حديث: الطيرة من الشرك

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب ما جاء في كراهية الطيرة في الإسلام وهي الشؤم

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «الطيرة من الشرك، وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل».
وفي لفظ: «الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثا».

صحيح: رواه أبو داود (٣٩١٠)، والترمذي (١٦١٤)، وابن ماجه (٣٥٣٨)، وأحمد (٣٦٨٧، ٤١٧١)، وصحّحه ابن حبان (٦١٢٢)، والحاكم (١/ ١٧، ١٨) كلهم من طرق عن سلمة بن كهيل، عن عيسى بن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره.

عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله ﷺ: «الطيرة من الشرك، وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل».
وفي لفظ: «الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثا».

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
حياكم الله و بياكم، ونسأل الله أن يوفقنا وإياكم للعلم النافع والعمل الصالح، ولفهم كتابه وسنة نبيه ،وأن يعلمنا ما ينفعنا وينفعنا بما علمنا، وأن يزيدنا علماً وفقهاً وتوفيقاً وأجراً إنه هو الكريم الوهاب.
هذا حديث عظيم من جوامع كلم النبي صلى الله عليه وسلم، ينهى عن أمر شائع في الجاهلية ويبين حكمه في الإسلام. وإليك الشرح الوافي له على النحو التالي:

أولاً. شرح المفردات:


● الطيرة: هي التشاؤم بمرئي أو مسموع أو معلوم. كأن يتشاءم الإنسان من رؤية غراب أو سماع اسم معين، أو يعتقد أن خروجه في ساعة معينة يجلب له الشؤم.
● من الشرك: أي أنها نوع من أنواع الشرك الأصغر، لأن المتطير يربط النتائج بأسباب غير حقيقية لم يشرعها الله، فكأنه أشرك مع الله شيئاً في تدبير أموره.
● وما منا: أي وما الطيرة من خصالنا كمسلمين، بل هي من فعل أهل الجاهلية.
● ولكن الله يذهبه بالتوكل: أي أن الله تعالى يدفع عن العبد وساوس التشاؤم وأضرارها إذا توكل على الله حق توكله، واعتمد عليه في جلب الخير ودفع الضر.


ثانياً. شرح الحديث:


يُبيّن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث حكم الطيرة أو التشاؤم، فيقول:
1- «الطيرة من الشرك»: يحذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاعتقاد في الطيرة، ويصرح بأنها من أفعال الشرك، لأنها تتضمن إسناد التأثير لغير الله تعالى. فالمتطير يعتقد أن هذا الشيء (كصوت الغراب أو لون معين) يجلب له الضرر أو يمنع الخير، وهذا منافٍ لكمال التوحيد الذي يقتضي إفراد الله تعالى بالخوف والرجاء والتأثير.
2- «وما منا ولكن الله يذهبه بالتوكل»: ثم يبين صلى الله عليه وسلم أن هذه الخصلة الذميمة ليست من أخلاق المسلمين المؤمنين بالله والقدر، بل هي من بقايا الجاهلية. ويقدم العلاج النافع لها، ألا وهو التوكل على الله، فإذا استشعر العبد أن الله هو المدبر وحده، وأن كل شيء بقضائه وقدره، وأن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، فإن هذا الإيمان يطرد من قلبه وساوس التشاؤم والخوف من غير الله.
3- «الطيرة شرك، الطيرة شرك ثلاثا»: وفي اللفظ الآخر يكرر النبي صلى الله عليه وسلم التحذير من هذا الفعل ثلاث مرات للتأكيد على خطورته والتنفير منه، مما يدل على عظم شأنه وقبحه عند الله.


ثالثاً. الدروس المستفادة والعبر:


1- تحريم التشاؤم (الطيرة) وبيان أنه من الشرك الأصغر: وهذا أصل عظيم في العقيدة، فالمسلم يؤمن بأن النافع والضار هو الله وحده، ولا يجوز أن يخاف من مخلوق أو يتشاءم من شيء لم يجعل الله له سبباً.
2- الفارق بين الطيرة والتفاؤل: نهى الإسلام عن الطيرة وأمر بالتفاؤل، كما في حديث: «ولا طيرة، ويعجبني الفأل». والفأل هو الكلمة الطيبة أو الأمر الحسن الذي يتفاءل به المسلم بخير، وهذا من حسن الظن بالله.
3- التوكل على الله هو العلاج: لا يعالج الوسواس والخوف إلا بالتوكل الصادق على الله واليقين بقضائه وقدره.
4- التكرار في النهي للتحذير: تكرار النبي صلى الله عليه وسلم للنهي عن الطيرة يدل على أهمية الموضوع وخطورة الاستهانة به.


رابعاً. معلومات إضافية مفيدة:


● الفرق بين الطيرة والفأل: الطيرة محرمة لأنها تشاؤم وسوء ظن بالله، أما الفأل (كالتفاؤل بالاسم الحسن أو الكلمة الطيبة) فهو مستحب لأنه حسن ظن بالله وطمع في خيره.
● حكم العمل بالطيرة: إذا ترك الإنسان عملاً بسبب الطيرة (كترك السفر أو الزواج) فإنه يأثم، لأنه عصى الله واتبع وساوس الشيطان.
● ما يقال عند الشعور بالطيرة: كان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم أصحابه أن يقولوا عند الشعور بالتشاؤم: «اللَّهُمَّ لاَ طَيْرَ إِلَّا طَيْرُكَ، وَلاَ خَيْرَ إِلَّا خَيْرُكَ، وَلاَ إِلَهَ غَيْرُكَ» (رواه أحمد).
أسأل الله أن يعيذنا من الشرك كله دقه وجله، وأن يملأ قلوبنا توكلًا عليه وتفاؤلاً بخيره.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٩١٠)، والترمذي (١٦١٤)، وابن ماجه (٣٥٣٨)، وأحمد (٣٦٨٧، ٤١٧١)، وصحّحه ابن حبان (٦١٢٢)، والحاكم (١/ ١٧، ١٨) كلهم من طرق عن سلمة بن كهيل، عن عيسى بن عاصم، عن زر، عن عبد الله بن مسعود قال: فذكره. واللفظ الثاني لأبي داود. وإسناده صحيح.
وقال الترمذي: «وهذا حديث حسن صحيح، لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن كهيل» اهـ.
وقال الحاكم: «هذا حديث صحيح سنده، ثقات رواته، ولم يخرجاه».
وقال الترمذي في العلل الكبير (٢/ ٦٩١): «قال محمد (يعني البخاري): وكان سليمان بن حرب ينكر هذا الحديث أن يكون عن النبي ﷺ لهذا الحرف: «وما منا«، وكان يقول: هذا كأنه عن عبد الله بن مسعود قوله» اهـ.

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 937 من أصل 1112 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: الطيرة من الشرك

  • 📜 حديث: الطيرة من الشرك

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: الطيرة من الشرك

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: الطيرة من الشرك

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: الطيرة من الشرك

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب