الجانب.


٤. معلومات إضافية:


* درجة الحديث: حديث صحيح. رواه الإمام أحمد في مسنده، وقال محققو المسند: إسناده صحيح على شرط الشيخين. ورواه أبو داود وغيره.
* الاستنباط الفقهي: يستنبط الفقهاء من هذا الحديث وجوب إظهار قوة المسلمين وعد تخذيل العدو
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٥٢٤٨)، وأحمد (٩٥٨٨، ١٠٧٤١)، والطحاوي في شرح المشكل (١٣٣٨) كلهم من طرق عن محمد بن عجلان، عن أبيه، عن أبي هريرة، فذكره.
ورواه أحمد (٧٣٦٦)، وابن حبان (٥٦٤٤) كلاهما من طريق سفيان (هو ابن عيينة)، عن ابن
عجلان، عن بكير بن عبد الله بن الأشج، عن عجلان، عن أبي هريرة، فذكره. فزاد في الإسناد «بكير بن عبد الله».
والطريقان محفوظان، قال الدارقطني في العلل (١١/ ١٣٨) بعد ما ساق الاختلاف: «ولعل محمد بن عجلان سمعه عن أبيه، واستثبته من بكير بن الأشج».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 932 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

  • 📜 حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: من ترك شيئا منهن خيفة فليس منا

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب