من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ للحيات: «ما سالمناهن منذ حاربناهن، فمن تركهن خيفتهن فليس منا».

صحيح: رواه الطحاوي في شرح المشكل (١٣٣٩) عن بكار (هو ابن قتيبة)، قال: ثنا أبو داود (هو الطيالسي)، حدثنا زائدة بن قدامة، عن منصور، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود فذكر مثل حديث أبي هريرة.

تخريج الحديث كاملاً ⏬

عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ للحيات: «ما سالمناهن منذ حاربناهن، فمن تركهن خيفتهن فليس منا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم أيها السائل الكريم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا الحديث الذي ذكر حديث صحيح، رواه الإمام أحمد في مسنده، وأبو داود في سننه، وغيرهم، عن الصحابي الجليل عبد الله بن مسعود رضي الله عنه.

أولاً. شرح المفردات:

● الحيات: جمع حية، وهي نوع من الثعابين المؤذية.
● ما سالمناهن: لم نعقد معهن صلحاً أو هدنة.
● منذ حاربناهن: من الوقت الذي بدأنا فيه محاربتهن ومعاداتهن.
● فمن تركهن: أي من ترك قتلهن وإبادتهن.
● خيفتهن: بسبب خوفه منهن.
● فليس منا: أي فليس على طريقتنا وسنتنا، أو ليس متبعاً لهدينا.

ثانياً. شرح الحديث:

يخبرنا النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث العظيم أن بيننا وبين الحيات، وهي نوع من الأفاعي المؤذية التي قد تقتل أو تصيب بأذى كبير، عداوة ومحاربة مستمرة منذ زمن. لم نعقد معها صلحاً ولا هدنة.
ثم يبين صلى الله عليه وسلم حكماً مهماً، وهو أن من يترك قتل هذه الحيات ويترك التخلص منها، لا لأنه رحمة بها أو لأنه لا يجد سبيلاً لقتلها، بل بسبب الخوف منها والجبن أمامها، فإن هذا الفعل ينقله عن دائرة الاقتداء الكامل بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، ويبعده عن هديهم وسنتهم. فهو ليس على طريقتهم في الشجاعة والتوكل على الله ودفع الأذى.

ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:

1- وجوب قتل الحيات والأفاعي المؤذية: هذا الحديث أصل في الأمر بقتل ما يؤذي من الحيوانات، خاصة الحيات والعقارب، لدفع ضررها عن النفس والمال. وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء.
2- ذم الجبن والخوف من غير الله: يذم النبي صلى الله عليه وسلم صفة الجبن التي تمنع المسلم من فعل ما يجب عليه، وهو هنا دفع الأذى. فالمسلم يتوكل على الله ويستعين به، ولا يجعل الخوف من المخلوقات سبباً في ترك الأمر بالمعروف أو النهي عن المنكر أو دفع الضرر.
3- الاقتداء الكامل بالنبي ﷺ: قوله: "فليس منا" تحذير شديد من مخالفة هدي النبي صلى الله عليه وسلم وسنته. وهو يدل على أن تحقيق متابعة النبي تكون في الأقوال والأفعال والصفات، ومنها صفة الشجاعة.
4- الفقه في التعامل مع الحيوانات: ليس المقصود الإبادة العشوائية لكل حية، بل المقصود هي المؤذية التي تخشى ضررها. أما التي في البراري ولا تؤذي أحداً، أو التي يأمر الشرع بحفظها (كأن تكون في حرم مثلاً)، فلها أحكام أخرى. والمقصود هنا هي الحيات التي قد تدخل البيوت وتؤذي الناس.

رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:

- يستثنى من ذلك "الجبسون" أو "الأبتر" كما في بعض الأحاديث (وهي حية لها علامة معينة)، فقد ورد النهي عن قتلها إذا كانت في البيت لوقت معين، مع الأمر بإخراجها بعد إنذارها ثلاث مرات. وهذا يحتاج إلى تفصيل أكثر.
- على المسلم أن يحذر ويتفقد بيته من وجود هذه الحيات، خاصة في الأماكن الريفية أو التي يكثر فيها هذه الكائنات.
- يجوز للمسلم أن يقتل الحية في الحرم (مكة والمدينة) إذا خاف ضررها، لأن دفع الضرر مقدم.
أسأل الله أن يحفظنا جميعاً من كل أذى، وأن يرزقنا الشجاعة والإيمان، وأن يمكننا من الاقتداء الكامل بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

📝 تنبيه هام:

نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:

📧 التواصل للإبلاغ عن خطأ

"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه الطحاوي في شرح المشكل (١٣٣٩) عن بكار (هو ابن قتيبة)، قال: ثنا أبو داود (هو الطيالسي)، حدثنا زائدة بن قدامة، عن منصور، عن عبد الله بن مرة، عن مسروق، عن عبد الله بن مسعود فذكر مثل حديث أبي هريرة. أي لم يذكر الطحاوي لفظ حديث ابن مسعود، إنما أحال على لفظ حديث أبي هريرة الذي قبله. وهذا إسناد صحيح.
ورواه أبو داود (٥٢٤٩)، والنسائي (٦/ ٥١) كلاهما من طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن أبيه، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «اقتلوا الحيات كلهن، فمن خاف ثأرهن فليس مني».
وشريك هو ابن عبد الله النخعي القاضي سيء الحفظ، ووالد القاسم هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه إلا أربعة أحاديث، وليس هذا منها. ومعنى اللفظين متقارب.

العودة إلى الأعلى

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 933 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

📜 حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.
🔍 صحة حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.
📖 تخريج حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.
📚 شرح حديث: من ترك الحيات خيفتهن فليس منا

شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.

قراءة القرآن الكريم

سورة البقرة	آل عمران	سورة النساء
سورة المائدة	سورة يوسف	سورة ابراهيم
سورة الحجر	سورة الكهف	سورة مريم
سورة الحج	سورة القصص	العنكبوت
سورة السجدة	سورة يس	سورة الدخان
سورة الفتح	سورة الحجرات	سورة ق
سورة النجم	سورة الرحمن	سورة الواقعة
سورة الحشر	سورة الملك	سورة الحاقة
سورة الانشقاق	سورة الأعلى	سورة الغاشية