حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

📚 كتب الحديث | 🔍 صحة حديث | 📖 الأحاديث الصحيحة

باب النهي عن بيع الثمار حتى يبدو صلاحها

عن زيد بن ثابت قال: كان الناس في عهد رسول اللَّه ﷺ يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُمان، أصابه مرض، أصابه قشام -عاهات يحتجون بها-، فقال رسول اللَّه ﷺ لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: «فإما لا فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم.

صحيح: رواه أبو داود (٣٣٧٢)، وأحمد (٢١٦٦٦٢)، والبيهقي (٥/ ٣٠١ - ٣٠٢) كلهم من حديث يونس بن محمد قال: سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما ذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال فذكر الحديث نحوه.

عن زيد بن ثابت قال: كان الناس في عهد رسول اللَّه ﷺ يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُمان، أصابه مرض، أصابه قشام -عاهات يحتجون بها-، فقال رسول اللَّه ﷺ لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: «فإما لا فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم.

شرح الحديث:

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أما بعد، فإليك شرح هذا الحديث النبوي الشريف شرحاً وافياً مستنداً إلى كبار شراح الحديث من أهل السنة والجماعة:

الحديث:


عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: كان الناس في عهد رسول اللَّه ﷺ يتبايعون الثمار، فإذا جذ الناس وحضر تقاضيهم قال المبتاع: إنه أصاب الثمر الدُمان، أصابه مرض، أصابه قشام -عاهات يحتجون بها-، فقال رسول اللَّه ﷺ لما كثرت عنده الخصومة في ذلك: «فإما لا فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» كالمشورة يشير بها لكثرة خصومتهم.
رواه البخاري ومسلم.


1. شرح المفردات:


● يتبايعون الثمار: أي يبيعون ويشترون الثمار وهي على الأشجار قبل أن يصيبها الصلاح.
● جذ الناس: الجذ هو القطع، أي حين حان وقت قطاف الثمار وجنيها.
● حضر تقاضيهم: أي حين حان وقت قبض الثمار وتسليمها للمشتري.
● الدمان: جمع دَمْن، وهو العفن والفساد الذي يصيب الثمر.
● مرض: أي الآفة والفساد.
● قشام: هو ما يسقط من الثمر اليابس قبل نضجه.
● عاهات: أي عيوب ونواقص.
● يحتجون بها: أي يتعلل بها المشتري لطلب نقص الثمن أو فسخ البيع.
● حتى يبدو صلاح الثمر: حتى يظهر نضج الثمار ويبان صلاحها للأكل.
● كالمشورة: أي أن النبي ﷺ قال ذلك على سبيل النصح والإرشاد لهم.


2. شرح الحديث:


يخبرنا الصحابي الجليل زيد بن ثابت رضي الله عنه عن حالة كانت موجودة في زمن النبي ﷺ، حيث كان الناس يمارسون بيع الثمار وهيまだ على الأشجار قبل أن تنضج ويظهر صلاحها.
كان البائع يبيع ثمار بستانه للمشتري وهي خضراء لم تنضج بعد، على أمل أن تنمو وتصلح. ولكن حين يحين وقت القطاف والتسليم، يجد المشتري أن الثمار أصابها تلف أو عيوب لم تكن متوقعة (كالعفن أو الآفات أو سقوط بعضها قبل النضج)، فيحتج بهذه العيوب ويطلب من البائع تخفيض الثمن أو فسخ العقد، مما كان يؤدي إلى نشوب الخصومات والمشاجرات بينهم.
فلما كثرت هذه الخصومات ووصلت إلى النبي ﷺ، حسم الأمر بهذا التوجيه الحكيم الذي يقطع دابر النزاع، حيث نهاهم عن بيع الثمار قبل أن يبدو صلاحها، أي قبل أن تصلح للأكل ويظهر نضجها ويقل معه خطر تلفها.
وقوله ﷺ: «فإما لا فلا تتبايعوا حتى يبدو صلاح الثمر» هو أسلوب حازم يعني: إذا كنتم لا تريدون الوقوع في الخصام والندم، فلا تبيعوا الثمار إلا بعد بدو صلاحها.


3. الدروس المستفادة منه:


1- تحريم بيع الثمار قبل بدو صلاحها: هذا الحديث أصل من أصول تحريم بيع "الزرع" قبل ظهور صلاحه، وهو ما يعرف في الفقه ببيع "الثمار قبل بدو صلاحها" وهو من أنواع الغرر المحرم، لما فيه من جهالة ومخاطرة تؤدي إلى النزاع.
2- سد الذرائع المفضية إلى النزاع: الشريعة الإسلامية جاءت لتحقيق المصالح ودرء المفاسد. وهذا النهي من النبي ﷺ يهدف إلى منع سبب الخصومة والعداوة بين المسلمين.
3- الحكمة من النهي: البيع قبل بدو الصلاح غرر وجهالة، إذ لا يدري البائع ولا المشتري هل ستسلم الثمار من الآفات أم سيتلف معظمها؟ وهذا مخاطرة ومقامرة محرمة.
4- مراعاة مصلحة العباد: تشريعات الإسلام كلها تهدف إلى حفظ أموال الناس وعقولهم وأعراضهم. وهذا النهي يحفظ أموال الناس من الضياع ويحفظ علاقاتهم من التفسخ.
5- بدو الصلاح يختلف باختلاف الثمار: بدو صلاح الثمر يختلف باختلاف نوعه، ففي النخيل يكون باحمرار أو اصفرار الثمر، وفي العنب بتكون الحبات، وهكذا.


4. معلومات إضافية مفيدة:


- هذا الحديث متفق عليه، وهو من الأحاديث التي عليها مدار باب "بيوع الغرر" في كتب الفقه.
- العلماء استنبطوا من هذا الحديث تحريم بيع كل ما فيه غرر وجهالة كبيرة تؤدي إلى نزاع، وليس فقط الثمار.
- الفقهاء قاسوا على الثمار كل ما يشابهها من المحاصيل الزراعية التي يمكن أن تتعرض للآفات قبل نضجها.
- الحديث يدل على أن النبي ﷺ كان يحسم مادة النزاع بين الناس ويأمر بما فيه صلاحهم في دينهم ودنياهم.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.
📝 تنبيه هام:
نرحب بتصويباتكم! إذا وجدت أي خطأ في نص الحديث أو السند أو الشرح، فيرجى إبلاغنا عبر صفحة الاتصال:
"مَنْ سَنَّ فِي الإِسْلَامِ سُنَّةً حَسَنَةً فَلَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا"

تخريج الحديث

رواه أبو داود (٣٣٧٢)، وأحمد (٢١٦٦٦٢)، والبيهقي (٥/ ٣٠١ - ٣٠٢) كلهم من حديث يونس بن محمد قال: سألت أبا الزناد عن بيع الثمر قبل أن يبدو صلاحه، وما ذكر في ذلك، فقال: كان عروة بن الزبير يحدث عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال فذكر الحديث نحوه. هكذا قال أبو داود.
وعلقه البخاري في صحيحه (٢١٩٣) قال: قال الليث عن أبي الزناد، عن عروة، عن سهل بن أبي حثمة، عن زيد بن ثابت قال فذكره.
قال (أي أبو الزناد): وأخبرني خارجة بن زيد بن ثابت أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا، فيتبين الأصفر من الأحمر.
قال أبو عبد اللَّه (أي البخاري): رواه علي بن بحر، حدثنا حكام، حدثنا عنبسة، عن زكريا، عن أبي الزناد، عن سهل، عن زيد.
وأما أحمد فرواه عن يونس بن محمد، حدثنا عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن أبي الزناد، عن أبيه، عن خارجة بن زيد قال: قال زيد بن ثابت: قدم رسول اللَّه ﷺ المدينة، ونحن نبتاع الثمار قبل أن يبدو صلاحها. فذكر نحوه.
وإسناده صحيح، وعبد الرحمن بن أبي الزناد فيه كلام يسير، إِلَّا أنه توبع.
وأبو الزناد هو عبد اللَّه بن ذكوان والد عبد الرحمن.
قوله: «جذ الناس» بالجيم والذال المعجمة الثقيلة، أي قطعوا ثمر النخل. والجذاذ صرام النخل، وهو قطع ثمرتها وأخذها من الشجر.
وقوله: «الدمان» فسر بفساد الطلع، وتعفنه، وسواده.
وقوله: «قُشام» فسر في رواية بأنه شيء يصيبه حتى لا يرطب. وقيل: أن ينتقص ثمر النخل قبل أن يصير بلحا.
وقوله: «فإما لا» أصلها «إن» الشرطية، و«ما» زائدة، فأدغمت، والمعنى: إن لم تفعل كذا فافعل كذا.
وقوله: «حتى تطلع الثريا» أي مع الفجر في أول فصل الصيف، وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز، فالمعتبر في الحقيقة النضج، وطلوع الثريا علامة له.
وقول البخاري: «رواه ابن بحر». هو شيخه القطان الرازي. وحكام هو ابن سلم الرازي أيضًا. وعنبسة -بسكون النون- هو ابن سعيد الكوفي، عرف بالرازي أيضًا.
وهذا الحديث أخرجه أبو داود -كما سبق- عن أحمد بن صالح، حدثنا عنبسة بن خالد، عن يونس بن محمد فهو غير عنبسة بن سعيد الذي ذكره البخاري، كما نبه عليه الحافظ ابن حجر في الفتح (٤/ ٣٩٥ - ٣٩٦)، فهما اثنان، ومن ظن أنهما واحد فقد وهم.
وقال: «وليس لعنبسة بن سعيد في البخاري سوى هذا الموضع الموقوف بخلاف عنبسة بن خالد».

أحاديث لها شرح في هذا الكتاب (عرض 50 حديثاً حول الحديث الحالي)

الحديث الحالي في المركز 358 من أصل 506 حديثاً له شرح

معلومات عن حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

  • 📜 حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

    نص الحديث الشريف كاملاً مع ذكر الرواة وسند الحديث المتصل بسلسلة الإسناد الصحيحة حتى النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

  • 🔍 صحة حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

    تحليل درجة صحة الحديث من حيث السند والمتن وفق معايير علم الحديث، مع بيان حكم العلماء عليه من حيث القبول والرد.

  • 📖 تخريج حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

    تخريج الحديث من مصادر السنة النبوية المعتمدة وكتب الصحاح والسنن، مع ذكر أماكن وروده في المصادر الحديثية المختلفة.

  • 📚 شرح حديث: لا تتبايعوا الثمار حتى يبدو صلاحها

    شرح وافي للمعاني والمفردات والفوائد المستنبطة من الحديث، مع بيان الأحكام الشرعية والعبر المستفادة لتطبيقها في الحياة العملية.


قراءة القرآن الكريم


سورة البقرة آل عمران سورة النساء
سورة المائدة سورة يوسف سورة ابراهيم
سورة الحجر سورة الكهف سورة مريم
سورة الحج سورة القصص العنكبوت
سورة السجدة سورة يس سورة الدخان
سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق
سورة النجم سورة الرحمن سورة الواقعة
سورة الحشر سورة الملك سورة الحاقة
سورة الانشقاق سورة الأعلى سورة الغاشية

الباحث القرآني | البحث في القرآن الكريم


Wednesday, November 19, 2025

لا تنسنا من دعوة صالحة بظهر الغيب